+ A
A -

كتب- أبو بكر محمد


شهدت أسعار النفط تذبذبات كثيرة خلال تعاملات الأسبوعين الأخيرين بين الارتفاع والانخفاض، إلا أنها كانت في مستويات ما فوق 70 دولارا، الأمر الذي زاد التكهنات بشأن تماسك الأسعار خلال الفترة المقبلة، وأنه لا عودة إلى الانخفاضات الحادة مرة أخرى.
وأكد المحللون وخبراء السوق أن هناك 3 تحديات رئيسية تواجه السوق النفطي خلال الفترة الأخيرة، وتسببت في الاضطرابات التي شهدتها الأسعار، مشيرين إلى أن أول تلك الأسباب يتمثل في العقوبات الأميركية المحتملة على إيران ومدى تأثيرها على المعروض في السوق، وهل ستلجأ إيران إلى الصفقات غير المباشرة لتصريف إنتاجها مما يحافظ على حصتها السوقية.
وأضافوا أن السبب الثاني تمثل في زيادة الإنتاج المتوقع من قبل ليبيا وما أعلنته السعودية من اتجاهها لرفع طاقتها الإنتاجية، لافتين إلى أن التحدي الثالث نتج عن الحرب التجارية التي تصاعدت خلال الأسبوعين الماضيين بين الولايات المتحدة الأميركية من جانب وأوروبا والصين من جانب آخر.
وقبل أيام أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا رفع حالة القوة القاهرة التي فرضتها على موانئ شرق البلاد، وذلك بعد تسلم تلك المواقع مجدداً، الأمر الذي يمهد الطريق نحو استئناف القدرة الإنتاجية للبلاد، ومن المتوقع أن تسهم هذه التطورات في زيادة إنتاج ليبيا إلى أكثر من 700 ألف برميل يوميّاً.
الخبير الكويتي كامل الحرمي قال إن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تقلب السوق النفطي وانخفاض الأسعار ومن ثم ارتفاعها، يأتي في مقدمتها مبالغة السوق في تقديره بشأن انخفاض المخزونات، وأيضا التوقعات الصادرة عن أوبك بشأن الطلب العالمي وانخفاضه خلال العام القادم، نتيجة الحرب التجارية الحالية بين الصين وأوروبا وأميركا مما سيؤدي إلى حالة من التضخم المالي وسيؤثر على الأداء الاقتصادي العالمي.
وأضاف «الحرمي» أن الارتفاعات الأخيرة في الأسعار ناتجة عن الفائض في حدود مليوني برميل في اليوم، إلا أن هناك العديد من الأحداث المتداخلة التي فرضت ضبابية عل الأسواق، نظرا لعودة نفط ليبيا، ومن ثم انخفاض إنتاج إيران، وأيضا انخفاض إنتاج فنزويلا، ولذلك هناك مشكلة وقلق في الأسواق، لافتا إلى أن تحرك السعودية نحو زيادة إنتاجها سيحدث أزمة في السوق.
وأشار «الحرمي» إلى أنه يتوقع بقاء أسعار النفط مرتفعة ومتماسكة رغم تلك التقلبات، مشيرا إلى أن العودة إلى الانخفاض مرة أخرى لن تحدث، موضحا أن أسعار النفط وجدت دعما في العقوبات الأميركية الوشيكة على إيران، والتي تنذر بقطع الإمدادات رغم تعهد منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» بزيادة الإنتاج لتعويض أي نقص في المعروض بسبب تعطل الإمدادات.
ونهاية الأسبوع الماضي حذرت وكالة الطاقة الدولية، من أن احتياطي إمدادات النفط العالمية استنفد بالكامل بسبب حالات تعطل الإنتاج الممتدة لفترات طويلة، مما يدعم الأسعار ويهدد نمو الطلب.
وأشارت إلى أنه في ظل شح المعروض، قامت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وبعض كبار المنتجين خارجها ومن بينهم روسيا بتخفيف اتفاقهم لخفض الإنتاج، حيث تعهدت السعودية بدعم السوق في الوقت الذي اتهم فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنظمة بدفع الأسعار للارتفاع.
وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري لأسواق النفط إن هناك بالفعل مؤشرات مبشرة جدا على أن إنتاج كبار المنتجين يزيد وسيبلغ مستوى قياسيا، لافتة إلى أن حالات تعطل الإنتاج تبرز الضغط الذي تتعرض له الإمدادات العالمية في الوقت الذي ربما يكون فيه احتياطي الطاقة الإنتاجية الفائضة العالمي قد استنفد بالكامل.
وتابعت: أن إنتاج «أوبك» من الخام في يونيو بلغ أعلى مستوى في أربعة أشهر عند 31.87 مليون برميل يوميا، وبلغ فائض الطاقة الإنتاجية في منطقة الشرق الأوسط في يوليو 1.6 مليون برميل يومياً وهو ما يعادل نحو اثنين في المائة من الإنتاج العالمي.
وفي تصريحات له مؤخرا إلى ذلك، قال سهيل المزروعي رئيس منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن تقلب سوق الخام أمر غير مرغوب، وإن المنظمة تفضل مناخا أكثر استقرارا للأسعار، مشيرا إلى أن المنظمة وبعض كبار المنتجين خارجها يعكفون على خطة طويلة الأمد لبناء طاقة إنتاجية فائضة تحمي السوق من أي تعطل غير متوقع للإمدادات.
وأكد «المزروعي» أن تقلبات الأسعار ستستمر في السوق العالمية مادام هناك غياب لخطة طويلة الأجل للإنتاج.
قالت إدارة معلومات الطاقة إن متوسط الإنتاج الأميركي من النفط سيصل إلى 11.8 مليون برميل يومياً في 2019، وهو ما يزيد على المتوسط القياسي المسجل عام 1970 عند 9.6 مليون برميل يوميّاً.
وعلى الجانب الآخر رفعت السعودية إنتاجها من النفط الخام خلال شهر يونيو الماضي، بنسبة 4 في المائة بما يعادل 405 آلاف برميل يوميا على أساس شهري، ليبلغ 10.42 مليون برميل يوميا، مقابل 10.02 مليون برميل يوميا في شهر مايو من العام ذاته.
ورغم الإنتاج المرتفع في شهر يونيو لكنه يبقى أقل من مستويات إنتاج السعودية قبل اتفاق خفض الإنتاج، حيث كان قد سجل 10.72 في شهر نوفمبر من عام 2016 قبل الاتفاق، وتستطيع السعودية زيادة الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا حيث تبلغ الطاقة القصوى لإنتاجها 12 مليون برميل يوميا.
وعن التحدي الثاني المتمثل في الصراع الأميركي- الإيراني وتأثيره على السوق النفطي قال الدكتور ممدوح سلامة الخبير النفطي إنه في الوقت الذي تتواصل فيه الضغوط الأميركية على حلفاء واشنطن في أوروبا وآسيا لمنع إيران من تصدير النفط، إلا أن الجميع يعلم أن ذلك لن يحدث لأن العالم بأجمعه لن يرضخ للتهديدات والضغوط، مؤكدا أن تلك الضغوط والعقوبات لن تنجح في خفض صادرات إيران من النفط، حيث قال: «إيران لن تخسر برميلا واحدا نتيجة ضغوط واشنطن».
وأضاف أن وجود «البترو- يوان» يقوض «البترو - دولار» ويسمح لإيران بالحصول على ريع بيعها للنفط من الصين من البترو يوان المدعوم بالذهب، كما ستحصل على ريع بيعها للنفط لأوروبا عبر اليورو، وإضافة إلى ذلك فإيران لديها اتفاقيات النفط مقابل السلع مع كل من روسيا وتركيا والهند، وأميركا تحاول الضغط على الهند إلا أن الأخيرة أعلنت رفضها لتلك العقوبات.
وتابع: أن اليابان حليف أميركا، قالت إنها تنتظر موافقة أميركا على استيراد النفط الإيراني، وكوريا الجنوبية أعلنت أنها لن تتخلى عن استيراد النفط الإيراني، مما يعني أن العقوبات ستفشل.
أما التحدي الثالث فأشارت إليه منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حيث حذرت من أن التوترات في التجارة العالمية يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على سوق النفط من خلال انخفاض الطلب على الخام، متوقعة انخفاض الطلب العالمي على خامها في العام المقبل مع تباطؤ نمو الاستهلاك، وضخ منافسيها المزيد من الإمدادات، بما يشير إلى عودة الفائض في السوق على الرغم من الاتفاق الذي تقوده المنظمة لكبح الإمدادات.
وقالت المنظمة في تقريرها الشهري الأخير إن انتعاش التجارة العالمية في عامي 2016 و2017 ساعد على زيادة النمو الاقتصادي، وهو ما زاد بدوره من الطلب على الخام، إلا أنها قالت إن ذلك من المحتمل أن يتغير بسبب الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.
copy short url   نسخ
21/07/2018
2489