+ A
A -
الجزيرة نت- كثيرة هي النكبات والنكسات في التاريخ العربي المعاصر، ذلك خبر سيئ لا شك، لكن الخبر السعيد أن العرب لم يقفوا يوما صامتين، فقد كانوا يردون على الاعتداءات: بالشجب تارة وبالإدانة والاستنكار تارة أخرى. ليس هذا فقط، ففي الخطوب الجلل كان يمكن للعرب أن يصلوا إلى درجة التنديد بل التهديد بالرد في الوقت المناسب.
كانت إسرائيل على مدى عقود هي العدو الأول، والمعتدي الأكبر على العرب وأرضهم، فاحتلت فلسطين وابتلعت أرضها إلا قليلا، واحتلت أراضي سورية ومصرية، وفرضت نفوذها وسطوتها على القريب والبعيد، فكان نصيب العرب منها نكبة ثم نكسة مع كثير من صفحات الانكسار والهزيمة وقليل من صفحات نصر تصدرتها حرب أكتوبر 1973.
ورغم أن المقارنة تبدو فكاهية بين وطن عربي مساحته تقترب من نحو 14 مليون كيلومتر مربع وتعداد سكانه يتجاوز الأربعمائة مليون نسمة، وبين كيان صغير مغتصب يحتل نحو 20 ألف كيلو متر مربع ويقل سكانه عن تسعة ملايين نسمة؛ فإن الواقع الأسود يشير إلى أن التجاوز والعدوان كان يأتي من الطرف الأصغر، بينما العملاق العربي يكتفي بالشكوى شجبا واستنكارا وإدانة.
ربما لم يدر بخلد المواطن العربي أنه قد يعيش أياما نحسات، يشتاق فيها لما كان يسخر منه، فيصبح الشجب عملة نادرة ويصبح التنديد من المحال، ويكون الاستنكار بعيد المنال.
خرج الفلسطينيون تذكيرا بمأساة وطنهم المحتل، وتمسكا بأمل العودة إلى الأرض والديار، ودفاعا عن العاصمة المقدسة التي تتداعى عليها قوى الشر والجبروت لتكمل افتكاكها من أصحابها، أو هكذا تظن. وكانت النتيجة أن المعتدي استكثر على ضحيته حتى الغضب، فأطلق نيرانه ليقتل العشرات ويصيب الآلاف.
ستون شهيدا فلسطينيا راحوا ضحية مجزرة دامية ارتكبها الاحتلال ضد المتظاهرين الفلسطينيين عند نقاط التماس بقطاع غزة، بينما كانت إسرائيل تحتفل وتنتشي بنقل الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وتدشينا لعهد تكشف فيه واشنطن وجهها لتبدو صهيونية أكثر من الصهاينة.
تركيا كانت الأقوى ردا عندما قررت استدعاء سفيريها لدى واشنطن وتل أبيب، ووصفت إسرائيل بأنها إرهابية تمارس الإبادة، وأعلن رئيسها أردوغان الحداد الوطني لثلاثة أيام.
كما خطفت جنوب أفريقيا - وهي ليست دولة عربية أو مسلمة - الأضواء بإعلانها استدعاء سفيرها لدى إسرائيل، احتجاجا على إطلاق النار على المحتجين في قطاع غزة، كما خرج آلاف الجنوب افريقيين للشوارع دعما لفلسطين.
أما على الصعيد العربي، فقد ثقُل الشجب على كثيرين رغم خفته، واكتفت دول قليلة ببيانات استنكار وإعلانات قلق بدت وكأنها إبراء للذمة، وجمعت قائمة الشاجبين بين صادق يشكو قلة حيلته، وكاذب تنكر لعروبته ومروءته.
copy short url   نسخ
16/05/2018
1035