+ A
A -
أكد عبدالعزيز بن ناصر آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية، أن الإدارة الحكيمة والقيادة ذات الرؤية الواضحة، وضعت قطر بين الاقتصادات الأكثر أماناً واستقراراً في العالم.. مشدداً على أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي حجر الزاوية لاقتصاد متنوع ومستدام في قطر. جاء هذا في الحوار الذي أجراه الموقع الاقتصادي العالمي «وورلد فوليو»- THE WORLD FOLIO المتخصص في الشأن الاقتصادي العالمي، مع الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية..


ما المصادر الرئيسية لقوة الاقتصاد القطري؟
- حبا الله قطر بمصادر ضخمة للنفط والغاز.. وبلادنا تمتلك ثالث أكبر احتياطيات الغاز في العالم، وتقدر بـ866 تريليون قدم مكعب.. علاوة على ذلك تعتبر بلادنا أكبر مصدر للغاز المسال بعد روسيا.. والحق أن تنمية احتياطيات الهيدروكربونات جعل من قطر أغنى دول العالم من حيث متوسط دخل الفرد بالنسبة للناتج المحلي.
وفي حين يستفيد اقتصادنا من الموارد الطبيعية، فهناك عاملان مهمان يمكناننا من ذلك، هو الإدارة الحكيمة والقيادة ذات الرؤية الواضحة.. هذان العاملان هما اللذان جعلا قطر من بين الاقتصادات الأكثر أماناً من الناحية المالية، وأتاحا وجود احتياطيات مالية واستقراراً اقتصادياً كلياً، أقل وكذلك أقل معدلات في البطالة (أقل من 1 %).
وبلا شك، فإن قطر تعد في وضع قوي نسبياً، في ظل الانخفاض الأخير لأسعار النفط.. وقد انعكست الثقة في اقتصادنا من خلال ما أعلنته وكالات التصنيف مؤخراً، فقد أكدت هيئات ستاندردز أند بورز «أن التصنيف الائتماني السيادي القطري «AA» على المدى الطويل و«A-1+» على المدى القصير بالعملة المحلية والأجنبية وأن الصورة العامة مستقرة».. وفي الوقت نفسه أكدت وكالة موديز على تصنيف قطر بدرجة AA2 في 14مايو 2016.
سلامة النمو
ما دور بنك التنمية القطري في الحفاظ على سلامة النمو من خلال تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتنويع الاقتصادي؟
- بنك قطر للتنمية هو كيان مالي، تملكه الحكومة بالكامل، وأقيم بموجب مرسوم أميري للاستثمار في الصناعات المحلية وتنميتها، وذلك بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر.. وقد وضع بنك قطر للتنمية استراتيجيته لتسير جنباً إلى جنب مع خطة الرؤية الوطنية لقطر 2030، وذلك لتشجيع وتطوير وتنمية المشاريع الصغيرة وتسهيل إقامتها، لتصبح في صلب النشاط الاقتصادي، بما يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية على الشعب في قطر.
ولتشجيع نمو القطاع الخاص في قطر، هناك عقبات يجب تذليلها وبالنظر إلى دورنا، فقد تبنى بنك قطر للتنمية العديد من المبادرات، التي تغطي العناصر الرئيسية من دورة حياة المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ويسعدني القول بأن قيامنا بذلك جعل لنا الريادة في العديد من المنتجات التمويلية. وتشمل تلك المنتجات قروضاً مشروطة قابلة للسداد تمنح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بحيث يتم تسجيلها في بورصة قطر الاستثمارية وكذلك تقديم الدعم الشامل لنمو الشركات المحلية وحتى تحقق التميز وتستطيع تطوير أعمالها على المستوى العالمي.
وفي هذا الإطار فإنه نظراً لكوننا ذراع الحكومة القطرية التي تقدم الدعم للقطاع الخاص، فنحن نركز على الفجوة السوقية بدلاً من الشراكة السوقية.. لذلك، وبالمفهوم الأوسع لبيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، نركز على المجالات التي ترتبط باحتياجات الشركات الكبرى، وأيضا على المجالات التي تعود فيها التنمية بنتائج اقتصادية واجتماعية إيجابية لصالح قطر.. وفي ظل هذه الرؤية، فقد ركزنا تاريخياً على الإقراض المباشر في مجال التصنيع الصناعي، والزراعة، والتعليم، والرعاية الصحية.. وظل هذا النهج سمة مميزة لنا.
الشراكة بين القطاعين
ما دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحسين البنية التحتية؟ وما الآثار المترتبة على القانون الجديد الخاص بالشراكة بين القطاعين العام والذي سيطبق هذا العام؟ وكيف تفيد مذكرة التفاهم، الموقعة مع هيئة الأشغال العامة، المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتزم المشاركة في تطوير المشاريع الجاري تنفيذها في مجال البنية التحتية؟
- لدي يقين راسخ بأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكنها، بل يجب، أن تلعب دوراً كبيراً في تطوير، والأكثر أهمية، صيانة البنية التحتية في قطر.. وتهدف مذكرة التفاهم بيننا وبين هيئة الأشغال العامة (أشغال)، والموقعة في 14مايو 2016، إلى وضع إطار عمل لتعزيز مشاركة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مشاريع هيئة الأشغال العامة.. ونحن نخطط لذلك من خلال زيادة وعي المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمثل هذه الفرص وكذلك بتوفير الإرشادات والدعم المالي وغير المالي، لتعزيز طاقاتها وتحسين قدراتها.
وبناء على مذكرة التفاهم، فإن أشغال ستضم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي اجتازت بنجاح تصنيف واعتماد التي يجريها بنك التنمية القطري، في عملية شرائها.. وعلاوة على ذلك فإن بنك قطر للتنمية وأشغال سوف يعقدان اجتماعات دورية للترويج للفرص المتاحة بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة المحلية ومراقبة أدائها.
وبالنظر للقانون الجديد المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، فأنا على ثقة بأنه سيعزز مشاركة القطاع الخاص في تنمية البنية التحتية القطرية.. والقانون لايزال في مرحلة الصياغة بوزارة الاقتصاد والتجارة وبنك قطر للتنمية لديه الاستعداد لمد يد العون من أجل ضمان تطبيقه بنجاح فور إقراره.
تطوير البورصة
ما الفرص التي يقدمها برنامج دعم إدراج الشركات الصغيرة والمتوسطة
- البرنامج هو شراكة بين بنك قطر للتنمية وسوق قطر للأوراق المالية لفتح المجال أمام أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومساعدتهم لطرح شركاتهم في بورصة قطر للأسواق الناشئة.
وسيتوفر البرنامج لأي شركة قطرية مساهمة تتوفر فيها متطلبات بورصة قطر للأسواق الناشئة وكذلك ينطبق عليها التعريف الخاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة الذي وضعة بنك قطر للتنمية إضافة إلى التزام الشركة بدخول بورصة قطر للأسواق الناشئة.
ويعكس البنية الابتكارية للبرنامج مرحلة التحول الصعبة التي يتعين أن تمر بها المشاريع الصغيرة والمتوسطة المحلية، لكي يتم تسجيلها في بورصة قطر الاستثمارية.. وهكذا، قمنا بهيكلة هذه المشاريع من خلال قرض مشروط قابل للسداد، يغطي رسوم استشاري التسجيل ويعاد تسديده فقط في حالة نجاح تسجيل المشاريع، أما في حالة فشلها، فيتم شطبه.
وبشكل عام، يقدم البرنامج مجموعة متنوعة من الفرص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تشمل الآتي ولكنها لا تقتصر عليه:
-تحسين فرص الحصول على رأس المال، خصوصاً من خلال ضخ أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتجهة للنمو.
- الحصول على مكانة وظهور أفضل في السوق.. فالمشاريع التي تنجح في التسجيل بالبورصة تستفيد بقدر أكبر من الائتمان وتحسن وضعيتها المالية، بما يؤدي إلى زيادة الطلب على أسهم الشركة وارتفاع تقييم الشركة.
- فرص نمو قوية من خلال التوسع في المشاريع وعمليات الاندماج والاستحواذ.

الضمين وتصدير
هناك اثنان من أكثر برامج بنك قطر للتنمية نجاحا، وهما «الضمين» و«تصدير».. كيف يكملان بعضهما البعض؟ وما أهم الإنجازات، حتى الآن؟
- باختصار، كل من البرنامجين له اختصاصات ومميزات محددة.. ففي حين أن الضمين عبارة عن برنامج الإقراض بضمان جزئي، يهدف لتيسير حصول المشاريع الصغيرة والمتوسطة على التمويل، نجد أن أهداف برنامج التصدير تركز على تشجيع وتطوير قدرات المصدرين المحليين..
وغني عن القول، أن بنك قطر للتنمية وحده ليس بمقدوره أبداً مسؤولية تمويل مؤسسي الشركات المحليين والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.. لذا، فإن من أهم المبادرات التي أطلقناها هي برنامج الإقراض بضمان جزئي: (الضمين) والذي يهدف للتغلب على العوائق التمويلية التي تواجهها المشاريع الصغيرة والمتوسطة القطرية والقابلة للنجاح من الناحية الاقتصادية.. وقد تم تصميم البرنامج في صورة شراكة بين البنوك القطرية لتحسين فرص حصول المشاريع الصغيرة والمتوسطة على التمويل، وذلك بتغطية جانب مهم من مخاطر الاعتماد. ويسعدني أن أذكر أن الضمين أثبت نجاحه سواء في الأداء أو في تغيير ثقافة إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر، وفتح الطريق للحصول على رأس المال أمام هذه المشاريع.. وبخصوص الأداء، قام البرنامج بدعم 255 من المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم ضمانات لـ 428 قرضاً طويل الأجل وقصير الأجل، بلغت قيمتها 1.138 مليار ريال.
أما برنامج تصدير، فدوره تقديم الدعم غير المالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر، من خلال تطوير قدراتها التصديرية وفتح الأسواق الإقليمية والدولية أمام منتجاتها.. ويشمل هذا الدعم خدمات متنوعة تهدف لتشجيع وتطوير المصدرين القطريين.
في عام 2015 فقط، أتاح البرنامج فرصاً تصديرية متنوعة لما يزيد على 140مشروعاً صغيراً ومتوسطاً في قطر، في حين تحول 8 مشاريع إلى مصدرين.. وبفضل ما نقدمه من دعم، وقعت المشاريع الصغيرة والمتوسطة صفقات تصديرية بما قيمته 285 مليون ريال قطري.. وخلال العالم استطعنا دعم مشاركة 103 من هذه المشاريع في المعارض الدولية.

الأسواق التصديرية
ما الدول المستهدفة كأـسواق تصديرية؟
- من المهام الرئيسية لبنك قطر للتنمية تشجيع المصدرين القطريين، من العاملين في المجالات غير النفطية، وتطوير قدراتهم. وحتى الآن، تمكنا من دعم الصادرات إلى 36 دولة، ومنها الولايات المتحدة والمكسيك. ويجب أن أضيف أنه في ظل طبيعة صادراتنا غير البترولية، فإن أسواقنا التقليدية تعتبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وإضافة لما سبق، فلكي نجعل الصادرات القطرية أكثر جذباً للمشترين الأجانب ولكي نحمي المصدرين المحليين من المخاطر المحتملة، فقد أصدرنا ضمانات تأمين قروض للصادرات (سياسات غطاء) لـ156 مشروعاً قطرياً صغيراً ومتوسطاً بقيمة إجمالية تصل إلى حوالي 55 مليون ريال.. كما توسعنا أيضا في الدعم غير المالي للمصدرين غير القطريين.. وفي هذا الصدد، قمنا بدعم المشاركة 103 من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في 8 من المعارض الدولية.

فرص النمو
كيف استفدتم من خبرتكم السابقة في قطاع الطاقة لتعزيز فرص المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سلسلة إنتاج الطاقة؟
- الواقع، أنني أفخر باعتباري خريج شركة شل القطرية، وأدرك الفرص المتاحة أمام الشركات المحلية في سلاسل إمداد الطاقة. وهناك اعتقاد قوي لدى بنك قطر للتنمية التنمية وشركة شل القطرية بأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل حجر الزاوية لتحقيق اقتصاد متنوع ومستدام في قطر، وأنها أساس إقامة القطاع الخاص وازدهاره. لذلك، ومنذ عام 2014، يعمل بنك التنمية القطري وشركة شل القطرية معاً لتسهيل حصول المشاريع الصغيرة والمتوسطة على فرص في مشاريع محددة داخل مصنع اللؤلؤة، أكبر مصانع تسييل الغاز في العالم، والذي طوره البنك مع شركة شل.
وينبغي هنا أن أضيف نظراً للطبيعة المعقدة لهذه الصناعة، فنحن حريصون جداً في اختيار الفرص التجارية والصناعية، التي يمكن أن تضطلع بها المشاريع الصغيرة والمتوسطة المحلية، وفي الوقت نفسه، يمكنها تلبية المعايير الصارمة لشركة شل.
وحتى الآن منحت شركة شل القطرية، من خلال هذه المبادرة، ثلاث فرص للشركات المحلية بالإضافة إلى خمسة موردين محليين جرى الإعلان عنهم في 2014؛ وفي 2015، انضمت ست شركات قطرية صغيرة ومتوسطة لسلسلة اللؤلؤة لتوريد الغاز.. ويسعدني تسليط الضوء على أنه تم الإعلان عن ست فرص لمشاريع أخرى في 30مايو 2016 كما أتطلع إلى رؤية مشاريع صغيرة ومتوسطة ناجحة أخرى في قطر.

الخطط المستقبلية
ما خططك الإدارية المستقبلية لبنك قطر للتنمية؟
- اليوم، أصبح بنك قطر للتنمية أفضل إعداداً وأكثر عما كان من قبل.. فتحوله من بنك متخصص فقط في الأنشطة الصناعية إلى بنك كامل الأهلية للتنمية، أدى إلى قيام الدولة بزيادة رأسمال البنك من 200 مليون ريال إلى عشرة مليارات ريال.. فالبلاد تشهد طفرة تجارية استعداداً لكأس العالم 2022 وهناك طموح كبير لدى كل القطريين للوصول بهذه الفرصة الفريدة إلى حدها الأقصى.
ويدرك بنك قطر للتنمية تماماً حجم مسؤولياته، وأجرى تغييرات استراتيجية جريئة، حتى يواكب أداء البنك الرؤية الوطنية لاستراتيجية 2030.. وفي الوقت نفسه، لا يزال البنك ملتزماً بتلبية المطالب اليومية لعملائه، وبدعم تأسيس اقتصاد قطري مستدام ومزدهر ويعتمد على التنوع.
وليس من قبيل المبالغة، أن البنك حقق نجاحاً هائلاً في السنوات الأخيرة، حيث أسهم في دفع نمو قطاعات متنوعة من الاقتصاد.. وبدءاً من تمويل المشاريع المتعلقة بالمصلحة الوطنية، على تعزيز القطاع الخاص بخدمات القيمة المضافة، كان لعب البنك دوراً تحفيزياً قوياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وهناك منتجات ثانوية إيجابية لاستراتيجيته تشمل تعزيز قوة العمل القطرية، وتحقيق ارتفاع مستوى المعيشة وإتاحة فرص استثمارية عديدة وواعدة للشركات القطرية.
إن رؤيتنا التي ترتكز على أن نصبح الداعم الرئيسي للقطاع الخاص القطري وتحقيق التنوع الاقتصادي، تسير عل خط واحد مع رؤية قطر الوطنية 2030. وكما هو محدد في استراتيجيتنا للفترة من 2015-2019، فإننا نهدف إلى تمكين الشركات من الحصول على التمويل من خلال شركائنا وكذلك تشجيع ودعم الصادرات.. وسنعمل أيضا من أجل التمكين لاستحداث صناعات جديدة في البلاد، تقوم على أساس المعرفة والاستمرار في تقديم الخدمات والمبادرات المتعلقة بإقامة المساكن للمواطنين نيابة عن الحكومة.
copy short url   نسخ
29/06/2016
1356