+ A
A -
عمان- الوطن- خالد سامح
درس التشكيلي العراقي وليد القيسي الفن في بغداد، وانتقل للعيش في الأردن عام 1992، ثم توجه إلى دولة قطر في العام 2001 قبل أن يعود إلى عمان عام 2016، تاركا بصمة مهمة في المشهد التشكيلي العربي لاسيما في مجال الخزف والتكوينات الفنية الطينية، وقد أقام خلال مسيرته الحافلة بالانجازات معارض شخصية عديده في قطر والأردن والعراق وغيرها من الدول كما شارك بملتقيات تشكيلية في أوروبا وأميركا وآسيا.القيسي يتحدث في هذا الحوار حول قضايا في عمق فلسفة الفن وآفاق الحداثة التشكيلية.
تخصصت في الخزف والتشكيلات الطينية، ما الذي دفعك لهذا الشكل الفني وجذبك لمادة الطين بالتحديد؟
- روح المادة تمتلك خاصية عالمية بسبب وجودها والفضاء الذي يخترقها وبسبب حساسسيتها، في بداية ألامر كانت تقودني أما الآن تحاورني.
ان الذات هي جوهر التعبير المجرد. لذلك كانت المغامرات مهمة، وتمثل فكرة أن المادة هي معنى وأن المعنى هو مادة اساسية لعملية الخلق، وصفت بجدارة من قبل الناقد الأميركي هارولد روزنبرغ في مقالته «حركة الرسم الأميركي». «فان الرسام لم يعد يقترب من لوح الرسم وفي ذهنه صورة، بل يذهب لها ومعه مواد في يديه ليفعل شيء لقطعة المادة تلك التي امامه. العمل الفني هو نتيجة لتلك المواجهه.
قلت في محاضرة أن العمل الفني يجب أن يكون شفافاً ويحمل حساً باطنياً، حدثنا عن هذا الحس الباطني الذي تحاول التعبير عنه في أعمالك؟
- يقول شاكر حسن ال سعيد: «العمل الفني اوسع من كونه جمالا». اصبح الفن اكثر عمقا في الرؤيا، التعمق في الاشياء، الصورة، المادة، العناصر فهي الوجود، فاصبحت الحركة والتركيب والتأويل هي ثقافة فن اليوم.كي اعطي للعمل بعدا ووجدانا اوسع فصار جسم الشيء اكثر تأويلا. بمعنى ان يكون الخراب هو الوسيلة للتعبير عن الوعي وعن الحياة. كل موت هو حقيقة الوجود لهذا كل رؤية هي نتيجة حس وتصور وهي تنشأ من الواقع على انقاص وجود العالم في ذروة الصراع الانساني والعالم وبما أن وجود الجمال لم يحقق تلك الشفافية الا بوجود التمرد على اشكال الاشياء والمادة لغرض الخلق.
الكثير من أعمالك تحاول أن تحاكي فيها المحاولات الانسانية الأولى للتشكيل أي عندما كان الانسان يعيش في الكهوف ويخربش على الحيطان وينقش على الطين.. ماهي رؤيتك في ذلك؟
- تقول سوزان سونتاغ «الفن لا يعبر فقط عن شيء بل هو شيء ما. العمل الفني هو شيء موجود في العالم، لا مجرد نص أو تعليق حول العالم»،الفن موجود بكل مكان وعلي ايصال هذه النصوص البصرية والمفاهيم للعامة وللعالم من خلال تطويع العناصر البصرية فكان الخراب الذي يحيط بنا هو الوعي لفهمه.وبما اننا اصبحنا نافذة مفتوحة على العالم من خلال الميديا أحاول التأسيس لقراءة جديدة للعمل من خلال التواصل وكشف المخبأ مستخدما كافة الادوات لخلق مناخ حواري ثقافي يكون إنسانيا أو تعبيريا لكنه يحمل صور بصرية وفكرية للعالم.
خضت أيضا تجربة فنون إعادة التدوير RECYCLE ART، حدثنا عن ذلك الشكل الفني الوافد الينا مع الفنون الحداثية الغربية؟
- المادة عامة سواء كانت معادة أو غير ذلك هي سؤال الفنان، وهي عنصر مهم لتنفيذ الفكرة لانها الهاجس والحجاب الذي يفتح افقه ويكشف المخبأ. فاستخدامي لهذا نوع من المواد تجلب لي المتعة وتفتحَ كل الاحتمالات في مساحات اخرى اثناء عملية الخلق.
مارأيك بتعمق حضور «الفنون المفاهيمية» في المشهد الابداعي العربي؟
- نحن نتعرض لصدمة ما بعد الحداثة! ما المطلوب؟ هو إضافة جديدة على المعرفة المتحصلة مما يحدث من تغيرات في الثقافة الفنية. ليس بين ماضي وتقليدي من جهة وحاضر ومعاصر من جهة اخرى. حتى النص اصبح يتعايش بين المعاني، بل هو ممر وتداخل اجناس، لهذا على المشاهد أن يصنع النص البصري معتمدا على ثقافته البصرية والفنية وتجربته!! فصار عدم الفصل بين الصدق والكذب، والواقع عن الصورة المصطنعة التي اعيد خلقها فيما بعد الحداثة، لكن هل هي اشتقاق الصورة من الواقع على نحو تدريجي فانتهى الامر بانقطاع كل صلة لها بالواقع. لكن هل يمكن للفن ان يُخلق أو يُفهم عندما لا يكون مربوطا أو مقيدا في موضوع جمالي، وكيف يمكن ان يعرف محتواه؟
فمنذ الستينيات والغرب كان يناقش «ما بعد الحداثة» لكن العرب لا زالوا عازفين عن الموضوع كأنما الموضوع لا يعنيهم.فهل التجاهل في محله؟
يقول اوسكار وايلد، الذي عرف بسخريته، حين قال «إننا نسمي فشلنا الذي نتحقق منه اكتسابا للخبرات».
من خلال مشاركاتي للمهرجانات الفنية والسفر في المنطقة العربية وجدت محاولات مهمة في هذا المجال، لكن نحن بحاجة إلى ادراك ما يحدث في الضفة الاخرى من العالم وهذا موضوع صحي لبناء المشهد الفني. لكن لازالت ثقافة هذا الفن محصورة على فئة معينة، بسبب مواد التدريس في المعاهد والكليات الفنية التي يتعلم الطلبة والفنانون فيها. هذه المفاهيم يجب ان تتطور وتتجدد وهذا يتم من خلال توفر الورش الفنية والمؤتمرات الفنية ومناقشات أمور الفن.
copy short url   نسخ
18/04/2018
3144