+ A
A -
حوار- محمد حربي
أشاد سعادة السفير منير غنام، سفير دولة فلسطين لدى الدوحة، بموقف دولة قطر، الرافض لقانون القومية الإسرائيلي، الذي استنكرت من خلاله الدبلوماسية القطرية ما تبنته إسرائيل، واعتباره يكرس للعنصرية، ويقوض ما تبقى من آمال في عملية السلام وحل الدولتين، وأنه نكسة على طريق التعايش والسلام العادل، وتمييزا صارخا تجاه العرب من أصحاب الأرض..
كما وصف كلا من الموقف القطري، واللبناني على وجه التحديد، بأنها مقدمة لمواقف مماثلة سوف تتوالى من كل النظام والشارع العربي، ليشكل مع بيان الجامعة العربية رافعة للفلسطينيين، وداعما أساسيا للتحرك الفلسطيني على الساحة الدولية، والتوجه للمنظمات الأممية، في مواجه سياسة إسرائيل العنصرية.. هذه الأفكار، وغيرها جاءت في حوار لـ «الوطن»، فيما يلي نصه:
بداية نود التعرف على المقصود بقانون القومية في إسرائيل.
-يعتبر «قانون القومية»، الذي أقره البرلمان الإسرائيلي، هو بمثابة قانون تمييز عنصري، وقد تم تفصيله على مقاس فئة معينة، الذين يدعون باليهود، سكان الدولة المزعومة، التي تسمى بالكيان الصهيوني، وهذا سلوك يفضح ادعاءاتهم الديمقراطية، خاصة في ظل محاولاتهم الترويج لكذبتهم الكبرى حول ما يعرف بمفهوم الشعب اليهودي، والذي هو خاطئ من حيث المبدأ.
ماذا تقصدون بأن مفهوم الشعب اليهودي خاطئ؟
-لأنه، باحتصار شديد، لا يوجد هناك في الدنيا شيء، يسمى بالشعب اليهودي، كما هو الحال بالنسبة، عدم وجود ما يعرف بالشعب المسلم، ولا حتى المسيحي، وإنما الصحيح، هو وجود ديانات إسلامية، ومسيحية، وأيضا يهودية، وكل منها يتبعها شعوب من دول وأقطار مختلفة على مستوى الكرة الأرضية، ومن ثم فلا يمكن القبول بالحديث عن شعب لليهود من عرق واحد.
إذا ما هي خطورة هذا القانون؟
-خطورته، تكمن في أنهم من خلال «قانون القومية»، فإنهم يعتبرون أن أرض الفلسطينيين، هي مخصصة للشعب اليهودي، وهم متمسكون بتكرار الكذبة الكبرى، والمغالطة التاريخية، ويحددون بأنه كل من يعيش على هذه الأرض بخلاف فئة اليهود المزعومة، هم ليسوا من سكان تلك الدولة اليهودية.
ماذا يعني ذلك؟
-يعني، أن هذا القانون العنصري يحدد الحقوق المدنية، في هذه الدولة لفئة معينة، بما يعيد إلى الأذهان نموذج الفصل العنصري «الأبارتايد»، والأن الفليسطينيون يعيشون نفس هذا السيناريو السيئ في فلسطين، والذي بدأ الإسرائيليون في تنفيذه منذ مدة طويلة من الزمن، إلا أنهم في الوقت الراهن، يحاولون عملية تسريعه بقوانينهم، التي يقومون بتمريرها عبر الكنيست الإسرائيلي، ضاربين عرض الحائط بكافة المبادئ، والأخلاق، والأعراف، والقيم الإنسانية، والقوانين الدولية، التي لا يمكن أن تقبل بمثل هذه المفاهيم العنصرية الإسرائيلية، التي تثير بداخلنا مزيدا من القلق، والخوف من حدوث ما نخشاه.
إذا ما هو الشيء الذي تتخوفون منهم وتخشون أن يحدث؟
-الشيء الذي نخشاه، من صدور، وإقرار الكنيست الإسرائيلي، لقانون القومية اليهودية العنصري، أن يكون البداية والتمهيد لصدور قوانين أخرى، قد تحمل بين طياتها نكران أحقية غير اليهود في التواجد والعيش فوق هذه الأرض، التي هي في الأصل ملك للفلسطينيين، بمعنى آخر أنهم ربما يمهدون لإصدار تشريعات قانونية تؤدي إلى طرد سكان البلاد، وأهلها الأصليين من أبناء الشعب الفلسطيني، الذين مازالوا يعيشون فيها، ويشكلون في الوقت الحالي نحو خمس تعداد سكان دولة الكيان الصهيوني، وهي «الدولة العبرية»، عن طريق طردهم، وإخراجهم، وإبعادهم عن ديارهم، وأرضهم، بحجة أنهم ليسوا جزءا مما يعرف لديهم بدولة الشعب اليهودي.
كيف تصفون هذا القانون؟
-هو قانون، تعسفي، وإجرامي، وكما سلف وأشرنا نكرر هنا، أنه يضرب عرض الحائط بكافة القوانين والقيم الدولية، والأخلاق التي تقوم عليها المبادئ بين الشعوب، والعلاقات بين الدول، وغيرها.
في تصورك، ماذا يريدون الإسرائيليون من مثل هذه الخطوة؟
-هم يريدون، إضفاء صفة الشرعية على احتلالهم للأراضي الفلسطينية، الذي تم باستخدام القوة العسكرية.
ما هي توقعاتكم الآن؟
- نحن نتوقع، وننتظر ألا يجدون من يتجاوب معهم على مستوى العالم، وأن يكون هناك رفض عام من كل المجتمع الدولي لمثل هذه القوانين العنصرية.
أشرتم إلى أن الإسرائيليين، قاموا بعملية تسريع لإصدار «قانون القومية»، فلماذا اختاروا هذا التوقيت الآن؟
- دعنا، في البداية نؤكد على حقيقة هامة، وهي أن المخطط الصهيوني للسيطرة على الأرض الفلسطينية والعربية، يسير وفقا لخطط وبروتوكولات صهيونية قديمة، وتسير خطوة خطوة، وفق مراحل محددة، ومرسومة سلفا، منذ زرع الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين، إلا أن ما حدث الآن، أنهم قد وصلوا إلى مرحلة، يستطيعون من خلالها إضفاء نوع من الشرعية على احتلالهم البغيض والكريه لأرض الفلسطينيين، حيث أرادوا الاستفادة من المناخ السائد حاليا، من حالة التفكك والضعف التي عليها أمتنا العربية، والأوضاع الراهنة والفوضى الموجودة إقليميا، ودوليا، بسبب الإدارة الأميركية الجديدة، التي تضرب عرض الحائط بكافة القوانين الدولية، ولا تقيم أي اعتبار أو وزن للأمم المتحدة، ولا للشرعية الأممية، ولا لمجلس الأمن، ولا حتى للعالم بأسره، وأصبحت سياسة أميركا، تعتمد أسلوب استخدام مفهوم القوة من أجل تنفيذ ما تريد على من تشاء، وعلى هذا الأساس، ظن الإسرائيليون بأنهم قادرون في غفلة من الزمن على تمرير ما يريدون من قوانين، تعزز من قبضتهم على الأرض التي احتلوها، باعتبار أن إسرائيل، دولة فوق القانون، لا تحاسب على ما تفعله من أعمال، مهما كانت درجة خرقها للشرعية الدولية.
ماهي دلالة استهداف هذا القانون البغيض للغة العربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
-المشروع الصهيوني، هو قائم في الأساس على استهداف اللغة العربية، ومحو الهوية الفلسطينية، من أجل أن يثبتوا أنها أرض بلا شعب، وأنهم هم أصحاب الأرض الحقيقيون، وقد جاؤوا بشتاتهم، وهذا الخليط اليهودي الذي أحضروه إلى فلسطين، من أتباع اليهودية، ذوي الأجناس، والشعوب المختلفة، لقيموا به كيان، يدعى «إسرائيل»، والآن هم يحاولون أن يثبتوا أن كيان للشعب اليهودي، وبالتالي إضفاء الشرعية عليه، وفي نفس الوقت فإنهم يريدون خلق هوية ثقافية وتاريخية، ليدعوا بأنه له جذورا، وقد أدخلوا اللغة العبرية كلغة أساسية، بعد أن كانت اللغة الأولى العربية، إلا أن الفلسطينيين أصبحوا أقلية بعد تهجير جانب كبير منهم، ومع ذلك ظلت ثقافة المناخ العام هي العربية، بحكم أن جزءا كبيرا من هؤلاء اليهود، قد جاء من دول عربية، وهم يتحدثون، وهذا تحاول الحكومة الإسرائيلية، اعتبار اللغة العبرية هي الأساسية، ونحن نقول لهم إن لغتنا العربية ستبقى عصية عى الانكسار ولن تزول، كما بقي العرب في داخل فلسطين، بهويتهم وثقافتهم العربية، رغم الحصار والتشديد، إلا أننا نخشى أن نشهد موجات جديدة من تهجير الإسرائيليين للفلسطينيين.
هل هناك علاقة بين ما يعرف بصفقة القرن، والذي نشاهده الآن من قوانين عنصرية صهيونية؟
-رغم أنه لم يقدم لنا شيء رسمي حتى الآن، عما يسمى بصفقة الرن، إلا أنه عبر ما نسمع من تسريبات فهذه هي الرؤية التي جاءت بها الإدارة الأميركية الجديدة، فيما يطلق عليه الحل النهائي لمشاكل الإقليم، والجميع يرى ما الذي حدث في الإقليم، وليس فلسطين وحدها، فالإقليم كله يغلي على صفيح ساخن، لإعادة صياغة إقليمية جديدة تتوافق مع رؤى أميركا، وكذلك لإسرائيل في المنطقة، وكيفية أن يكون الكيان الإسرائيلي، عنصرا أساسيا فاعلا، ومندمجا فيها.
كيف تنظرون إلى رد الفعل العربي إزاء هذا القانون السيئ؟
-مما لا شك فيه، أن هناك رفضا عربيا واسعا لهذا القانون العنصري، وقد رأينا دولة قطر، وعبر وزارة الخارجية، تعلن في بيان رسمي، استنكارها الشديد لما لقانون القومية الذي تبنته إسرائيل، واعتبرته أنه قانون يكرس العنصرية، ويقوض ما تبقى من آمال في عملية السلام وحل الدولتين، أنه نكسة على طريق التعايش والسلام العادل، وتمييزا صارخا تجاه العرب من أصحاب الأرض، واعتبار أن قيام هذا القانون، بتحويل بناء المستوطنات وتهويد القدس إلى مبدأ دستوري، ينتهك بشكل صارخ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومنها ما ورد في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ومن ثم دعوة الدوحة للمجتمع الدولي إلى تفعيل قراراته وإلزام إسرائيل بالعدول عن هذا القانون الأيديولوجي الطابع، والتوقف عن انتهاكاتها القانون الدولي، وفي نفس الوقت دعوة كل من له تأثير على إسرائيل للوقوف إلى جانب القانون والعدالة والقيم الإنسانية، لتراجع إسرائيل عما اتخذته، كما نعتبر هذا الموقف القطري، ومعه بيان لبنان، والبيان الصادر عن الجامعة العربية، هي دعائم أساسية لنا ومساندة لتحركاتنا الدولية، وتعزز من صمودنا في مواجهة إسرائيل، وتوجهاتنا للمنظمات الأممية لحثها على التدخل، ووقف الكيان الإسرائيلي عن ممارساته العنصرية.
ما هي المسارات، التي سوف تسيرون فيها خلال المرحلة المقبلة؟
-سوف نتوجه بدعم من أمتنا العربية، وكل أحرار العالم، إلى كل الجهات الدولية، وذات الاختصاص، لفضح مثل هذه القوانين العنصرية الإسرائيلية، ونطلب المجتمع الدولي أن يقوم بدوره في التعامل مع الكيان الصهيوني في فلسطين، كما فعل من قبل مع سياسة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، وأن يرفضه، ولا يقبل به، ولا أفعاله الإجرامية، المنافية للمنطق، والتصرف الإسرائيلي، وكأنهم دولة فوق القانون.
إلى أي مدى تتوقعون تراجع الكيان الصهيوني عن هذا القانون؟
-نحن لن نتوقع من الكيان الصهيوني أن يتراجع عما اتخذه من قوانين، لأننا لم نعتد منه فعل ذلك، إلا إذا كان هناك صمود فلسطيني وعربي، ودعم من المجتمع الدولي في مواجهة من يحاول تدمير مثل هذه القيم الإنسانية، والفلسطينيون على الأرض سوف يقاومون هذا القانون بكل قوة.
ماذا يحتاج الشارع الفلسطيني، حتى يكون قويا في مواجهة هذا القانون العنصري الإسرائيلي؟
-هذا يحتاج منا إلى الإسراع في استكمال مشروع الوحدة الفلسطينية، واللحمة الوطنية، لأن صمود الشعب الفلسطيني، هو العامل الحاسم والأساسي في كل مراحل الصمود والوقوف في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين.
ما هي توقعاتكم في هذا الصدد؟
-نتوقع أن هناك نوايا طيبة، والأمور تسير في الاتجاه الصحيح الأن، ويتبقى فقط أن نمتلك كافة الأدوات التي تعزز موقفنا وتدعم صمودنا في مواجهة الهجمة الصهيونية من الاحتلال الإسرائيلي.
copy short url   نسخ
21/07/2018
4482