+ A
A -
كتبت- نجوى إسماعيل


أكد رواد أعمال وأصحاب مشاريع صغيرة أن الحصار انعكس إيجابا على اداء قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة مما أعطاهم دافعا لتطوير مشاريعهم، كما وجههم نحو أفكار مبتكرة من بينها تعزيز الشراكات والتحالفات ودراسة تشكيل تحالف رسمي يجمع بين مختلف المنتجين ويضم منتجات متنوعة تكمل بعضها البعض، لافتين إلى أن تحقيق هذا الهدف من شأنه أن يؤثر بشكل كبير في الاقتصاد ويسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي بات هدفاً اساسياً للدولة منذ بدء الحصار على البلاد.
وأوضحوا انه بعد الحصار، خرجت الكثير من المواهب المحلية إلى النور، واستطاعت أن تحقق عوائد اكبر من السابق، حيث لم يعد يتركز الاعتماد على منتج خارجي معين، بل تنوعت الخيارات، لافتين إلى أن الأسعار أيضاً اصبحت أقل مما كانت تفرضه الشركات الخارجية بحكم تكاليف الاستيراد والتنقل، وبالتالي فقد نشطت اعمال التجار المحليين بشكل اكبر وتطورت.
في البداية، أكد غانم عبدالرحمن الكواري، صاحب مؤسسة الوسمي للدعاية والاعلان القطرية، أن الحصار ساهم في تسليط الضوء على مشاريع قطرية صغيرة ومتوسطة لم تكن معروفة سابقاً وأخرجها للنور، فاستفاد اصحاب المشاريع المحلية من توجه القطريين اكثر إلى السوق المحلي بعد ان كان هناك اعتياد على منتجات معينة تأتي من الاسواق الخليجية القريبة، بينما اليوم أصبح الاهتمام بالمحلي أكبر وبالتالي ازداد الاقبال وارتفعت العوائد وأصبح هناك تعاون وتشجيع اكبر.
وأشار إلى أن الحصار الذي أرادته دول الحصار مؤثراً سلبياً على الاقتصاد القطري ودافعاً للانهيار بعد أن قطعوا عنه المواد الخام وطرق الاستيراد، أدى إلى نتائج ايجابية ومعاكسة لما أرادوه، حيث اسرعت الشركات المحلية إلى ايجاد اسواق بديلة تستورد منها وتخلت عن الوسائط التقليدية وان كان ذلك قد سبب صدمة في الفترة الأولى الا أنه سرعان ما تم ضبط الأمور وتوسيع الاسواق وتنويعها، وبدأت بذلك مرحلة جديدة من الصناعة المحلية ومن الاعتماد على النفس والتشجيع الذي كنا نحتاج اليه دائماً.
ولفت إلى ان فكرة اقامة تحالف للتجار المحليين موجودة تحت إشراف وزارة الاقتصاد وغرفة التجارة حيث يتم من خلالها دعم المنتجات المحلية، مبدياً دعمه لتطوير هذه الفكرة على نطاق اوسع ليتم بموجبها تقديم الدعم لجميع اعضائها الذين يمتلكون تخصصات مختلفة بحيث يكون التكامل وتوفير كافة المستلزمات ضرورة، مؤكداً أن هذا التحالف سيلقى الدعم الكافي من المجتمع المحلي الذي باتت قضية دعم المنتج القطري هي قضيته الأساسية خصوصاً بعد الحصار حيث أدرك أهمية الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على أي بلد خارجي.
وأوضح الكواري أن مؤسسة الوسمي التي يمتلكها ويديرها شخصياً وهي شركة قطرية مائة بالمائة تتواجد في السوق منذ 6 سنوات، ولكنها بعد الحصار باتت تبذل جهوداً اضافية بفضل ارتفاع الطلب اكثر، مؤكداً أن تطور الشركة جاء نتاجاً للدعم من الدولة التي لم تبخل بالدعم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة مشيراً إلى أن الشركة ضمن مشاريع مركز الانماء التابع لمؤسسة قطر، وقد نجحت الشركة في استئجار محل في سوق واقف الوكرة وكذلك قدمت إدارة المكتب الهندسي له محال تجارية وذلك بأسعار رمزية جداً، قد لا تتخطى شهرياً الألف ريال.
ولفت إلى ان الدولة تتجه حالياً إلى تقديم المزيد من الدعم لرواد الاعمال حيث توفر لهم كل ما يحتاجون اليه وذلك دعماً لخطة الاكتفاء الذاتي ولتشجيع الصناعة المحلية باعتباره الخيار الأمثل لقطر ليس فقط بسبب الحصار بل لأنها قادرة على الاعتماد على نفسها وعلى جهود أبنائها من أجل تحقيق نمو اقتصادي دائم لافتاً إلى أهمية القانون الذي صدر منذ عام بخصوص منح التراخيص للمشاريع المنزلية ضمن شروط معينة حيث ساهم ذلك في توفير الاطار القانوني لأصحاب المشاريع الصغيرة بالاستفادة والإنتاج من منازلهم ودون تحمل تكاليف الايجارات العالية بالخارج، مضيفاً أن الدعم ايضاً موجود لجهة المشاركة بالمعارض واقامة متاجر مؤقتة بالمجمعات التجارية وذلك عن طريق دار الانماء الاجتماعي، داعياً كل صاحب مشروع قطري ان يجتهد ويطور منتجه ويسوق له حيث سيكتب له النجاح دون شك.
مطلب جاد
وبدوره قال أبوحمد المري، صاحب مشروع «مبخر للعطور والهدايا» ان هناك سعيا جديا لإقامة تحالفات بين المنتجين المحليين من قطريين وقطريات حيث كانت الفكرة مطروحة مسبقاً وقد تمت مناقشتها اكثر من مرة إلا ان الحصار كان سبباً مباشراً لبحث الفكرة بشكل أكثر جدية، وذلك بما يخدم الاقتصاد المحلي حيث تسهم هذه التحالفات في تشجيع المنتج الوطني وتؤدي إلى ان نكتفي ذاتياً وندعم بعضنا البعض مما ينعكس ايجاباً على إنتاجنا.
وقال إن ثقافة اهل قطر ارتفعت بعد الحصار حيث اصبح الجميع يدرك مصادر الاغذية والمنتجات التي تصلنا واصبح اكثر حماساً لأن يرى المنتجات الوطنية القطرية في مراكز البيع والمجمعات لذلك فإن الوقت اصبح مناسباً لتنفيذ فكرة تحالف بين مختلف المنتجين يوفرون الاحتياجات الكافية تحت مظلة واحدة.
وأشار إلى نيته طرح هذا الأمر على مجموعة من الشباب القطريين الذين يتخصص كل واحد منهم في مجال معين مثل العطور، الملابس، الاكسسوارات، تجهيزات المناسبات وغيرها، بحيث يطلب العميل جهة واحدة ليحصل على الخدمات متكاملة، داعياً إلى توفير الدعم لهذه الفكرة مبدياً استعداده للتعاون مع أي تاجر قطري بخصوص أي افكار جديدة يتم العمل عليها وتنفيذها.
وشدد المري على أن الحصار لم يكن له أي تأثير سلبي كما توقع الجميع في البداية بل أبرز مواهبنا الوطنية اكثر كما بيّن حجم التكاتف والتعاون بين جميع ابناء المجتمع القطري بحيث بات المنتج المحلي هو المفضل لديهم كما أصبح هناك اعتماد عليه بدل الاعتماد على جهات اجنبية، مبدياً تفاؤله بمستقبل قطر الذي سيكون عنوانه الاكتفاء الذاتي والاعتماد على المهارات المحلية وهو ما يفترض ان يحصل في بلد لا تنقص ابناءه الكفاءة ولا الارادة ولا الحماس للنهوض بالبلد جنباً إلى جنب مع القيادة الحكيمة.
أسعار خيالية
وبدورها، قالت علياء المري، صاحبة مشروع «ميك أب علياء» ان اصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة يتعاونون بالفعل مع بعضهم البعض حيث يتم توزيع المهام كل وفقاً لتخصصه، وخصوصاً فيما يتعلق بالتاجرات القطريات حيث يتم الاتفاق على تزويد أي مناسبة أو حفلة تقام بكافة الخدمات اللازمة.
وأضافت ان فكرة تعزيز هذا التعاون تحت مظلة واحدة أو تحالف يجمع بين الكل، سيجعل التعاون اكبر ما سينعكس على النتائج التي ستكون ذات فائدة للتجار ولأبناء المجتمع المحلي ويؤدي ذلك إلى الاكتفاء الذاتي.
وقالت المري ان الظروف التي مرت بها قطر من حصار لم تكن ضارة بل كانت نافعة، حيث انعكست ايجاباً على المنتج المحلي وتحول الحصار إلى نعمة وليس نقمة، مؤكدة أن الحصار افاد قطر وأفاد اهلها حيث بات التركيز على المنتج المحلي أولوية لدى الدولة ودعم هذا المنتج بات امرأ تلقائياً من قبل اهالي البلاد، مشيرة إلى أن المراكز والجهات المتخصصة زادت من اهتمامها وتركيزها على المشاريع الشابة مثل بنك التنمية الذي يعود اليه الفضل في نجاح وتقدم الكثير من المشاريع القطرية.
وأضافت المري ان السوق- في ظل الحصار- اخرج مواهب كثيرة إلى النور، فظهرت منتجات وطنية محلية ومشاريع قطرية لم يكن أحد يتصور أنها موجودة وبالجودة التي هي عليه، واصفة ذلك بأنه نعمة أدرك قيمتها القطريون والفضل يعود للحصار الذي أريد به الأذية ولكنه لم يجلب إلا الفائدة لنا.
وأشارت إلى أنه على صعيد المجتمع المحلي فإن التعاون والتضامن بين القطريات اصبح اقوى، حيث بتن يتكاتفن ويدعمن بعضهن البعض، وقد ظهرت الكثيرات من خبيرات التجميل كن في الظل ولكنهن بتن اليوم معروفات ولديهن عائدات أعلى، موضحة ان الاسعار التي كانت تاجرات الحصار تفرضها على القطريات كانت خيالية، على سبيل المثال كن يقبضن سعر ماكياج العروس حوالي 10 آلاف ريال للساعة الواحدة حيث يحتسبن التذكرة والفندق وغيرها، بينما اليوم باتت الأسعار لا تزيد على 3 آلاف ريال لخبيرة التجميل القطرية، وبالتالي فالأسعار باتت جيدة والفرص متاحة اكثر أمام القطريات.
الدعم موجود
وفي السياق نفسه، اكد عبدالله فالح السعيد، صاحب مشروع «بيك اند شيك» الذي تتوزع فروعه في مواقع مختلفة في قطر، أن المبيعات اصبحت اعلى بعد الحصار حيث اصبح المواطنون يتوجهون بشكل خاص إلى المنتجات الوطنية وأصبح هناك وعي اكبر بضرورة دعم المواهب الشابة كي تتطور وتتقدم بمشاريعها المتنوعة.
وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك تعاون بين مختلف هذه المواهب من أجل تحقيق عائدات اعلى لمشاريعهم وذلك من خلال تحالف أو مظلة واحدة تضم تحت جناحها اسماء متنوعة لمنتجين قطريين في مجالات مختلفة تكمل بعضها البعض مؤكداً ان مشروع كهذا كفيل بأن يجلب المزيد من الدعم لهم من المجتمع المحلي الذي لم يقصر يوماً في دعم ابناء وطنه وخصوصاً بعد الحصار.
ولفت إلى أنه ونظراً إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهته في بداية مشروعه الذي بدأ من المنزل وتوسع إلى فروع عدة، فقد قام بإنشاء شركة استشارية لأصحاب مشاريع المطاعم والمقاهي وذلك لتقديم دعمه ونصائحه لهم مبدياً كافة استعداده للانضمام إلى مثل هذا التحالف والمساهمة بخبرته في نجاحه ونجاح اعضائه من التجار المحليين.
وشدد على أن الدولة تركز على دعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقوم عبر جهات حكومية متنوعة بتقديم الدعمين المادي والمعنوي لهم وقد بات هذا الاهتمام أكبر في ظل الخطط الوطنية بتحقيق الاكتفاء الذاتي، مما يدعو إلى مزيد من الثقة والإرادة من قبل رواد الاعمال للمباشرة في تنفيذ افكار المشاريع حتى اذا كان رأس المال محدودا فكل عناصر النجاح متوافرة ولابد من الانطلاق بكل ثقة.
copy short url   نسخ
16/01/2018
2084