+ A
A -
كتب- بكر بهجت


شهدت الأسواق المحلية القطرية تغيرات كبيرة على مدار الأشهر الماضية، خاصة منذ فرض الحصار الجائر من قبل دول الرباعية على قطر وشعبها، حيث لعب قطاع التجزئة دوراً كبيراً في إحداث انتعاشة بالمنتجات الوطنية، وتلبية احتياجات المواطنين.
وأكد خبراء ومحللون أن أسواق التجزئة القطرية استفادت كثيراً من الحصار الجائر، حيث شهدت نمواً متزايداً، مع زيادة الإقبال عليها، وفي ظل نمو الاستهلاك في الدوحة فإن ارتفاع أعداد المولات التجارية التي يجرى إنشاؤها لتلبية الطلب المحلي يعد مؤشراً إيجابياً على قوة السوق القطرية
ووفقاً لأحدث دراسة أصدرتها شركة «دي تي زي» حول قطاع التجزئة القطري، فإنه يوجد حالياً حوالي 1.3 مليون متر مربع من مساحات التجزئة بمراحل مختلفة من البناء، والتي من المقرر افتتاحها بحلول عام 2019، مشيرة إلى أن تلك المساحة تمثل زيادة بنسبة 220 % على المعروض الحالي، وسيكون لها تأثير كبير على ديناميكيات سوق التجزئة في قطر إذا تم إنجازها بالشكل المخطط.
الخبير الاقتصادي السيد الصيفي أكد أن المشهد التجاري في قطر تغير تماماً على مدار الأشهر الأخيرة سواء على الساحة الخارجية أو الداخلية، مشيراً إلى أن الدوحة أمنت أسواقها منذ فرض الحصار عليها من قبل دول الرباعية عن طريق اتفاقيات تجارية ضخمة، كما أن التحركات الداخلية شكلت أهمية كبيرة لضبط الأسواق وتلبية الطلب.
وأضاف أن قطاع التجزئة القطري بات الأسرع نمواً في منطقة الخليج خلال السنوات الماضية بشكل عام ومنذ فرض الحصار بشكل خاص في ظل التحديات التي فرضها والتي نجحت قطر في مواجهتها، لافتاً إلى المراكز التجارية لعبت دوراً أكبر في دعم المنتجات الوطنية ودعم المبادرات التي أظهرت القدرة على الإبداع والتجديد، ولم يقتصرها دورها في أن تكون واجهة لـ«الماركات العالمية».
وتابع إن المشاريع التنموية التي تشهدها قطر بمختلف القطاعات الاستثمارية والتنموية تشير إلى أن الاستهلاك في طريقه نحو مزيد من الارتفاع خلال السنوت المقبلة، مما سيرفع قدرتها على استيعاب أكبر عدد من المولات في السنوات المقبلة، مؤكدا أن قطر استطاعت أن تحجز مقعداً مميزاً في المشهد التجاري بمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام وليس في منطقة الخليج فقط، بعد أن سجلت أعلى معدلات النمو في قطاع التجزئة بدول التعاون واحتلت المرتبة الرابعة عالمياً، نتيجة النمو السكاني السريع والقوة الشرائية المرتفعة للفرد الواحد.
وفي تصريحات له مؤخراً أكد الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين، أن المولات التجارية ساهمت في دعم التسوق السياحي وتعزيز مبادرات المنتج الوطني، وهناك من يأتي إلى قطر للسياحة والتسوق، خاصة مع توافر معظم منافذ الماركات العالمية، موضحاً أن قطر في حاجة إلى مراكز تجارية متخصصة بشكل أكبر في السياحة.
ولفت إلى أن التنمية الحاصلة في قطر وما وصلت إليه من تطور وتوسع في السنوات الماضية، وما هو متوقع في السنوات المقبلة، يستوعب ثلاثة أضعاف المولات الموجودة حالياً، بالإضافة إلى أن السوق القطري في حاجة إلى مولات متخصصة كالمولات الشعبية والسياحية وغيرها، موضحا أن المراكز التجارية الضخمة سهلت الكثير على المقيمين والمواطنين وزوار قطر أيضاً، وأصبح الفرد يستطيع أن يتسوق وينجز معاملات بنكية ومعاملات متعلقة بالتأمين، بالإضافة إلى وجود مكاتب للمرور وبعض الخدمات الحكومية الأخرى، في الوقت الذي تقضي فيه الأسرة والأبناء وقتاً ممتعاً في العديد من وسائل الترفيه.
وتتمثل التطورات القادمة في قطاع التجزئة في كل من مول قطر، والدوحة مول، وفستيفال سيتي القادرة على تأمين عدد من العلامات التجارية العالمية والتي تدفع إيجارات متميزة لتلك المراكز، ومع ازدياد الطلب علي السلع من المتوقع أن تجد العديد من العلامات التجارية مكانها في السوق القطري كما ستقفز مساحة البيع بالتجزئة لنحو مليون متر مربع في الدوحة في السنوات المقبلة.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي رجب الإسماعيل إن كافة التوقعات تشير إلى انتعاش قطاع البيع بالتجزئة خلال السنوات القادمة بشكل سيفوق القطاع السكني الذي بدأ ينتعش تدريجياً حالياً والطلب المحلي منذ فرض الحصار، مشيراً إلى أن الحركة التجارية داخل المولات التجارية لم تعد تسير وفق ما هو متعارف فقط بل على العكس فإنها تحسنت أكثر وأكثر في الأداء عبر ارتفاع الحركة التجارية.
وشدد على ضرورة تعزيز العمل على أن تعزيز دور المراكز التجارية الكبرى في أن تكون أكثر إبرازاً للمنتج الوطني، عبر إدخالها ضمن المبادرات القطرية، مشيراً إلى أهمية أن يحدث ذلك بالتوازي مع فتح المجال أمام رواد الأعمال لتأسيس مشروعات تجارية داخل هذه الفضاءات وألا تبقى حكراً على العلامات التجارية العالمية فقط.
ولفت إلى أن قطاع التجزئة بكل فئاته، سوق واعد في قطر، فكل المؤشرات تؤكد أن حجم المولات والمحال والأسواق التجارية الحالية لا يكفي عدد السكان القابل للزيادة في السنوات القادمة متأثراً بحجم المشاريع التي سيتم البدء في تنفيذها لاستضافة مونديال كأس العالم 2022 . ومن المتوقع وفقاً للبرامج التي تم الإعلان عنها في السنوات القليلة الماضية افتتاح 8 مراكز تجارية كبرى جديدة في الدولة بنهاية العام الجاري 2017 وبداية العام 2018، تضاف إلى المولات القائمة في الوقت الذي يرى فيه المراقبون أن هذه المولات تقدم خيارات واسعة ومنتجات تلبي احتياجات المتسوقين والمستهلكين وتواكب النمو السكاني في الدولة، فضلًا عن تلبية استحقاقات مونديال كأس العالم 2022.
وأشارت دراسات إلى أن دول الخليج بشكل عام تتمتع بإقبال على المولات كأماكن للترفيه نتيجة حرارة الجو في الأماكن المفتوحة في فصل الصيف، أو البرودة والمطر في فصل الشتاء، بالإضافة إلى كونها تجمع بين العديد من أدوات الترفيه كالسينما وألعاب الأطفال، بالإضافة إلى المطاعم والكافيهات وأماكن التسوق، مشيرة إلى أن من يتسوقون يحتاجون إلى الجلوس وتناول الطعام أو الشراب أو ترك الأطفال في أماكن الألعاب.
وكشفت دراسة صادرة عن شركة (البن كابتيال)، فإنه رغم تراجع أسعار النفط، إلا أن سوق التجزئة في قطر والخليج يتوقع أن يشهد نمواً مطرداً، حيث ستصل تجارة التجزئة الخليجية إلى 221 مليار دولار، بنمو في حدود 7.3 % حتى العام 2018، ووصولا إلى 284.5 مليار دولار خلال 2019، مدعوماً بافتتاح العديد من المولات والمتاجر الراقية في المنطقة.
وتوقع التقرير أن تشهد تجارة التجزئة نمواً في قطر بدرجة كبيرة للمساحات القابلة للتاجير، وفي مشاريع التجزئة، بفعل النمو القوي للاقتصاديات، وازدياد معدلات الشراء للشباب وقوة الشراء للمغتربين وفعاليات كأس العالم والتي تستضيفها قطر، مشيراً إلى أن أكثر أسواق تجارة التجزئة نمواً هو السوق القطري، ويعود ذلك إلى التطور الهائل في مشاريع البنى التحتية وزيادة السكان.
وبحسب التقرير، فإن حجم إجمالي مبيعات التجزئة بلغ 12.34 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الماضي بنمو 9.7 % سنويا خلال الأربع سنوات الماضية، وأن مساحات تجارة التجزئة في قطر 773 ألف متر مربع ومن المتوقع أن ترتفع مع نهاية العام المقبل إلى 1.5 مليون متر مربع، وذلك بسبب الطلب المتزايد على بناء المولات.
ويتوقع أن تستقطب مولات قطر 20 مليون زائر خلال الفترة المقبلة، حيث يتبين من المخططات أن محلات التجزئة والمولات ستستقطب من 13 إلى 15 من أفضل العلامات التجارية في العالم نتيجة الطلب المحلي على العلامات التجارية الفاخرة.
copy short url   نسخ
18/12/2017
2104