+ A
A -
الدوحة- قنا- أكد السيد فيصل النعيمي مدير إدارة الآثار في متاحف قطر، أن الاكتشافات الأثرية الجديدة والمتواصلة لمتاحف قطر تعمل على معرفة طبيعة الجغرافيا القطرية قديماً، وتساعد في فهم التاريخ القطري القديم.
وقال مدير إدارة الآثار، في مقابلة مع وكالة الأنباء القطرية «قنا»، إن جهود متاحف قطر متواصلة في أعمال التنقيب في الموسم المقبل عقب انتهاء فصل الصيف، من خلال بعثات علمية متخصصة سواء من داخل قطر أو خارجها، وذلك في المواقع الأثرية المعروفة في قطر؛ حيث يتم الاستعداد لاستقبال مواسم جديدة للاتفاق على نقاط بحث علمي، ويوجد تواصل مع مظلات علمية ذات كفاءة يتم الترتيب حالياً لإطلاق مشاريع بحثية جديدة.
وأوضح أنه من أهم المواقع المرشحة للتنقيب بها موقع أم الماء، يغبي، وهي منطقة قريبة من منطقة مروب والتي يرجع تاريخها إلى العصر العباسي، ولا تقع على الساحل، وتضم نحو مائتي وحدة سكنية شُيِّدت على شكل مجموعات، قصر سكني، مشاغل ومسجدين، كما كشفت الحفريات أيضاً عن مجموعة من القبور منتشرة حول البيوت، ولذا تتم مواصلة الحفريات والتنقيب في هذه المناطق، إضافة إلى مواصلة التنقيب في منطقة فويرط التاريخية، التي تقع في الشمال الشرقي لدولة قطر.
وأكد النعيمي أن إدارة الآثار تعطي أهمية بالغة للآثار الغارقة تحت الماء، ويتم التنقيب عنها في المياه القطرية، للاستفادة من الكشف عنها، للتعرف على تاريخ شبه الجزيرة القطرية وعلاقة الإنسان بالبحر وليس الآثار فقط، ولكن لمعرفة طبيعة المياه في المنطقة أيضاً وتاريخ منسوبها، فقبل 18 ألف سنة لم يكن الخليج موجوداً، وبفعل الاحتباس الحراري ارتفع المنسوب وتشكل الخليج، وظهرت خريطة قطر، وطبقاً لدراسات متخصصة فقد ارتفع منسوب المياه مرة أخرى على مر التاريخ، فظهرت الشواطئ المتحجرة في قطر، مما يعطي فكرة عن المناخ القديم وطبيعة الأرض وتشكيل خريطة قطر.. لافتاً إلى أن هناك نتائج للتنقيب لم يتم إعلان نتائجها بشكل كامل حتى الآن.. مشيراً إلى أنه مازالت نتائج هذه الاكتشافات في مختبرات أوروبية لتحديد تاريخها بدقة.
وحول المواءمة بين التنقيب الأثري المستمر في قطر والنهضة العمرانية التي تشهدها الدولة ودور إدارة الآثار في ذلك.. قال: «هذا الأمر قائم بالفعل، وسوف أعطي مثلاً على ذلك وهو ميناء حمد، فهو يمتد على رقعة 15 كيلو متراً طولاً وكانت المحافظة على الموقع الموجود في هذه المساحة وهو مخطط أم الحول من خلال سور يحيطها، ففي هذا الموقع تم إنشاء مشروع اقتصادي ضخم، ومع ذلك تمت المحافظة على الموقع الأثري، وهناك مثال آخر جزيرة بن غنام، وهي جزيرة مهمة أشارت لها عدة بعثات من منتصف القرن الماضي، خاصة البعثة الدنماركية، وتم التنقيب فيها وتم العثور على آثار جنائزية، تلتها البعثة الفرنسية في الجزيرة أيضاً، ثم البريطانية بالتعاون مع فريق متاحف قطر عام 2000، وتم التوصل إلى عدة اكتشافات مثل وحدات بنائية ومواقد نار، فظهرت مكتشفات كثيرة منها كميات ضخمة من القواقع (الميورك) التي كانت تنتج منها الصبغة الأرجوانية، وهي فترة زمنية، وهذه من ضمن المشاريع التي تمت المحافظة عليها».. مؤكداً أن جميع المؤسسات تتعاون في تحقيق ذلك لمراعاة البعد الأثري، فقبل البدء بالمشروع يتم الاتصال بمتاحف قطر، ويتم عمل الدراسة الموجود لنقوم بالتوازن بين المحافظة على الآثار وبين النهضة العمرانية. وحول جهود متاحف قطر في التعريف بالمواقع الأثرية المكتشفة، قال السيد فيصل النعيمي، مدير إدارة الآثار في متاحف قطر، في حديثه لـ «قنا»،: لدينا خطط تعريفية بالمواقع وأنشطة دائمة للتعريف بالمواقع الأثرية، خاصة موقع «الزبارة» والمسجل على قائمة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، وتقام فيه أنشطة تعليمية خلال موسم الشتاء، وقد أضيفت للأنشطة العام الماضي ورش تعليمية مختصة بتاريخ قطر حول كيفية إنتاج الصبغة الأرجوانية من القواقع البحرية؛ حيث اشتهرت صناعة الصبغة الأرجوانية في موقع قطري هو جزيرة «بن غنام» يعود لفترة العنصر البرونزي لأكثر من 3500 سنة، وتقع على الساحل الشرقي لقطر في موقع محمي داخل خليج «خور الشقيق»، وقد لاقت هذه الورش إقبالاً كبيراً؛ لأنها لها علاقة مباشرة بالتاريخ القطري، وهذا ما نسعى إليه ليس الحفاظ على الآثار فقط ولكن التعريف بالتاريخ القطري أيضاً.
وعن اكتشاف موضع أثري جديد مؤخراً به نقوش صخرية ودلالة ذلك، أضاف النعيمي: إن اكتشافات النقوش الصخرية غالباً ما تكون بمحازاة الساحل امتداداً من الوكرة إلى أقصى شمال قطر مروراً بفريحة والمناطق الغربية، ولكن الموقع الأخير الذي اكتشف مؤخراً يقع جنوب منطقة «أم باب»، وهذا الموقع الذي تم اكتشافه بالتعاون من المجتمع المحلي؛ حيث اكتشفه المواطن علي مطر الدوسري، وهو من أهل هذه المنطقة ولفت انتباهه هذه النقوش فعرف بوجود علاقة بين المواقع التي تم الإعلان عنها قبل ذلك وبين هذا الموقع فتمت مباشرة الموقع ويقع على مساحة 15 هكتاراً، ويتميز بنوع من النقوش تأخذ شكلاً يُعرَف بين أخصائي الآثار باسم «الوردة»، وهي عبارة عن دائرة مركزية يحيط بها العديد من الدوائر الأخرى ما بين 6 أو 9 دوائر.. لافتاً إلى أن هذا النوع من النقوش لا يوجد في منطقة الخليج إلا في قطر، ويُعتَقد بأن هذه النقوش ترمز لإحدى الألعاب الشعبية القديمة التي اعتاد الأطفال ممارستها وأن هذا الاكتشاف سوف يسهم في تغيير الخريطة الحالية للنقوش الصخرية في الدولة بشكل كامل.
وحول الدلالات العلمية لهذه النقوش، أوضح أنه تم نشر عدة مقالات في محافل دولية وقطر حظيت بنصيب كبير من البحث والتنقيب من خلال البعثات العلمية، فرأى أغلبها أنها رموز أو ترجع لألعاب شعبية، ومع الاكتشاف الأخير كانت نقوشاً محددة وحتى الآن لم يتم تحديد أي عصر تنتمي إليه هذه النقوش، فهي مازالت في طور البحث، ولكن تم إجراء عملية تحليل النقوش الصخرية من خلال الطبقة التي نمت عليها داخل النقش في منطقة الجساسية والتي اكتشفت من قبل وتحتوي على أكثر من 900 نقش فتم التوصل بما يرجح أنها تعود إلى 350 سنة تقريباً في قطر.
وأضاف: إن النقوش الصخرية في قطر تنقسم إلى 5 أصناف أشكال آدمية، أو حيوانية، أو مراكب، لعب، ورموز غير مفهومة تكون مركبة منها نقوش منفردة ونقوش مركبة، وأن النقش له طريقتان في قطر: نقش غائر ونقش ناقر.. مشدداً على أهمية هذه النقوش في أن تكون لها خريطة أثرية تحمل نقوش وموقعها الجغرافي في شبه جزيرة قطر وتوثيقها بشكل صحيح لأن الأحجار في قطر كلسية وليست صلدة مما يسهل عليها النقش.
وحول دور إدارة الآثار في متاحف قطر في المحافظة على المواقع وتوثيقها، قال إن توثيقه بشكل علمي منهجي يضمن معرفة النقش إذا طرأ عليه تغيير فهو ضرورة بالنسبة للآثار، من خلال رسم النقش في الحجر وتصويره وتحديد الإطار الجغرافي الخاص بالموقع مما يعطي توثيقاً صحيحاً.
وعن وجود فكرة للتنقيب الأثري في هذا الموقع المكتشف مؤخراً، قال السيد فيصل النعيمي، مدير إدارة الآثار في متاحف قطر، لوكالة الأنباء القطرية «قنا»،: هذا الموقع توجد به وحدة بنائية مربعة الشكل موجودة من ضمن النقوش وسيتبن مستقبلاً إذا كانت لها علاقة بالنقوش أم لا، لأن أغلب المواقع الأثرية لها ارتباط بأكثر من فترة زمنية.. لافتاً إلى أن متاحف قطر ترحب بالتعاون مع المجتمع المحلي في الاكتشافات الأثرية، وقد نظمت منذ عامين برنامجاً تطوعياً لإشراك المجتمع المحلي للتعرف على الآثار، ويمكن التواصل مع متاحف قطر للتأكد من أي شيء يتعلق بالآثار القطرية سواء من خلال التواصل مباشرة أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها للمحافظة على آثار دولة قطر.
copy short url   نسخ
23/07/2018
2973