+ A
A -
وضاح طهبوب






في عام 1970 رفعت مبادرة وزير الخارجية الأميركي وليام روجرز 1970 غطاء عربيا مهما للمقاومة الفلسطينية – مصر عبد الناصر- مما مهد الطريق لوقوع أحداث أيلول (سبتمبر) في نفس العام وخروج الفدائيين الفلسطينيين من أطول جبهة مباشرة ومفتوحة للاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي حرب أكتوبر 1973 أربكت ثغرة الدفرسوار التي اخترقها آرييل شارون بدباباته، الجبهة المصرية، وأربكت غرفة عمليات الجيش المصري التي كان يقودها السادات، مما أضعف كثيرا المردود السياسي للنصر المؤزر الذي صنعه المقاتل المصري الذي حقق ملحمة العبور، لقد كان من نتيجة ارتباك غرفة العمليات بعد ثغرة الدفرسوار اضطرار المفاوض المصري إلى الجلوس مع الإسرائيليين في خيمة تقع على مسافة 101 كيلومتر من القاهرة بدلا من أن تكون المسافة نفسها أو ربما أقل، ليس عن القاهرة بل عن تل أبيب.
معركة القدس
لقد أشعل ترامب «معركة القدس» وهي لب الصراع الفلسطيني والعربي والإسلامي مع الإسرائيليين. ومنذ اليوم الأول لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة للإسرائيليين خسر ترامب ونتانياهو معركة القدس، ونالت القدس الفلسطينية العربية تأييدا دوليا كاسحا داخل مجموعة دول التعاون الإسلامي + فنزويلا، ونال قرار ترامب رفضا وتنديدا واسعين بإجماع أعضاء مجلس الأمن، والغالبية العظمى من دول العالم شرقا وغربا.
ناهيك عن الانتصار الذي تحقق بفضل رعونة ترامب، وهو إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي على المستويين الرسمي والشعبي، واشتعال الشارع الفلسطيني والعربي والعالمي بمظاهرات ومواجهات وفعاليات متعددة الأشكال، كلها تعلن غضبها ورفضها لقرار ترامب الأميركي الذي اعتبر تجديدا لوعد بلفور البريطاني أو أسوأ منه حسب بعض الآراء.
التمرير.. وشراء الوقت
سيبدأ مايك بنس نائب الرئيس الأميركي المعروف بانحيازه الأيديولوجي والسياسي المطلق للإسرائيليين، جولة في المنطقة لإجراء محاثات في كل من القاهرة وتل أبيب، بشأن الافكار الأميركية الجديدة بشأن التسوية بعد قرار ترامب، وينضم إلى بنس في زيارته جيسون غرينبلات مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الاوسط الذي لم يجتمع مع مسؤولين فلسطينيين منذ القرار الأميركي حول القدس.
في واشنطن أطلق متحدث - لم تتحدد هويته- باسم البيت الأبيض مساء السبت الماضي تصريحا استبق فيه زيارة بنس قال فيه إن حائط البراق الذي يطلق عليه اليهود اسم حائط المبكى هو جزء من «إسرائيل». وقد قوبل التصريح بشجب فلسطيني فوري وأكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن حائط البراق هو جزء من القدس الشرقية التي احتلت عام 1967.
وقال أبو ردينة إن «استمرار هذه السياسة الأميركية، سواء في ما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الاميركية إليها أو البت في قضايا الحل النهائي من طرف واحد، كلها خروج عن الشرعية الدولية وتكريس للاحتلال».

أفكار بنس
ومن المرجح على الأغلب أن تصريح المتحدث الأميركي بشأن حائط البراق سيكون واحدا من الأفكار التي سينثرها بنس في زيارته للقاهرة وسيطرح مدى أهمية الحائط بالنسبة لليهود، وما إلى ذلك من الدخول في تفاصيل وجزئيات كثيرة، ربما لو طرحت على أي طاولة مفاوضات مع الإسرائيليين فقد تستغرق سنوات وسنوات. ليس هذا هو المهم، المهم هو شكل وكيفية التعامل مع الأفكار التي يحملها بنس إلى القاهرة، ربما ينجح بنس في صرف الأنظار والمحادثات عن «إعلان ترامب» إلى التلويح بأن الأميركان قد يضغطون على الإسرائيليين بالاكتفاء بالحائط، وأنه لا شأن لهم بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة... الخ، ومن هذا الكلام!!
ليقل بنس ما يشاء، ولكن ماذا سيسمع بنس في القاهرة؟ هل سيستمع إلى نبض الشارع المصري ونبض الأزهر يتردد في غرفة محادثاته مع المسؤولين المصريين؟ هل سيكون الرد المصري الرسمي في غرفة المحادثات - وليس في البيانات والتصريحات- هو «حنشوف اخواننا الفلسطينيين والعرب ونحاول نوصل لحلول ترضي الطرفين.. مثلا، لسنا بمعرض استباق الحدث أو التطير المسبق مما نخشاه ومما لدغ منه الفلسطينيون مرارا وتكرارا».
الموقف السعودي
الرياض «نأت بنفسها» عن زوبعة قرار ترامب وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لقناة فرانس 24 الأسبوع الماضي «نعتقد أن إدارة ترامب جادة بشأن إحلال السلام بين الإسرائيليين والعرب». وأضاف «يعملون على أفكار ويتشاورون مع كل الأطراف وبينها السعودية ويدمجون وجهات النظر التي يعرضها عليهم الجميع. قالوا إنهم يحتاجون لمزيد من الوقت لوضعها (الخطة) وعرضها».
وأكد الجبير أن الرياض لا تزال تدعم حل الدولتين الذي أشارت واشنطن إلى أنه مقترحها الذي تعمل عليه. وقال «لم يتضح بعد هل ستكون مقترحات الإدارة مقبولة للطرفين لأنني لا أعتقد أن الخطة التي تعمل عليها الولايات المتحدة اكتملت بعد».
بنس لن يلتقي مسؤولين سعوديين في جولته التي تبدأ الثلاثاء ولكن الجبير أشار في تصريحاته السابقة إلى أن الأميركان «يعملون على أفكار ويتشاورون مع كل الأطراف وبينها السعودية».
ومن المرجح أن الرياض لن تبلور موقفا معلنا واضحا إزاء قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بانتظار محصلة جولة بنس وظهور موقف مصري يمكن الإتكاء عليه، وبانتظار محصلة الضغوط التي يتلقاها الجانب الفلسطيني الذي أكد رفضه للقرار وللحملة التسويقية التي يبدأها بنس، والتي قد تشهد مبعوثين آخرين ووسطاء ما زالوا مجهولين.
وقد أعلنت الرئاسة الفلسطينية منذا اليوم الأول أن الرئيس محمود عباس لن يستقبل بنس، واعتبرت ان واشنطن لم تعد تلعب دورا في عملية السلام لأن قرار ترامب أخرجها من الوساطة المحايدة إلى طرف منحاز للإسرائيليين.
والرهان كما هو دائما، على استمرار الحراك الشعبي الفلسطيني والعربي والدولي، والذي سيشكل سندا قويا للقرار الفلسطيني الذي وجد نفسه بعد اعلان ترامب وقد تبخرت كل آماله التي كان يعقدها على معسكر أميركا وحلفائها العرب في الوصول إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

فتح وحماس
وفي تطور وجهت حركة فتح في بيان السبت الماضي نداء إلى الفلسطينيين لـ«إغلاق الطرق الالتفافية في وجه المستوطنين الاثنين والخميس القادمين»، وأكدت في بيانها «تؤكد على ضرورة التظاهر في مسيرات احتجاج وغضب عارمة تجاه بوابات القدس تزامنا مع وصول نائب الرئيس الاميركي إلى دولة الاحتلال يوم الاربعاء القادم».
وبعدما اكدت استمرارها في برنامج «فعالياتها الشعبية في كافة المحافظات»، ينذر اغلاق الطرق الالتفافية التي يستخدمها المستوطنون لتجنب المرور عبر الاراضي الفلسطينية بمزيد من الصدامات.
واعلنت فتح الجمعة المقبل «يوم غضب» في كل الاراضي الفلسطينية «رفضا وتنديدا بالقرار الاميركي الجائر».
كما كان لافتا خلال تشييع الشهيد باسل مصطفى في بلدة عناتا الملاصقة لمدينة القدس، عندما أطلق ملثمون فلسطينيون النار في الهواء، بينما رفع المشاركون في الجنازة رايات حركتي حماس وفتح.
copy short url   نسخ
18/12/2017
4092