+ A
A -
غزة- الوطن- جهاد مصطفى
قبل ثلاث سنوات ونيّف، أثارني تحدّي الشاب إبراهيم أبو ثريّا وقهره لإعاقته.. كان يتنقّل في أحد أزقّة قطاع غزّة بين المركبات بخفّة ونشاط، يعمل على تنظيفها مُقابل أجر مادي زهيد، رافضاً الاستسلام لإصابته التي أفقدته كلتا قدميه، إضافة إلى إصابات مُتفرقة في مختلف أنحاء جسده.
يومها، اقتربت منه أكثر، التقطت بضعة صور وهو يقوم بعمله، ومن ثم سرد لي قصتّه، وكتبتها في صفحات جريدة الوطن في العدد رقم (6470)، تتلخّص في حياة شاب مُكافح تعرّض لإصابة مُباشرة من صاروخ إسرائيلي، فقد فيها قدميه وإحدى عينيه، وأُصيب في كليته، وذراعه، بيد أنّه لم يشأ أن يبقى قعيداً، وراح يعمل هنا وهناك ليوفّر لقمة عيش لأسرته الكبيرة.
مع اندلاع المواجهات بين الشبان الفلسطينيين الغاضبين من قرار الرئيس الأميركي بشأن مدينة القدس المحتلّة من جهة، والاحتلال الإسرائيلي على حدود قطاع غزّة من جهة أخرى، تقدّم الشاب أبو ثُريّا الصفوف من جديد، حاملاً علم فلسطين على كرسيّه المُتحرك، وأبى إلا أن يكون في مقدمة الثائرين الغاضبين.
صورة القعيد الذي تعرّض لصاروخ من طائرة حربيّة إسرائيليّة في عدوان عام 2008 على قطاع غزّة لم يتمكّن الجنود الإسرائيليّون مقاومتها كثيراً، هناك، على الحدود الشرقيّة لقطاع غزّة، أغاظهم إبراهيم، وأوقد الحقد الدفين في قلوبهم، حتّى أردوه برصاصة استقرت في رأسه، ليرتقي إلى العلا شهيداً.
استشهد إبراهيم أبو ثُريّا وهو في مطلع الثلاثينات من العمر برفقة ثلاثة آخرين خلال المواجهات المندلعة في فلسطين، وأصيب عشرات آخرون، ومازالت المواجهات مُشتعلة ومُستمرة على الحدود الشرقيّة والشماليّة لقطاع غزّة، ومناطق التماس في الضفّة الغربية والقدس ومناطق الـ48م.
خبر استشهاد أبو ثُريا، المُنحدر من مُخيم الشاطئ للاجئين؛ بعث حزناً عميقاً في نفوس الغزّيين، خاصة وأنه يتمتّع بمكانة كبيرة عندهم، وكان دوماً يُحفّز الشباب الثائرين بالقرب من حدود غزّة ويؤكد دوماً أمام الكاميرات عدسات الصحافة أن القدس عاصمة فلسطين الأبديّة ولا عاصمة غيرها، وستبقى عربية إسلاميّة مهما طال الزمن أو قصر.
وسرعان ما تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للشهيد أبو ثريا وهو على كرسيّه المُتحرّك أحياناً، وبدونه أحياناً أخرى بالقرب من حدود غزّة، إضافة لمقاطع فيديو للشاب بنصف جسد وهو يشارك في المواجهات ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وذلك دفاعا عن مدينة القدس في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب واعتبارها عاصمة لإسرائيل. ويظهر الشهيد إبراهيم في الفيديو وهو يحاول التقدّم أكثر للسياج الحدودي شرقي قطاع غزّة، حيث يتواجد جنود الاحتلال المُدجّجين بأعتى السلاح، مُحاولاً أن يوصل رسالة مفادها أن: «هذه الأرض أرضنا ومش راح نستسلم»، مضيفاً أن «على أميركا أن تسحب قرارها القاضي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل».
copy short url   نسخ
18/12/2017
3112