+ A
A -
عواصم- الجزيرة نت- كتبت صحيفة الغارديان البريطانية أن المحاكمات الجماعية للناجين من مذبحة المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية بأنها عار على مصر، وأن على الغرب أن يفهم كيف ينخر الاستبداد في الأمة العربية.
وعلقت الصحيفة في افتتاحية لها بأن مرتكبي المذابح في الديمقراطيات التي يحكمها القانون هم الذين يحاكمون، ولكن في مصر الناجون منها هم الذين يحاكمون وفي بعض القضايا يعدمون، وفي الديمقراطيات التي يحكمها القانون المحاكمات تكون عادلة وسريعة، ولكن في مصر يمكن احتجاز الناجين من مذبحة خمس سنوات قبل المحاكمة ثم يحاكمون بأعداد كبيرة بدون أي فرصة للدفاع المناسب.
وأضافت الصحيفة أن هناك شيئا بشعا عن المحاكمات التي انتهت مؤخرا لـ739 متهما الذين يزعم أنهم من بين المعارضين للانقلاب العسكري الذي دفع الجنرال عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في عام 2013، وهو أن بعض المتهمين كانوا وسط المتظاهرين لكنهم لم يكونوا منهم، مثل المصور محمد أبو زيد المعروف باسم شوكان، حيث كان يقوم ببساطة بعمله صحفيا عندما قبض عليه خلال القمع وحكم عليه بخمس سنوات قضاها بالفعل خلف القضبان، وتبقى معاملته المستمرة وصمة عار على مصر، حيث يتعين عليه الآن قضاء كل ليلة للسنوات الخمس المقبلة في قسم الشرطة ولكنه حر في النهار.
وأشارت الصحيفة إلى حكم الإعدام الذي صدر ضد 75 متهما لكونهم على الجانب الخاسر من المظاهرات، وكيف أنه لم يصدر أي حكم على أي فرد من قوات الأمن أو حتى محاكمتهم لدورهم في مقتل ما لا يقل عن ثمانمائة مدني عندما تم إخلاء ميدان رابعة العدوية في 2013، ومع ذلك حصل جميع من خططوا وأمروا بالمذبحة على حصانة بموجب قانون مرره البرلمان.
وذكرت الصحيفة أن المراقبين - في الوقت نفسه - لا يساورهم شك في أن مصر متورطة في حملة التدمير وأساليب الحصار في سيناء، وأن تورط القوات المصرية واضح أيضا في الحرب الأهلية الليبية والصراع في اليمن، وهناك شيء بغيض في الطريقة التي تسخر فيها حكومة السيسي وعناصر تمكينه الغربية من آمال الربيع العربي.
وألمحت الصحيفة إلى أنه قبل يوم من صدور أحكام الإعدام أعلنت الولايات المتحدة عن هدية قيمتها مليار دولار إضافية من المساعدات العسكرية لهذا العام، وعلقت بأنه من الواضح أنه من الضروري لـ»الحرب على الإرهاب» أن تدعم أميركا بسخاء نظاما يرهب شعبه، بل كل شخص على أرضه، وأشارت إلى أن وزارة الخارجية البريطانية حذرت سياحها رسميا هذا الصيف من أن أي انتقاد للحكومة المصرية قد يؤدي إلى سجنهم. وعلى الرغم من هذه الحقيقة القبيحة - كما تقول الصحيفة- يبدو أن مصر على قائمة الدول التي ستزيد بريطانيا تعاملها التجاري معها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وقد سلمت القاهرة الشهر الماضي تراخيص للتنقيب عن الغاز لشركات بريطانية وإيطالية، ومصر أيضا زبون مفضل للأسلحة لفرنسا وألمانيا.
وأضافت الصحيفة أن الحكومات الغربية تدعم نظام السيسي ربما خوفا من الفوضى التي قد تتبع سقوطه أكثر من الأرباح التي يمكن جنيها من بيع الأسلحة أو التنقيب عن الغاز، ومن الواضح أنها غير مهتمة بأن الاستبداد يولد مرة أخرى البؤس والتطرف.
وختمت غارديان بأنه إذا كانت الديمقراطية سرابا في مصر فقد يتم التمسك ببعض المعايير الدنيا لحقوق الإنسان، وعلى ذلك فقد يتم استئناف الأحكام الصادرة عن هذه المحاكمة، وهذا ما ينبغي أن يكون، إذ يجب على الحكومة أن تلغي أحكام الإعدام، كما أن استخدام القتل الجماعي القضائي أداة للسياسة هو من صميم قواعد الاستبداد.
copy short url   نسخ
18/09/2018
2718