+ A
A -
حوار- محمد حربي
أشاد الدكتور سلطان بركات، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، بمساحة حرية الفكر المتاحة في الأجواء القطرية أكثر مما هي عليه في مجتمعات عربية أخرى، مما يعطي الفرصة للباحثين والمحللين، لكي يفكروا ويعبروا عن أفكارهم بشجاعة، دون خوف أو تردد، مؤكدا أن دولة قطر من أكثر الدول العربية الفاعلة في مجال العمل الإغاثي والإنساني، وحل النزاعات إقليميا ودوليا، وقد كانت حاضرة ممثلة في رموز لها خبرات كبيرة في هذا المجال، وهي سعادة الشيخة حصة آل ثاني، مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون الإنسانية والإغاثية، وسعادة الدكتور محمد بن غانم العلي المعاضيد رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري، وهو أكبر جمعية عربية ودولية، وسعادة السفير الدكتور أحمد بن محمد المريخي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
موضحا أن المكسب الحقيقي لمؤتمر «الأزمات والنزاعات في الوطن العربي: نحو تجاوب محلي»، والذي يعد الأول من نوعه، الذي ينظمه مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، بمعهد الدوحة للدراسات العليا، أنه تمت إتاحة الفرصة أمام الشباب من مناطق إقليمية مختلفة عالميا، للحديث عن هذه القضية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، لافتا إلى أنهم سوف يواصلون تشجيع هذه الكوادر مستقبلا.
وأكد الدكتور سلطان بركان، أن المؤتمر كان هدفه بالدرجة الأولى التركيز على العامل المحلي، سواء على مستوى المجتمعات، أو المؤسسات، أو القيادات المحلية، وتسليط الضوء على أهميتها في إدارة النزاع وإنجاح العمل الإنساني بشكل عام، على مختلف الأصعدة والنواحي اللوجستية، والسياسية، والاقتصادية.
وقال الدكتور سلطان بركات: إن الشائع عالميا، أن الحلول دائما تأتي من الخارج، وهي معولمة، وتعتمد على الفاعلين على مستوى العالم، إلا أن مثل هذه الحلول لا يمكن أن تكون مستدامة، موضحا أن منطقة الشرق الأوسط تعيش حالة مضطربة، وخاصة فيما يتعلق بالنزاع القائم في دولة فلسطين، ومرورا بسوريا، فاليمن، فإنه حان الوقت من أجل الاعتماد على الحلول المحلية بالدرجة الأولى، ومن بعدها يمكن الاستعانة بالعامل الدولي كمساعد، وليس كعنصر جوهري.
وأوضح أنه لا بد من تفعيل دور المجتمع المدني في بيئتنا العربية، مشيرا إلى أنه من الأهمية الأخذ بعين الاعتبار، أنه توجد هناك العديد من التعريفات الموسعة لهذا المجتمع، ومنها القيادات القبلية، والعشائرية، والقيادات المجتمعية على مستوى الحارة، والقرية، والمدينة، إلى جانب مؤسسات المجتمعات المدنية، وبالتالي كيفية التعامل معها جميعا، وإفساح المجال أمامها ومنحها الفرصة للقيام بدورها في حل النزاعات، قبل أن تستفحل، وتتمدد على نطاقات شاسعة، حتى لا يقتصر انتشارها على مستوى الوطن الواحد، بل تتخطى ذلك إلى النطاق الإقليمي أيضا.
وأشار الدكتور سلطان بركات، إلى أن سر الريبة والشكوك التي تحيط أحيانا بأداء مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، إنما قد يفسره ما يحدث الآن في سوريا على سبيل المثال، ووجود ظاهرة المجتمعات المحلية المسيسة، ومن سوء الحظ أن التركيز يكون أكثر على هذه الفئات، ولاسيما أن ذلك يتزامن من الحملة الدولية للحرب على الإرهاب، واتهام مثل هذه المؤسسات بوجود اتصالات بينها وبين جماعات متطرفة، وغيرها، وإن كان على أرض الواقع فهناك نحو 99% من هؤلاء العاملين في هذه المجالات، لا علاقة لهم بالتطرف أو الإرهاب، لافتا إلى أنه من الأهمية منح هؤلاء الفرصة، حتى يمكنهم أن يتعاملوا مع القضايا المجتمعية، بعيدا عن الشك السياسي، القائم حاليا.
وأضاف الدكتور سلطان بركات أن مهمة مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بمعهد الدوحة للدراسات العليا، هي التجسير بين العمل والبحث، من حيث المنطلق النظري والعملي، والجمع بين الكوادر وأصحاب الخبرات، والباحثين، والخلط بين الأفكار الأكاديمية والخبرات العملية، لتعم الفائدة، وبالتالي الخروج بأفضل نتاج عملي وأكاديمي في نفس الوقت.
وشدد الدكتور سلطان بركات، على محورية قضية المجتمع المدني، ودوره في العمل الإنساني، باعتبار أن كافة الكوارث والأزمات يكون المتضرر الحقيقي فيها هو المواطن المحلي، موضحا أن تعريفهم للكارثة، ينطلق من مفهوم فقد القدرات المحلية على التعامل مع نتائجها، ومن ثم يتطلب مساعدات خارجية، باعتبار أن هذا هو الأصل، ومن ثم يحتاج الأمر إلى إعادة لبناء القدرات للمجتمعات المحلية، بحيث يكون لديها من الكفاءة ما يمكنها من التعامل مع مشاكلها بنفسها، ولا تلجأ للخارج قبل استفاذ كافة الحلول المتاحة.
لافتا إلى أن المجتمع المدني في الوطني العربي بدأ يشتد عوده ويقوى، خاصة بعد ثورات عام 2011، وأنه بطبيعة من حدث من أحداث الربيع، حتى صار الحديث عن مجتمعات وليس دول، مما يعني استقواء لفكرة المجتمع المدني، وزيادة دورها وفاعليتها، ولاسيما تلك العاملة بمجال الإغاثة، مشيرا إلى أنه لا ينبغي اعتبار أن هذا يؤدي بالضرورة إلى نتيجة إيجابية عامة، بل يجب أن يتم دراسة طبيعة مثل هذه الأنشطة، ومن ثم كيفية العمل والبناء على القدرات الأساسية.
copy short url   نسخ
18/12/2017
4112