+ A
A -
عندما ذكر تقرير لخبراء الأمم المتحدة للسودان في يناير من العام الماضي، أن دارفور خالية من التمرد ولا وجود للحركات المسلحة إلا بجبل مرة، ولاية غرب دارفور، علمت الحكومة ما عليها فعله، فبدأت تحشد قواتها لتنظيف الجبل. وسياسة التنظيف العسكري قديمة، أدخلها القيادي بالحزب الحاكم في السودان د.نافع علي نافع في العام 2006م، بعد اتفاق أبوجا، حينها قصفت الحكومة مواقع الحركات المسلحة غير الموقعة على الإتفاقية بشمال دارفور، فقال نافع أن الجيش ينظِّف دارفور من التمرد. دلالة الكلمة نفسها توضح كيف ظلت الحكومة تتعامل مع حركات المقاومة. فالتنظيف لا يتم إلا للشيء المتسخ، ومواقع الحركات تمثل قذارة يجب تنظيفها، لا فرق هنا بين من يحمل السلاح وبين مواطنٍ أعزل. تجري العملية في قرى بسكانها وبيوتها ومزارعها، فكل المنطقة بما حوت لا تعني للنظام سوى بقعة تحت التنظيف بكل الوسائل.
منذ بداية أبريل الماضي بدأ النظام حملة تنظيفٍ جديدة بجبل مرة، حشد لها جيشه ومليشياته، وقد خلَّفت الآلاف من الضحايا لا يعلم أحد عددهم ولا مصيرهم. الآن ترد الأخبار عن حشودٍ عسكرية كبيرة بولايتي وسط وجنوب دارفور، وفقاً لمصادر صحفية. يحدث هذا تحت سمع وبصر النادي الدولي ودوله الكبرى، فالأمم المتحدة نفسها تريد جبل مرة نظيفاً توطئة لطي ملف حرب دارفور.
في مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد نهاية زيارته للسودان، تحدث مسؤول الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارك لوكوك، الأثنين الماضي، عن الوضع الإنساني المعقد بالسودان، وعن ضرورة الوصول للمحتاجين بغرض تقديم العون الإنساني لهم في كل أنحاء السودان، لكنه عندما تحدث عن موجة جديدة من النزوح بجبل مرة، ذكرها بعد إشادته بتحسن الأوضاع الأمنية في كل ميادين الحرب، بعد إعلان الحكومة لوقفٍ لإطلاق النار من طرفٍ واحد. تجاوز الحديث عن استمرار المعارك أثناء وقف إطلاق النار، وما يعنيه من عدم جدية الحكومة في ذلك، إذ كيف تعلن وقف النار في الثامن والعشرين من مارس لتبدأ مليشياتها في مهاجمة جبل مرة بعد يومين.
ما جرى وسيجري في الأيام القادمة بجبل مرة، لن تسميه وسائل الإعلام العالمية والمنظمات الدولية، والدول التي تدَّعي رعاية السلام وحقوق الإنسان في العالم، لن تسميه إبادة جماعية، حتى وإن سوَّت مليشيات النظام بالجبل وأهله الأرض، هو مجرد تنظيف.
copy short url   نسخ
17/05/2018
1927