+ A
A -
بغداد- أ.ف.ب- لم تكن حركة الاحتجاج التي قام بها العراقيون في البصرة وعدد من مدن الجنوب والتي تراجعت وتيرتها خلال الأيام القليلة الماضية وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة تراكم سنوات من الغضب الاجتماعي الذي كان معلقا بحجة الحرب ضد التنظيمات المسلحة، بحسب ما يقول محللون.
بعد نحو «6» أشهر من إعلان السلطات العراقية «النصر» على تنظيم داعش عقب ثلاث سنوات من معارك دامية دارت على ثلث أراضي البلاد التي كانت خاضعة لسيطرته، عادت المشاكل الاجتماعية لتحتل رأس سلم الأولويات، فعمت الاحتجاجات المطلبية المحافظات الجنوبية بدءا من البصرة، مدينة النفط.
وقال الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة، فنر حداد، إنه «مع انتهاء الحرب ضد داعش، عادت إخفاقات الطبقات السياسية العراقية في جميع جوانب الحكم والإدارة الاقتصادية بقوة إلى الواجهة».
وتشمل هذه الإخفاقات جميع القطاعات، بدءا من الانقطاع الكبير للكهرباء ومرورا بنقص المياه وانعدام الخدمات، وصولا إلى توفير فرص العمل، مطالب جعلت الآلاف يصرخون على مدى عشرة أيام: «أين الحكومة؟». وأضاف حداد أن «المطالب الصيفية حالة سنوية منتظمة» في بلد تصل درجات الحرارة فيه خلال الصيف إلى 50 درجة مئوية.
وتابع: «العراقيون في البصرة وفي أماكن أخرى لديهم ما يكفي من الشكاوى المشروعة اللازمة لظهور احتجاجات عفوية، بغياب أي يد تآمرية».
واعتبر حداد أن ما يحصل هو «انفجار غاضب بوجه نظام كامل حرم العراقيين بوقاحة أي فرصة لحياة أفضل». ويقول إن «هذه الاحتجاجات عفوية»، أما كيف يمكن لأحزاب سياسية أن تحاول الاستفادة منها، «فتلك قصة أخرى».
من يقف خلف هذه التظاهرات؟ ومن يقودها؟ وما هدفها؟ كلها أسئلة طرحت في خضم توتر طال مقرات أحزاب ومؤسسات حكومية تعرضت للحرق أو محاولات اقتحام.
وأقرت الحكومة بحق التظاهر، وأكدت أن الدستور يكفل احتجاج الجماهير السلمي. لكنها بدت قلقة في الأيام الأولى للاحتجاجات التي ظهرت وكأنها تهدف إلى إسقاط نظام صار هشا في مرحلة ما بعد الانتخابات التي لم تنته فصولها بعد.
ولا يزال العراقيون الذين عاقبوا السلطة في 12 مايو الماضي، بالإحجام الكبير عن التصويت في الانتخابات التشريعية، ينتظرون نتائج هذا الاقتراع الذي يشهد حاليا إعادة فرز يدوي للأصوات على خلفية شبهات تزوير.
وترجم توتر الحكومة في مشاهد عدة: أولا بقطع رئيس الوزراء حيدر العبادي زيارته إلى بروكسل متوجها مباشرة إلى البصرة سعيا إلى حلحلة الأمور، إضافة إلى عقد اجتماعات عدة في بغداد والمحافظات مع شيوخ العشائر ذات النفوذ القوي في البلاد.
لكن الوضع ازداد تأجيجا رغم ذلك. فمن البصرة، امتدت نيران الغاضبين باتجاه محافظات ذي قار وميسان والنجف والمثنى وكربلاء في الجنوب الذي لم يصل إليه المسلحون، لكنه كان منبعا للمقاتلين المساندين للقوى الأمنية في صفوف قوات الحشد الشعبي.
وأعلنت السلطات سقوط «8» قتلى بين المتظاهرين دون تحديد المتسبب بقتلهم.
copy short url   نسخ
19/07/2018
2437