+ A
A -
الرباط- الوطن- عماد فواز
أعرب مغاربة يهود عن رفضهم لإعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن القدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدين أن القدس من أقدم المدن التاريخية في العالم، وبالتالي فهي مدينة مر عليها اليهود والمسيحيون والمسلمون، وجمعهم كنعانيون ثم بات اسمهم «فلسطينيون»، والحق لمن ورث هذه الأرض بالتاريخ والنسب وليس بالهوية الدينية، لا سيما وأن «التوراة» لم يذكر أبداً أحقية اليهود في أي شبر من الأرض في العالم كوطن لليهود كما تزعم جماعات الصهيونية في إسرائيل، وليست كل أرض وطأها نبي الله «موسى» هي أرض إسرائيلية، كما تخطط وتزعم جماعات الصهيونية «من النيل إلى الفرات»، هذا عبث يرفضه غالبية اليهود في العالم، ولا يؤمن به ويتبعه إلا قلة قليلة من اليهود الذين يبحثون عن المال والسيادة والمطامع الشخصية التي لا علاقة لها بالدين أو التاريخ.

أكاذيب الصهيونية
وقال، سيون أسيدون، المثقف المغربي اليهودي، والمناهض للجماعات الصهيونية والمدافع عن حق الفلسطينيين في أرضهم لـ الوطن: إن مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة «تيودور هرتزل» قد بنى خطته أو دعوته على أكذوبة أن فلسطين أرض الأجداد «ايريتس يسرائيل» وأن العودة إلى أرض الأجداد بات ضرورياً منذ منتصف القرن الماضي بسبب تزايد عمليات الاضطهاد ورفض اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى وتزايد معاداة السامية، وكل هذه الأحاديث خرافات من عقله، فنحن اليهود في المغرب لم نعان أبداً من الاضطهاد بأي حال، واليهود في أغلب دول العالم ومنها مصر وسوريا والأردن وجنوب إفريقيا وأميركا واستراليا وغيرها من الدول لم نعان أبدا من الاضطهاد بأي شكل، لكن الموساد بعد العام 1950 انطلقوا في كل دول العالم التي يعيش فيها اليهود لترويج أكاذيبهم بين طائفتنا وللأسف استجاب الكثير من اليهود حول العالم لإغراءات العصابات الصهيونية وهاجروا إلى إسرائيل، ليس لدافع ديني كما تعلن إسرائيل وتصدر ذلك للعالم، السبب في هجرة هؤلاء هي الإغراءات المالية والسياسية والمناصب العليا في دولتهم المزعومة، لكنهم غلفوا مطامعهم بادعاءات دينية لا أساس لها، تماما كما تفعل عصابات الإرهاب المسيحي والإرهاب الإسلامي، فهرتزل في دعوته ركز على الصبغة الدينية لدعوته الاحتلالية الإرهابية، ليجد أتباعه مسكناً لضميرهم يرددوه أمام العالم، لتبرير جرائمهم من سلب ونهب وقتل، ونحن اليهود العرب نرفض كل هذه الممارسات ونتبرأ منها أمام العالم كما يتبرأ المسلمون من الإرهاب باسم الإسلام، نحن اليهود نتبرأ من إرهاب إسرائيل باسم اليهودية، فلا حق لليهود في فلسطين لا دينياً ولا تاريخياً، فقط لنا فيها أماكن مقدسة يحق لنا زيارتها لكنها على أرض فلسطينية وملك لشعب فلسطين الوريث الشرعي والتاريخي والقانوني لهذه الأرض وما عليها.
القدس فلسطينية
وأضاف، يعقوب جسوس، المحامي المغربي «يهودي الديانة»، أن اليهود العرب يرفضون مزاعم الصهيونية بأحقية اليهود في القدس «دينياً وتاريخياً» فكل ما يذكرونه نقلا عن مؤسس الصهيونية «تيودور هرتزل» وما تلاه من تحديث هو «عبث» لا صحة له، وإذا كان لليهود حق في أرض وفق مزاعمهم فالأولى أن تكون في «إسبانيا والبرتغال» أو ما يسمى «شبه الجزيرة الايبيرية» التي هجر اليهود «السفارديم» منها في القرن الخامس عشر الميلادي، وحقوق اليهود إلى جانب المسلمين فيها معروفة وموثقة، لكن هرتزل تجاهل هذه الحقيقة التاريخية لعلمه أنها لن تكون مقنعة لليهود حول العالم، فينقصها الكثير من المبررات للمطالبة بها كوطن لليهود، أما بالنسبة للقدس فالأمر مختلف، فهناك مبررات دينية يمكن اللعب بها لإقناع المغيبين من اليهود بجانب المال والكثير من الامتيازات الأخرى، وقد نجح هرتزل في ذلك، ووجد المبرر الديني في الأرض التي وطأها نبي الله موسى من العراق إلى مصر والأكثر فلسطين، ومن هنا رسم خطته بأن تكون البداية من المدينة القديمة «ألقدس» التي مازالت تحتفظ بآثار دينية قديمة، لكن كل هذه الخطة بما تحتويه من أكاذيب لا تقنع اليهود العرب والكثير من اليهود حول العالم، فلا وطن لنا في إسرائيل أو أي مكان في العالم، إلا أوطاننا التي ولدنا فيها وتحمل هويتنا ونسبنا، فنحن المغاربة «اليهود» مغاربة مثل جميع المغاربة من أصحاب الديانات الأخرى، كذلك الأمر بالنسبة لليهود في أي دول حول العالم، فالأوطان لا تحكمها العقيدة، وإلا فجميع المسيحيين لهم حق في القدس ويجب أن ينزحوا جميعاً ليعيشوا فيها كوطن، وكذلك الأمر بالنسبة للمسلمين عليهم جميعاً أن يعيشوا في مكة والمدينة المنورة والقدس، هذا هراء لا أساس له «دينياً وتاريخياً».

أيدلوجية وليست ديناً
وأضاف، يوسف بنشقرون، طبيب مغربي «يهودي» مناهض للحركة الصهيونية، أن جماعات الصهيونية المتشددة تسيء لأديانهم، ونحن المغاربة اليهود نرفض هذه الممارسات باسم الدين، فالصهيونية أيدلوجية سياسية لا أساس لها في الدين، وجميع الادعاءات الصهيونية هي خرافة دست في بعض كتب الدين اليهودي، وحشرت في عقول أتباع الصهيونية بإغراءات مادية، وعملت جماعات الصهيونية حول العالم على نشر هذه الخرافات في كل مكان ودعمها مادياً وعقائدياً مستغلين حوادث الاضطهاد التي وقعت في أوروبا ضد اليهود لانتزاع التعاطف وحولوها لبيئة خصبة لزرع بذور الصهيونية وترويجها، وقد نجحوا في ذلك بسبب التنظيم والدعم المالي واتحادهم وراء خطة واحدة واضحة، ولو نظرنا إلى حججهم هذه بعين العقل والمنطق سوف نراها مجرد تخاريف، لأن الصهيونية كدين قبل نزول الأديان اللاحقة كانت في جميع دول العالم تقريباً، وكان يتبعها سكان هذه الدول بما فيها القدس، ومع نزول المسيحية تبدل الحال وآمن كثيرون بهذا الدين ثم الإسلام فيما بعد، وانتشرت الأديان، لذلك فإن الدين أو العقيدة هي لا تحدد وطن الإنسان، إنما الانتماء للأرض والدم هي التي تحدد الوطن، وهذا الأمر معروف وراسخ في الديانة اليهودية «الدين لله والوطن للإنسان»، وبالتالي نقول «الدين لله والقدس للفلسطينيين».
copy short url   نسخ
18/12/2017
4176