+ A
A -
بيروت- الوطن – نورما أبو زيد
طوت بيروت صفحة الانتخابات النيابية مع كلّ تداعياتها السلبية، وفتحت صفحة تشكيل حكومة جديدة.
111 نائباً من أصل 128 سمّوا سعد الحريري لرئاسة الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكلّ الكتل النيابية التي يتشكّل منها البرلمان الجديد أعلنت عن رغبتها بحصول تأليف سريع للحكومة.
رئيس الجمهورية هو أكثر المهتمين بتشكيل حكومة سعد الحريري بصورة سريعة، لأنّه يعتبر أنّ انطلاقة عهده الفعلية مرتبطة بانطلاقة الحكومة، ولكن رغم إصرار رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة دون إبطاء، وتزامن ذلك مع إعلان «حسن النيات» من قبل جميع الفرقاء السياسيين، هناك تخوف من عرقلة التأليف بسبب الضغوط السعودية الموضوعة على رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وبسبب خلاف الكتل السياسية على الوزارات السيادية والخدماتية.
الحراك السعودي الرامي إلى عرقلة تشكيل الحكومة ليس خافياً على أحد، وتجد الأخيرة في العقوبات الأميركية المفروضة على «حزب الله» فرصة مناسبة لفرض شروطها على الحريري بما يتواءم مع رؤيتها، ولتلافي هذا المطبّ الخارجي، يجري سعد الحريري اتصالات خارجية على مستويات عالية، لاسيما مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكي تخفف الرياض من الضغوط التي تمارسها عليه.
أمّا فيما خصّ المطبات الداخلية، المتعلّقة بحصص كلّ فريق سياسي داخل الحكومة، يبدو أنّ هناك اتفاقاً من تحت الطاولة على توزيع الحقائب الوزارية السيادية على الكتل الوازنة، مع الحفاظ على التوازن الطائفي فيها، بمعنى إسناد وزارة الداخلية إلى السنة، ووزارة المالية إلى الشيعة، ووزارتي الخارجية والدفاع إلى المسيحيين. وعليه، من غير المتوقّع أن تندلع خلافات حول هذه الحقائب الأربع، ولكن يرجّح أن يحصل اشتباك حول الحقائب الخدماتية الثماني، خاصة وأنّ هناك نية لصدّ مطالب حزب «القوات اللبنانية» بالحصول على أكثر من حقيبة خدماتية.
عقدة «القوات اللبنانية» ستكون المطبّ الأكبر في وجه الحكومة العتيدة. فقد نجح حزب «القوات» خلال الانتخابات النيابية الأخيرة في مضاعفة حجم كتلته النيابية، الأمر الذي يؤهله للحصول على أربع حقائب وزارية من بينها حقيبة سيادية وأخرى خدماتية، ولكن من الواضح أنّ حقيبتي الخارجية والدفاع محجوزتان سلفاً لصالح رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحرّ»، الأمر الذي يعني بأنّ حزب «القوات» سيخوض معركة طاحنة تحت عنوان الدفاع عن مكتسباته، وسيعرقل بالتالي تشكيل الحكومة.
تعتبر عقدة «القوات اللبنانية» العقدة الجدية شبه الوحيدة في مسار تشكيل الحكومة. فالتفاهمات القائمة بين «التيار الوطني الحرّ» و«تيار المستقبل» و«حزب الله» ستقلّص الخلافات على الحصص الحكومية إلى حدها الأدنى، لتطفو على السطح عقدة «القوات» فقط. فهي من جهة ستصرّ على مطالبها لاسيما حقها في الحصول على وزارتين سيادية وخدماتية، والقوى السياسية الأخرى ستصرّ في المقابل على إقصائها، في ظلّ الخلاف المستمر بين رئيس «القوات» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل، وكذلك في ظلّ العلاقة الحذرة بين حزب «القوات» و«تيار المستقبل»، بعد اتهام جعجع بالتحريض على الحريري لدى السعودية، وعدم استعداد «حزب الله» لخوض معركة «القوات» في الحكومة، ونأي نبيه بري بنفسه بعدما حجبت «القوات» أصواتها عنه في انتخابات رئاسة المجلس واقترعت بورقة بيضاء.
لم يبق إلى جانب جعجع سوى حليفه في الانتخابات وليد جنبلاط، ولكن ليس بمقدور جنبلاط أن يقدّم له شيئاً، وهو في معركة مع «التيار الوطني الحرّ» للاستحواذ على الحقائب الدرزية الثلاث.
في ظلّ كلّ ما تقدّم، من المرجّح أن يعتمد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع على الدعم السعودي في مواجهة عدم عزله داخلياً، وستجد المملكة فيه «الشرك» الذي تصطاد من خلاله إمكانية تشكيل الحكومة في وقت سريع، ولذلك يرجّح أن تطول عملية التشكيل.
copy short url   نسخ
27/05/2018
3380