+ A
A -
- سلام الكواكبي
التصدّي في هذا الزمن الصعب للدفاع عن المعارضات السورية يشبه القفز في حقل ألغام فكرية ونفسية وكيدية.. وما الجدل العنيف الذي رافق خروج عميد المعارضة السورية، رياض الترك، من البلاد ولجوئه إلى حيث تقيم عائلته في فرنسا إلا دليل فاقع على مستوى الاحتقان لدى جمع غفير من الشارع السوري المعارض.
وبمعزل عن جهل جزءِ لا بأس به من السوريين عموماً، والمعارضين منهم خصوصاً، بهذا الاسم وتاريخه وسنوات اعتقاله وظروف سجنه وطبيعة مواقفه، إلا أن الجدل «الافتراضي» الذي أحاط بعملية خروجه يُنبِئ بمرحلة قريبة ستتحطم خلالها جُلُّ الرموز في أجسام المعارضات السورية. وستطفو على سطح النقاشات المفيدة والمهاترات المتوترة التي ستنهمر في الأسابيع والأشهر المقبلة، لغةٌ متطوّرة في حمولتها المباشرة والرمزية، والتي ستمتلئ برمي أثقال الأخطاء، والعثرات التي حفلت بها مسارات العمل السياسي للمعارضات السورية على شخوصٍ بعينها أو تياراتٍ محدّدة بطريقة تبادلية، لن ينجو منها أحد البتة، ولن تستثني أياً من التيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. ومن المتوقع ألا يسعى السوريون إلى مراجعة نقدية بنّاءة للمرحلة السابقة، وسيكتفون، على الأقل في المدى المتوسط، بمحاولة إلقاء اللوم، وتحميل المسؤولية على هذا وذاك، متقاذفين المسألة ككرة من نارٍ ترميها الأيدي بين بعضها بعضاً.
معارضات منتهكة الحقوق والوجود منذ خمسينيات القرن الماضي، في إطار انتهاكٍ أشمل لجموع الناس، استناداً إلى فشل العقد الاجتماعي، إن وجد جنينيّاً، والذي تلا الاستقلال، كما الفشل في بناء الدولة الوطنية الحاضنة كل مكوناتها الطبقية والإثنية والدينية.. يُضاف إلى ذلك كله تعاقب الديكتاتوريات العسكرية «السوفت»، قبل الولوج في الديكتاتوريات الأمنوقراطية الأكثر تشبثاً بالعنف المُعمّم والمجاني.
(يتبع)
copy short url   نسخ
14/08/2018
524