+ A
A -
كتب – أكرم الفرجابي

دعا عدد من أساتذة الشريعة وعلماء الدين، أولياء الأمور إلى استثمار الإجازة الصيفية لأبنائهم في حفظ القرآن، وقالوا خير ما تصرف فيه الأوقات والقدرات، هو تعلّم القرآن الكريم والعلوم الشرعية، فهي خير العلوم وأزكاها.
وأشاروا في حديثهم لـ «الوطن» إلى أن المسلم سوف يسأل عن أوقات فراغه قبل عمله، والوالدين مسؤولين عن أوقات أبنائهم خلال فترة الإجازة، وأكدوا أن أفضل ما نعمر به الأوقات، هو تعليم وتعلم القرآن، فمن واجبنا دفع الأبناء إلى مراكز تحفيظ القران، ونحن لا نملك أغلى من هذا الكتاب، لافتين إلى أنه في مراكز تحفيظ القرآن سيجد الأبناء الرفقة الصالحة والبيئة النظيفة والمنهج القويم.
مائدة القرآن
بدايةً يقول فضيلة الشيخ الدكتور محمد يسري إبراهيم، أمين عام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، أن أهمية المراكز الصيفية لتعليم القرآن الكريم، تكمن في أن هذه المراكز الصيفية ضرورة مجتمعية، كون المجتمعات تقاس قوتها بإنتماء شبابها إلى رسالتها، ورسالة هذه المجتمعات المسلمة، تدور حول كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا إنتمى هؤلاء الشباب إلى مائدة القرآن وتربوا عليها، فقد ضمنت هذه المجتمعات وجود الكوادر التي تتحرك بالقرآن فيها، ليس على المستوى الشرعي فحسب، بل على المستوى الشرعي والعلمي والعملي على حد سواء، وهذه النقطة أساس في بناء المجتمعات الحاضرة، لافتاً إلى أن التربية هي بمثابة الوقاية من الفتن، والعصمة من أخطار الحياة المعاصرة، ولا يوجد ما هو أفضل من القرآن لحماية لهؤلاء الشباب والحفاظ على معتقداتهم وأخلاقهم وتصوراتهم وأفكارهم صحيحة سليمة، لأن هؤلاء الشباب يواجهون مغريات الفتن والمحن التي تنشر في الفضائيات والإنترنت بصدور عارية.
محاضن تربوية
وقال د. يسري أن المراكز الصيفية لتعليم القرآن تمثل للشباب وقتاً حيوياً يقضونه مع أساتذة أجلاء، ومع أمثالهم وأضرابهم من طلبة هذه المراكز القرآنية، وهذا يوفر ما يمكن أن نسميه بالمحاضن التربوية، والتي هي أساس وعماد لهذه المجتمعات، مشيراً إلى أن المجتمعات القرآنية التي يتربى فيها أبناؤنا التي ينشأ فيها أولادنا، تمثل بحمد الله تبارك وتعالى ما يشبه المحضن، الذي يفرخ القيادات وينشر الخير في هذه المجتمعات، وأضاف: من أهمية هذه المراكز الصيفية أنها تعلم هؤلاء الأبناء وتعود هؤلاء الشباب حياة مختلفة عن الحياة التي يعايشونها طوال العام، فهم يتربون على أن يقوموا بحق القرآن، وأن يتعلموا آداب القرآن، وأن يأخذوا بفهم القرآن، وأن يعملوا بأوامر القرآن على أن يقوموا بحق القرآن، كثيرون هم الذين تخرجوا في المحاضن التربوية القرآنية، وأصبحوا قادة في مجتمعاتهم بهذه الدولة المباركة، وفي غيرها من الدول التي بلغت فيها العناية بكتاب الله مبلغاً عظيماً.
منهج تربوي
ونبه د. يسري إلى أهمية إعداد الأساتذة والمدرسين والمشايخ الذين يقومون بتدريس القرآن، فليست القضية مجرد التلقي أو الحفظ، وإنما القضية أن يتلقى الناشئة عن القدوات الذين يعلمونهم كيف يكون تدبر كتاب الله تعالى، وكيف يكون العمل بكتاب الله، وكيف يكون التخلق بأهل القرآن، مشدداً على ضرورة أن يصاحب تعليم كتاب الله تبارك وتعالى دراسة لمناهج تتعلق بتفسير تلك الآيات، مع معرفة لغريب ألفاظ تلك الآيات، مع مراعاة أن يكون هنالك منهج تربوي قرآني أخلاقي يتربى عليه الناشئة، ويتلقون فيه عن أساتذتهم ويكون بين أيديهم بعد ذلك للمراجعة، مشيراً إلى أهمية أن تكون نشاطات هذه المراكز الصيفية متكاملة، فهي تجمع بين التلقين لكتاب الله تعالى، والتعليم لبعض المهارات كمهارة الخطابة أو الإلقاء أو الكتابة، ككتابة المقال أو التلخيص كتلخيص الكتب والمقالات المطولة، أو معرفة أهم القواعد اللغوية والنحوية ونحو ذلك، بحيث يتدرب الطالب على مهارات لغوية وكتابية تصاحب علوم القرآن الكريم، فإن تعلم القرآن يدعم اللغة العربية ويقويها، مطالباً باستمرارية المراكز الصيفية ما بعد الإجازة بحيث تبقى ويبقى آثرها طوال العام.
برامج هادفة
من جهته دعا الدكتور محمد بن راشد المري، الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، الشباب إلى اغتنام هذه الإجازة، بقضاء الجزء الأكبر من أوقاتها فيما ينفع ويفيد، مطالباً الآباء بتوجيهُ وتشجيع ومساعدة أبنائهم على شغل أوقاتهم بالمفيد من علم أو عمل ومن ذلك تعلم العلوم والمهارات المفيدة، قائلاً: خير ما تصرف فيه الأوقات والقدرات هو تعلّم القرآن الكريم والعلوم الشرعية، فهي خير العلوم وأزكاها وأبهاها وأحلاها وأدومها نفعاً وصلاحاً، وفيها الفوز والسعادة والفلاح، داعياً المراكز التربوية وغيرها من المراكز إلى الاهتمام بتنظيم الدورات العلمية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم والبرامج التدريبية وغيرها من البرامج، مشيراً إلى أن هذه المراكز فرصة كبيرة لنا، ولأبنائنا لأنها تجمع بين التربية والترفيه المباح، ويستطيع أيضا كلٌّ منا أن يعمل برامج هادفة للأسرة حتى في منـزله، سواء كانت برامج تقوي صلتهم بالله، أو برامج أخرى تنمي فيهم بعض المعارف والمهارات المفيدة؛ وعمل المسابقات والحوافز في ذلك.
مراكز التحفيظ
بدوره تساءل فضيلة الشيخ الدكتور محمود عبدالعزيز، الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قائلاً: لماذا لا يَحرِصُ ولِيُّ الأمر على أن يلتحق أبناؤه وبناته بالمراكز الصيفية التي تُحفِّظ القرآن الكريم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خيرُكم مَنْ تعلَّم القرآنَ وعَلَّمه)؟! خاصةً أن مراكز تحفيظ القرآن الكريم منتشرةٌ في جميع أرجاء الدولة، حيث عمِلت إدارة التحفيظ على إنشاء مراكز لتحفيظ القرآن الكريم في المساجد الكبرى، وهناك كثيرٌ من العلماء والشيوخ وأهل القرآن يُحفِّظون أبناءنا مجاناً، فكل شيخٍ يكون أمامه ما يَقرُب من أربعة أو خمسة أو ستة طلاب يحفظون القرآن، علماً بأنَّ هناك مراكزَ أُعِدَّت لبناتنا، وهي متاحة مع حافلات تذهب إلى جميع الأماكن كل منطقة على حِدَةٍ، وأوضح فضيلته أن البيت الذي يُقرأ فيه القرآن يتَّسع على أهله ويكثُر خيرُه، ويقِلُّ شرُّه، والبيت الذي لا يُقرأ فيه القرآنُ، يقِلُّ خيرُه ويَكثُرُ شرُّه، والبيت الذي يُقرأ فيه القرآن تَفِرُّ منه الملائكةُ، والبيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن تكثُر شياطينُه؛ موضحاً أن ولي الأمر مسؤولٌ عن تحفيظ أبنائه القرآنَ؛ لأن هذا أقلُّ حقٍّ لأبنائنا، لذا علينا أن نُعلِّمهم القرآنَ كتابَ الله تبارك وتعالى، في الوقت الذي تحرص فيه المراكز الصيفية على تعليمهم اللغة الإنجليزية والحاسوب، وغيرها من الأمور الدنيوية، فينبغي علينا أيضاً أن نُعلِّمهم أموراً تنفعهم في دنياهم وفي أُخراهم، تنفَعهم في الدنيا بأن يكون لسانُه لساناً عربيًّا مبيناً، يتكلَّم الفصحى بطلاقة من غير لحنٍ أو أخطاءٍ في النحو، هذا ببركة القرآن.
دفع الأبناء
من جانبه يرى فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي، الخبير الشرعي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن المؤمن ليس لديه عطلة، لأن الواجبات والفضائل أكبر من الأوقات، مؤكداً أن المسلم سوف يسأل عن أوقات فراغه قبل عمله، والوالدين مسؤولين عن أوقات أبنائهم خلال فترة الإجازة، قائلاً: أفضل ما نعمر به الأوقات تعليم وتعلم القرآن، ومن هنا فمن واجبنا دفع الأبناء إلى مراكز تحفيظ القران، ونحن لا نملك أغلى من هذا الكتاب، لافتاً إلى أنه في مراكز تحفيظ القرآن سيجد الأبناء الرفقة الصالحة والبيئة النظيفة والمنهج القويم، مشيراً إلى أهمية دور المعلم في حلقات تعليم القرآن، بحيث لا ينحصر دوره على تخريج أكبر عدد من الحفاظ فحسب، مع أن هذا هدف ومطلب من مطالب الحلقات القرآنية، بل يعمل إلى جانب ذلك على تخريج أناس يمثلون القرآن واقعاً وسلوكاً وتربية في حياتهم، وإن لم يحفظوا القرآن كاملاً.
copy short url   نسخ
24/06/2018
8209