+ A
A -
كتب- أبوبكر محمد
واصلت المؤشرات الاقتصادية القطرية تقدمها في مواجهة تبعات الحصار الجائر، وفي مقدمتها مستويات الاحتياطي الأجنبي الذي أظهرت البيانات ارتفاعه خلال شهر يونيو الماضي مما كان بمثابة الصدمة لدول الحصار التي راهنت على إنهاك الاقتصاد القطري ومحاربته بشتى الطرق غير المشروعة.
ولفت خبراء ومحللون إلى أن هناك تغيرات فعلية طرأت على الاقتصاد القطري خلال الـ12 شهراً الماضية، سواء فيما يتعلق بالإيرادات التي تنوعت مداخيلها تحت مظلة الإستراتيجية الوطنية التي تم إطلاقها قبل سنوات والتعجيل بها مع انخفاض أسعار النفط، والمضي في تنفيذها رغم تحديات الحصار الجائر، بالإضافة إلى النجاحات التي أظهرتها مختلف التقارير الدولية.
وأشاروا إلى أن هناك 3 صدمات تلقتها دول الحصار خلال الأسابيع الماضية فقط تمثلت أولاها في تقرير وكالة موديز حول التصنيف الائتماني لقطر، حيث رفعت الوكالة نظرتها المستقبلية للدولة، كما أن الإعلان عن ارتفاع حجم التدفقات الأجنبية إلى البورصة القطرية بقيمة 1.45 مليار دولار خلال السبعة أشهر الأولى من 2018 كان بمثابة صدمة ثانية، وذلك رداً على مزاعم دول الحصار بأن سوق المال في قطر يعاني، وتابعوا أن الصدمة الثالثة تمثلت في ارتفاع الاحتياطي لأعلى مستوى منذ عام، مما يكتب رسمياً شهادة وفاة الحصار

وفي منتصف شهر يوليو الماضي رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لقطر إلى مستقرة مع تثبيت التصنيف الائتماني للدولة عند مستوى (AA3) وذلك بعد نحو شهر من إعلان وكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» أيضاً رفع النظرة المستقبلية إلى «مستقرة» مع تثبيت التصنيف الائتماني عند مستوى « -AA ».
الدكتور خالد الخاطر، خبير السياسات النقدية، أكد أن قطر تخطو بنجاح يوماً بعد الآخر بعيدا عن تبعات الحصار الجائر الذي فرض عليها قبل أكثر من عام، الأمر الذي كان بمثابة رد عملي من قطر على دول الحصار التي راهنت على إنهاك اقتصادها واتبعت وسائل غير مشروعة ظهرت واضحة فيما قامت به الإمارات على سبيل المثال تجاه العملة القطرية، مشيرا إلى أن الارتفاع الذي شهده الاحتياطي أكد أن قطر قضت تماما على أي أقاويل بشأن وضعها الاقتصادي، وأثبتت مدى القدرات العالية التي تمتلكها. ولفت الخاطر إلى أنه ليس الاحتياطي وحده الذي أثبت مدى الجدارة التي تتمتع بها قطر وإنما هناك العديد من الأمثلة الاخرى، لافتا إلى أن التصنيف الائتماني القطري أصبح في مستويات عالية وهو شهادة دولية لم تكن تتوقعها دول الحصار التي أشاعت بالباطل أن الاقتصاد القطري على موعد مع المؤشرات السلبية.
وأضاف أن التحرك الحكيم من قبل الحكومة على مدار العام الماضي بشكل خاص كان له دور بارز في تحقيق هذا النجاح، حسبما ذكرت عدة وكالات عالمية وأبرزها وكالة ستاندرد أند بورز العالمية للتصنيف، مشيراً إلى أنه بلغة الأرقام نجد أنه بعد أربعة أشهر فقط من الحصار، وفي أكتوبر 2017، ارتفعت أصول وموجودات البنوك بمقدار 14 مليار ريال قطري، لتصل إلى 1332.7 مليار ريال في نوفمبر، مقارنة بـ1318.7 مليار في أكتوبر، وبلغت نسبة الزيادة 10.9 % عن العام السابق، وبعد عام من الحصار وصل الاحتياطي إلى أكثر من 45 مليار دولار. وفي تصريحات له بداية الأسبوع الجاري أكد سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي ورئيس مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية، على الدور الذي لعبته الهيئة في تعزيز مسيرة سوق المال بدولة قطر في ظل الحصار الجائر المفروض عليها، قائلا: «لقد كان للإجراءات والقرارات التي أصدرتها الهيئة دور فاعل في تعزيز مسيرة سوق المال في دولة قطر في ظل الحصار، ليس هذا وحسب، بل وتحقيق مزيد من الإنجازات والتطور لهذه السوق أيضا، وجعلها أكثر صلابة وصمودا في مواجهة أي تقلبات مفاجئة أو خطط تخريبية قد تحاك للنيل مما وصلت إليه أسواق المال القطرية من تطور».
وأكد سعادته أن جهود هيئة قطر للأسواق المالية والأجهزة التنظيمية والإشرافية والرقابية على القطاع المالي قد تكللت خلال النصف الثاني من العام الماضي 2017 وبشكل خاص في تحقيق نجاح قياسي والتصدي لمحاولات دول الحصار الجائر المفروض على الدولة من أجل الإضرار بالقطاع المالي القطري.
والأسبوع الماضي أظهرت بيانات مصرف قطر المركزي، ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي في يونيو 2018، بنسبة 0.9 %، مقارنة بشهر مايو الماضي، عند أعلى مستوى خلال عام، ووفق هذه البيانات فإن الموازنة تكون حققت فائضاً بقيمة 1.042 مليار ريال (286.2 مليون دولار) خلال الربع الأول من 2018.
وأوضحت بيانات مصرف قطر المركزي أن الاحتياطي الأجنبي ارتفع إلى 164.61 مليار ريال (45.2 مليار دولار) في يونيو الماضي، وزاد الاحتياطي من 163.12 مليار ريال (44.8 مليار دولار) في مايو الماضي.
ووفقا لتقرير مؤسسة «ريسيرش اند ماركتس» العالمية فإن قطر ضخت استثمارات تزيد على 200 مليار دولار فى مشروعات البنية التحتية وفى قطاعات النقل والصحة والتعليم وهى مشروعات تنعكس إيجاباً على معدلات النمو، وحقق الناتج القومى غير النفطي نمواً قدره 5.6 % فى عام 2016. وقال موقع «يورومني»، إن النتائج المالية القوية، التي حققتها البنوك القطرية في 2017 رغم الحصار، شاهد حي على صلابة ومرونة القطاع المصرفي في البلاد، حيث أبدت البنوك القطرية نجاحاً مشهوداً في مواجهة الأزمة، وتمكنت من احتواء آثارها، بدعم من الحكومة وبنك قطر المركزي.
ومن جانبه قال المحلل المالي أحمد ماهر إن دول الحصار ركزت على البورصة القطرية انتظارا لحدوث أي تغير سلبي فيها إلا أنهم على العكس، فوجئوا بأداء مبهر واستقرار كبير في هذا السوق الحيوي، لافتا إلى أن التراجعات التي اعترت المؤشر العام لبورصة قطر خلال أول أيام الحصار كانت بسبب حصار الأشقاء غير المتوقع، والتي سرعان ما تجاوزها المستثمرون، وامتصها السوق.
وأشار ماهر إلى أنه الآن يُنظر إلى الاقتصاد القطري بشكل عام وسوق المال على وجه الخصوص على أنه الأكثر جاذبية وقوه في المنطقة، مقارنة بأسواق دول الحصار نفسها التي تشهد اهتزازات كبيرة مع كل تغير أو حدث يطرأ على السوق والمنطقة، مشيرا إلى أن كافة المؤشرات أوضحت أن مستقبل البورصة القطرية أفضل من غيرها، وهو ما أثبته الصمود القوي للبورصة أمام الحصار.
وأضاف أن المنتجات المتنوعة التي أعلنت عنها إدارة البورصة في أوقات مختلفة تعمق من تطوير السوق، ومكنت من فتح المجال لأدوات وآليات إضافية جديدة، وهو ما يعد محفزات جديدة للبورصة، لافتاً إلى أن تلك التحركات تأتي بالتوزاي مع خطط التنويع الاقتصادي التي انطلقت في البلاد قبل أعوام وحققت فيها قطر قفزات كبيرة فيما يتعلق بحجم الإنتاج المحلي وزيادة الروافد الأخرى مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية والتصنيع.
ووفقاً لبيان بورصة قطر فإن صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية بالبورصة سجلت 1.45 مليار دولار خلال فترة السبعة أشهر منذ بداية العام حتى الآن، موضحة أن القيمة السوقية للشركات المدرجة بالمؤشر العام ارتفعت بنسبة 3.2 % مقارنة بجلسة 4 يونيو 2017.
وحققت الشركات المدرجة في بورصة قطر بنهاية 2017 أرباحاً بلغت 38.56 مليار ريال، مقابل 38.14 مليار ريال لذات الفترة من عام 2016، بارتفاع نسبته 1.10 %.
copy short url   نسخ
11/08/2018
1810