+ A
A -
الخرطوم- الوطن- عثمان محمد يوسف
لا توجد احصائيات دقيقة لأعداد الأطفال الجنود، ولكن تشير التقديرات إلى أن هنالك عشرات الآلاف من الأطفال يشاركون مع الجماعات المسلحة حول العالم.
ووثقت شبكة رصد حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) عملية تجنيد الأطفال، حيث تبين أن الأطفال الجنود يشاركون في القتال في 14 دولة على الأقل. وأن الجماعات الأفغانية المتمردة- بما فيها حركة طالبان- تستخدم الأطفال كمقاتلين ويشمل ذلك الهجمات الانتحارية.

أما في بورما، فإن آلاف الأطفال يخدمون في الجيش الوطني وبعضهم أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم 11 عاما يتم تجنيدهم قسرا من الشوارع وإرسالهم إلى مناطق العمليات. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، هنالك المئات من الأطفال الذين يقاتلون مع الجماعات المتمردة. أيضأ، يوجد في كولومبيا آلاف من الأطفال– صبيان وبنات- يخدمون في الجماعات الكولومبية المسلحة غير النظامية. علما بأن الغالبية منهم يشاركون في حرب العصابات.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن هنالك أكثر من 30 ألف صبي وفتاة يقاتلون مع مختلف أطراف النزاع المسلح في جمهورية الكونغو الديمقراطية، سواء ضمن القوات المسلحة الحكومية أو بجانب القوات المتمردة. وفي الصومال، تقوم حركة الشباب الإسلامية المسلحة بتجنيد الأطفال قسرا، وغالبيتهم لا تتجاوز أعمارهم 10 عاما.
يشار إلى أن حكومة جنوب السودان سبق أن تعهدت بالتوقف عن الاستعانة بالجنود الأطفال، ولكنها استمرت في تجنيد الأطفال ولم تعمل حتى الآن على تسريح كافة الأطفال من قواتها المسلحة. وتؤكد الأمم المتحدة على انتشار تجنيد الأطفال بدولة جنوب السودان في سياق الحرب الأهلية الجارية حاليا، وتشير إلى أن قرابة 11 طفلا ينخرطون في القتال مع كل من القوات المسلحة الحكومية وقوات المتمردين. أيضا، نجد أن الحكومة اليمنية تقوم بتجنيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما، واستيعابهم في قواتها المسلحة بغرض المشاركة في قتال الجماعات الحوثية المتمردة في شمال اليمن، والتي تضم هي الأخرى جنودا من الأطفال. عموما، كلما تصاعدت حدة النزاع في جنوب السودان، كلما ازدادت الحاجة للقوى البشرية العسكرية في دولة حوالي نصف سكانها تقل أعمارهم عن 15 عاما.
حسب تعريف الأمم المتحدة فإن الجنود الأطفال هم «الأطفال المنتسبون للقوات والجماعات المسلحة». وبما أن جميع هؤلاء الأطفال لا توكل لهم مهام مسلحة، وبالتالي يكون التعريف الأكثر دقة كالآتي: « أي طفل ينتسب إلى أي قوة أو جماعة مسلحة يقصد به أي شخص عمره أقل من 18 عاما، تم تجنيده أو استغلاله بواسطة جماعة مسلحة لتأدية مهمة ما. ويشمل ذلك على سبيل المثال وليس الحصر،الأطفال- من الصبيان والبنات- الذين يتم توظيفهم كمقاتلين، طباخين، حمالين، جواسيس». علما بأن بعض الأطفال يتم اختطافهم من قبل الجماعات المسلحة، وبعضهم يتم إغواؤه عن طريق وعود بتوفير التعليم، الأمن أو المال. وهنالك آخرون يتم إجبارهم أوتلقينهم.
ويعتقد الكثيرون أن الأطفال يتم استغلالهم فقط بواسطة المليشيات المتمردة، بينما نجد أنهم غالبا ما يتم تجنيدهم من قبل القوات الحكومية المسلحة. في الواقع، فإن هؤلاء الأطفال يصبحون عرضة لمخاطر مهولة، وآثار سلبية لاحقة يعانون منها مدى الحياة. حتى في حال تسريح هؤلاء الأطفال أو هروبهم، فقد يواجهوا بحقيقة مقتل ذويهم في النزاعات المسلحة- أو أحيانا يتم نبذهم من قبل مجتمعاتهم المحلية.
نظرا لزيادة عدد الأطفال المنتسبين للجماعات والقوات المسلحة- في ظل التوجهات الحديثة للحرب- فإنه يستحسن الاهتمام بحصيلة المعرفة المتعمقة بشأن الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة والبرامج التي يمكن أن تحول دون تجنيد الأطفال مع دعم عملية إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم.
في هذا- الخصوص، نجد أن منظمة الأطفال الجنود العالمية تكرس جهودها عالميا للحيلولة دون استغلال الأطفال في الحرب، وذلك من خلال التصدي لمنع أي توجهات لتجنيد الأطفال في القوات المسلحة. ويتم ذلك عن طريق: تعزيز أسس المقاومة في المجتمعات المحلية لأي محاولة لتجنيد الأطفال، إقناع وتشجيع الحكومات والجماعات المسلحة لإنهاء ممارسة تجنيد الأطفال، ترسيخ عملية إعادة الدمج الفعالة للأطفال الذين يتم تسريحهم.
الأطفال يستحقون أقصى درجات الحماية والرعاية. ولكن وضعهم كجنود يجعلهم أكثر قابلية للإهلاك والتضحية بحياتهم. عليه، فإن المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لاتخاذ تدابير حاسمة للحد من تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات والحروب. وأن تتاح للأطفال الضحايا حياة مختلفة تكفل نشأتهم في أجواء آمنة ومستقرة مع تمتعهم بكامل حقوقهم الإنسانية.
copy short url   نسخ
27/05/2018
4501