+ A
A -
تحقيق- حسام وهب الله
أثارت الوطن قبل عدة أيام المشاكل التي يعاني منها المواطنون والمقيمون عند استقدام العمالة المنزلية بشكل عام والخدم منهم بشكل خاص، حيث قال المتضررون ان فترة ضمان الخادمة قليلة للغاية مطالبين بزيادتها بحيث تكون ستة أشهر أو ما يزيد بدلا من فترة الضمان الحالية التي تقف عند ثلاثة شهور فقط ومطالبين كذلك بتخفيض رسوم الاستقدام التي قالوا انها ارتفعت للغاية في الفترة الأخيرة فضلا عن المطالبة بضرورة مواجهة بعض المكاتب التي تتفق مع الخادمة على الهرب فور مرور فترة الضمان على اعتبار أن المُستقدم مواطنا كان أو مقيما يكون ملزما حينذاك بتسفير الخادمة على نفقته الشخصية وبذلك يخسر الكثير من المال ويكون المكتب والخادمة هما الرابحين في النهاية كما طالب الشاكون بضرورة مواجهة ظاهرة هروب الخادمات بشيء من الصرامة.... ولأن كلام المواطنين والمقيمين طال مكاتب الاستقدام كان لابد من الاستماع إلى أصحاب ومدراء المكاتب كوسيلة من وسائل مواجهة مشكلة هروب الخادمات وارتفاع الرسوم حيث رصدنا ردودهم في التحقيق التالي:

العقد والمشكلة
بداية يقول راشد المضاحكة صاحب ومدير أحد مكاتب الاستقدام: إننا لابد من الإشارة إلى أن مكتب الاستقدام من مصلحته استمرار الخادمة التي استقدمها في العمل لأن ذلك يحسب في رصيد عملائه كما انه يؤكد على حسن اختياره للسير الذاتية للخادمات التي يقوم باستقدامهن لهذا فليس من مصلحتنا تحريض الخادمة على الهرب بأي شكل من الأشكال كما أن أي مكتب عندما تلجأ له الخادمة أو رب عملها في فترة الضمان يسعى بكل السبل لإنهاء المشكلة بشكل ودي فنقوم بالاتصال بمكتب إرسال العمالة في بلد الخادمة والذي يقوم بدوره بإقناع الخادمة بالاستمرار في العمل أما في حال الرفض فيتم تسفير الخادمة دون أدنى أعباء مالية على المُستقدم.
أما بالنسبة لكل ما يثار حول فترة الضمان الخاصة بالخادمة عقب استقدامها من بلادها – يضيف المضاحكة - نقول ان فترة الضمان لن تحل المشكلة التي يعاني منها الجميع وما تمثله في ظاهرة هروب الخادمة لأن الخادمة التي ترغب في الهروب من منزل مخدومها ستهرب إن آجلا أو عاجلا بمعني أنها إذا كانت فترة الضمان ثلاثة شهور فهي تهرب بعد الثلاثة شهور حتى تضمن أن يدفع من استقدمها تكاليف عودتها لبلادها وإذا جعلنا فترة الضمان ستة شهور فسوف تتحملها وتهرب بعد مرور الستة شهر باختصار فإن فترة الضمان ليست العلاج الأمثل ولا الأنسب لظاهرة هروب الخادمات أو رفضها للعمل أو غيرها من الظواهر التي قد يعاني منها المواطن القطري أو حتى المقيم ففي كل الأحوال ستتحمل الخادمة فترة الضمان طالما في نيتها الهرب أو حتى العودة لبلادها لكن الأمر الوحيد الذي يوقف تلك الظاهرة هي تفعيل عقد العمل بحيث يتم إلزام العامل المنزلي بالعمل لمدة عامين كاملين هما الفترة الكاملة لعقد العمل الموقع بينه وبين المٌستقدم فالمشكلة للأسف الشديد ان وزارة التنمية الإدارية تحرص حرصا كبيرا على مراقبة العقد الذي يربط بين مكتب الاستقدام ومٌستقدم الخادمة ولكنها تتغافل تماما عن عقد العمل الذي يربط بين الخادمة ورب عملها وبالتالي يكون رب العمل ملزما بتوفير كامل احتياجات الخادمة والالتزام بكل بنود قانون العمالة المنزلية في حين لا تلتزم الخادمة بشيء وعندما تهرب ويتم القبض عليها يكون رب عملها ملزما بدفع تكاليف سفرها إلى بلادها أما في حالة الالتزام بتنفيذ بنود عقد العمل فستكون الخادمة ملزمة بالعمل لدى رب عملها المدة المنصوص عليها في العقد كاملة.
غرامة مالية
ويستطرد راشد المضاحكة: لابد أيضا أن تقوم وزارة التنمية الإدارية بتعديل بنود عقد العمل الذي يربط بين الخادمة ورب عملها بحيث يحتوي على بند يلزم الخادمة في حالة عدم إكمالها فترة العقد أن تدفع مبلغا ماليا يساوي تكاليف سفرها إلى بلادها بالإضافة وبالتالي يكون المُستقدم قد ضمن عدم هروب الخادمة وأنا كمتخصص في هذا المجال ولي خبرة كبيرة في الاستقدام أستطيع أن أؤكد وبكل ثقة أن مسألة وجود غرامة مالية قدرها ألفي دولار على سبيل المثال كفيلة بوضع نهاية حاسمة لمشكلة هروب الخادمات فبعدها ستدرك الخادمة جيدا أنها ستواجه أزمة مالية كبيرة في حالة الهروب وبالتالي ستختفي تلك الفكرة من رأسها تماما ونحن من جانبنا كأصحاب مكاتب استقدام سنعمل حينها على توصيل تلك المعلومة للمكاتب المرسلة للعمالة في مختلف الدول التي نتعامل معها بحيث تتم توعية الخادمة بتلك المعلومة قبل وصولها للبلاد ووقتها لن تجرؤ خادمة على القدوم على سبيل التجربة وهي تضع في بالها العمل لمدة ثلاثة شهور ثم الهرب والعودة لبلادها على نفقة رب عملها فمن تأتي ستأتي فقط للعمل وتحرص على تمضية فترة عقدها كاملة.
وحول ارتفاع رسوم استقدام الخادمات وهي المشكلة التي أثارها عدد من المواطنين والمقيمين قال المضاحكة ان هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق بل إن الأسعار مستقرة منذ ما يزيد على العام ووصلت إلى 12 ألف ريال لاستقدام الخادمة من الدول التي نتعامل معها وهي أقل رسوم في المنطقة بالكامل ورغم الحصار فقد نجحت مكاتب الاستقدام في تثبيت الرسوم بشكل يحسب لها بل نحن نطالب بفتح المزيد من الدول أمام استقدام العمالة المنزلية منها وأظن انه قد حان الوقت لفتح الباب أمام استقدام الخادمات من إندونيسيا والحمد لله فقد فتح أخيرا باب الاستقدام من إثيوبيا ونتمنى أن يتم التنسيق مع الإخوان في إثيوبيا لتسريع الإجراءات بشكل يجعل الأمر أكثر سهولة ويسر... باختصار شديد نحن نطالب بتفعيل عقد العمل بين الخادمة ورب عملها.
أسباب الهروب
صقر إبراهيم عضو فريق مكاتب الاستقدام قال من جانبه إن مشكلة هروب الخادمات سواء قبل انتهاء فترة الضمان أو بعدها تعود لسببين رئيسيين أولهما هو قيام قلة من مكاتب الاستقدام للأسف الشديد بالتعامل مع مكاتب غير موثوقة في الدول المرسلة للعمالة أو ما نسميهم نحن في مجال استقدام العمالة المنزلية بتجار الشنطة حيث يقوم هؤلاء بفتح مكتب لإرسال العمالة في إحدى الدول المرسلة للعمالة ويقوم بإنهاء إجراءات إرسال خمسين خادمة أو ما يزيد ثم يختفي من السوق وبالطبع هو هنا لا يدقق في نوعية الخادمات التي يقوم بإرسالهن ويكن في الغالب خادمات غير جيدات وليس لديهن استعداد للعمل أو ما شابه وبالتالي تحدث ظاهرة الهروب أما في حالة عمل مكاتب الاستقدام داخل قطر مع مكاتب رسمية ومعتمدة في الدول المرسلة للعمالة فإن الطرفين يكون من مصلحتهما مجيء خادمات جيدات ومتميزات في مجال عملهن لأن الذي لا يعرفه الكثيرون أن الخادمة في حالة عودتها قبل إنهاء فترة العقد ومدته عامان قد تلجأ للقضاء في بلادها ووقتها ستلزم المكتبين مكتب الاستقدام في قطر ومكتب الإرسال في بلدها بغرامة مالية تحصل عليها الخادمة توازى الفترة المتبقية من عقد العمل الذي هو مدته عامين كما قلنا في السابق أي أن مكتب الاستقدام في قطر ومكتب الإرسال في الدول المرسلة للعمالة من مصلحتهما إكمال الخادمة لفترة العقد كاملة ولهذا فنحن نطالب المكاتب القطرية أن تحرص جيدا على التعامل مع المكاتب جيدة السمعة في الدول المرسلة للعمالة لمنع ظاهرة الهروب.
وعن السبب الثاني لظاهرة هروب الخادمات – يقول عضو فريق مكاتب الاستقدام – السبب الثاني يكمن في عدم معرفة قلة من المُستقدمين من المواطنين والمقيمين بالطريقة المثلى للتعامل مع الخادمة في بداية وجودها في المنزل فيجب أن تتم توعية الخادمة رويدا رويدا بعادات وتقاليد المنزل الذي تخدم فيه مع بداية وصولها للبلاد والتعامل معها بلين حتى تتعود تماما لأن الخادمة عندما تصل للبلاد تشعر بأجواء الغربة في البداية ولهذا تكون حساسة للغاية وتؤثر خشونة التعامل فيها بشدة أما لو أحسن مستقدموها التعامل معها خاصة في البداية فلن تفكر في الهرب نهائيا وستكمل عقدها وتجدده أيضا.
وعن ارتفاع رسوم الاستقدام قال السيد صقر إبراهيم ان هذا امر غير صحيح بل إن مكاتب الاستقدام نجحت رغم المنافسة الشرسة من بعض دول الجوار على الأسواق المرسلة للعمالة على تثبيت الرسوم بشكل كبير ولم تزد بأية حال من الاحوال عن 14 ألف ريال منذ ما يزيد على العام ونصف ونحن اليوم وفي ظل الخطوات التي تقوم بها وزارة التنمية الإدارية لفتح باب الاستقدام من إندونيسيا نعد الجميع مواطنين ومقيمين بأن ينخفض رسم استقدام الخادمة إلى عشرة آلاف ريال فقط في حالة فتح باب استقدام الخادمات من دولة إندونيسيا خاصة وقد نجحت جهود فريق مكاتب الاستقدام بالتعاون مع وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية مؤخرا في فتح باب الاستقدام من إثيوبيا.
من جانبه قال أحد أصحاب المكاتب – رفض ذكر اسمه - قضية هروب العمالة معلقة في رقبة الخادمات بل والعمالة كلها أنفسهم لأن العامل يهرب وهو يعي جيدا أنه لن يعاقب وأقصى ما سيتعرض له إذا تم القبض عليه هو ان أجهزة الدولة ستقوم بترحيله على نفقة كفيله أي أن العامل يأتي من بلاده على نفقة رب عمله الذي يفاجأ في كثير من الأحيان بأن العامل أو حتى الخادمة غير مدربين على المهنة التي تم استقدامه من أجلها فيقوم بتدريبه وتأهيله ويظل العامل يتدرب حتى يحصل على الخبرة اللازمة ثم يفاجأ الكفيل بالهرب لتكون الخسارة الكبيرة لجهة العمل أما العامل نفسه فيذهب للعمل براتب أعلى لدى الجهات التي تقوم باستقطابه ودفعه للهرب لهذا فالمطلوب اليوم هو وضع عقوبات صارمة تلزم الخادمة أو العامل بتنفيذ مدة عمله المذكورة في العقد وإلا يدفع غرامة مالية كبرى فلابد من إيجاد حالة من التوازن بين حقوق الخادمة ورب عملها بحيث يتم إجبار الخادمة التي تهرب على تعويض رب عملها الأصلي الذي دفع تكاليف استقدامها وتذاكر الطيران فلو أدركت الخادمة أنه سيتم تغريمها تلك المبالغ ستفكر ألف مرة قبل هروبها لأن الواقع يؤكد أن أغلب العمالة تأتي من بلادها وهي لا تجيد العمل الموكل إليهم ويضطر الكفلاء إلى تدريبهم وإكسابهم الخبرة اللازمة للعمل ليفاجأ المُستقدم بعد ذلك بالهروب لإدراك العامل أن الدولة لن تطالبه بأي حقوق لرب عمله الأول.
على الجانب الآخر كان الدكتور مسعد الحجاجي خبير الإعلام والتنمية الاجتماعية قد تقدم بمشروع لإنشاء مركز متخصص لتدريب العمالة الوافدة بشكل عام والعمالة المنزلية بشكل خاص فور وصولها للبلاد على القيم والعادات والتقاليد القطرية كذلك توعية الخادمات والعمالة بشكل عام بخطورة الهرب من جهة أو رب العمل والطرق القانونية التي يجب اتباعها في حالة رغبة العامل أو الخادمة في إنهاء عقد العمل قبل انتهاء مدته القانونية وكذلك توعية الخادمة أو العمال بالحقوق التي تكفلها له القوانين القطرية وبذلك تكون الخادمة مؤهلة للعمل وسط جو من الهدوء والسكينة الذي يتيح لها إنهاء مدة عقدها كاملة.
copy short url   نسخ
22/07/2018
5849