+ A
A -
ترجمة- محمد سيد

أصدرت لجنة «نطاقات الإنترنت من أجل التنمية المستدامة» ومقرها في جنيف بسويسرا، تقريرها الجديد الراصد لحالة دول العالم واستخدامها للأدوات التكنولوجية والاتصال بالإنترنت والذي احتلت فيه دولة قطر ترتيباً متميزاً بين دول العالم في استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة في ظل الخطوات التي تقطعها الدولة للتحول نحو اقتصاد المعرفة.
أكد التقرير الذي يحمل اسم (حالة شبكات الإنترنت ذات النطاق العريض «البرودباند» 2018) أنه مع تطور مواقع الإنترنت بشكل كبير، وانتشار الصور والفيديوهات، ظهر أننا بحاجة للمزيد من البيانات والسرعات لنقل هذه الكمية الهائلة من البيانات الخاصة بالموقع، كما أن التطبيقات الكثيرة على الهواتف الجوالة على سبيل المثال، تحتاج إلى سرعات عالية للتعامل مع شبكة الإنترنت، لهذا قامت بعض الدول والشركات والتي كانت منها قطر بضخ استثمارات في قطاع التكنولوجيا لتتقدم الصفوف في تطوير وبناء شبكات اتصالات تعتمد على الألياف البصرية أو الضوئية، على الأقمار الصناعية لتوفير السرعات التي تتطلبها كافة التطبيقات العلمية والعملية.
وركز التقرير الجديد على حالة التطور الحادثة في العالم في استخدام الإنترنت ومستوى التطور الذي طرأ خلال العام 2018 وأهمية الإنترنت عريض النطاق للتنمية المستدامة مع استمرار مجتمعاتنا في النمو والتطور، لافتا إلى أهمية ما تقوم به دولة قطر من عمليات تطوير عملاقة على بنية الإنترنت في البنية التحتية للنطاق العريض، وذلك استباقاً واستعداداً لتحولات قطر الكبرى خلال السنوات القادمة والتي يعد أهمها استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وكان ترتيب قطر في مؤشرات التقرير في ما يخص عملية اشتراكات النطاق العريض للهاتف الثابت، والعملية التقديرية لكل 100 نسمة في 2017، سابقا لدول الحصار حيث حققت 9.7 درجة بينما حققت السعودية الأكثر في عدد السكان نسبة أقل 7.6 درجة، ولم تحقق دول كبيرة كماليزيا سوى 8.5 درجة فيما سجلت المغرب 3.9 درجة وجنوب إفريقيا 3 درجات فقط، وهو الأمر الذي يجعل قطر في طليعة الدول العربية وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مستوى اشتراكات النطاق العريض للهواتف الثابتة.
أما في ما يخص اشتراكات النطاق العريض «البرودباند» للهواتف الجوالة لكل 100 نسمة في 2017، فكان ترتيب قطر بارزاً إذ حققت نمواً سنوياً بنحو 117.4 درجة، متفوقة على السعودية التي حققت نموا بواقع 90 درجة ودول متقدمة مثل بريطانيا التي سجلت نموا بواقع 88.1 درجة وقريبة من الولايات المتحدة الأميركية التي سجلت 132.9 درجة.
وبحسب التقرير الأخير، فإن مؤشرات قطر التكنولوجية متميزة في ما يخص النسبة المئوية للأفراد الذين يستخدمون الإنترنت في 2017 والتي سجلت 94 % وهو مستوى ضمن الأعلى عالميا حيث تفوقت قطر على الولايات المتحدة الأميركية التي لم تحقق سوى نسبة 76.2 %.
وقال التقرير في هذا السياق: إن البنية التحتية الحيوية للإنترنت أمر ضروري مثل شبكات المياه والكهرباء، وأن التركيز يدور الآن على أن تصبح البنية التحتية للإنترنت ونطاقه العريض غير مرئي مع إحداث تكامل مع شبكات المرافق في البنية التحتية وهو ما يسمى بالبنية التحتية «الذكية».
ووفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات، سيوجد ما يقرب من 4.4 مليار اشتراك نشط في النطاق العريض المتنقل (للهواتف الجوالة) بحلول نهاية عام 2018، وهو ما يعزز قوة الاقتصاد الرقمي الجوال.
وتشهد شبكات النطاق العريض المتنقل تقدماً مثل شبكتي الجيلين الرابع والخامس إلى جانب الأقمار الصناعية من الجيل التالي وهو ما يعني تقديم الخدمات الرقمية بسرعة أكبر وبشكل موثوق، مع آثار إيجابية بالنسبة لمستقبل الصحة والنقل والتعليم والإغاثة في حالات الكوارث.
ولايزال النطاق العريض الثابت مهماً، مع انخفاض تكاليف التركيب والاستخدام، ويعد دعم التقدم في إنترنت الأشياء المتنامي (IOT) فرصاً للرقمنة والقيادة والتغيير في الشركات والتصنيع القطاعي، وهو ما يعطي القدرة التحويلية من التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة وتحول تركيز اقتصاد العالم من التركيز على الأصول المادية إلى القدرة على الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات.
وأضاف التقرير أن الأسواق التكنولوجية العالمية وأصول البيانات العالمية تشهد نمواً سريعاً، مشدداً على أهمية الاستثمار في النطاق العريض (البرودباند) لضمان عدم اتساع الفجوة الرقمية بين بلدان العالم، مشيرا إلى التقدم المتسارع نحو تحقيق أهداف لجنة النطاق العريض التابعة للأمم المتحدة. حيث يمكن للأهداف أن تلعب دوراً مهماً في تحديد أولويات السياسات العامة وتشكيلها والتأثير فيها على المستويين الوطني والإقليمي، كما أن عدداً متزايداً من الحكومات يقيس الآن وضع النطاق العريض في برامجها الوطنية.
ولدى عدد من دول العالم خطط في ما يخص النطاق العريض وبحسب البيانات الصادرة عن موقع «سبيد تسيت» SPD TEST، فإن متوسط سرعة التحميل في خدمة الإنترنت الجوال عالميا يبلغ 22.81 ميغابايت لكل ثانية، مقابل ما بين 9.13 ميغابايت و46.41 للتحميل في خدمة الإنترنت الأرضي «ADSL»، وبحسب التقرير فقد تربعت قطر على عرش جودة الإنترنت وسرعة التحميل في المنطقة.
ويمكن أن يساهم التحول الرقمي في مضاعفة الناتج التجاري في قطر إلى أكثر من أربعة مليارات دولار بحلول عام 2019. وباتت أسواق الشركات والمستهلكين في قطر مهيّأة للنمو من 2.3 مليار دولار في عام 2014 إلى 4.3 مليار دولار في 2019، في ضوء اتساع الربط الرقمي والتجارة الإلكترونية، وفقاً لوزارة المواصلات والاتصالات.
وذكر التقرير الدولي، إن تكنولوجيا الجيل الخامس 5G ذات قدرة تحويلية رقمية للاقتصاد. حيث سبق وأن قدّمت كل من OOREDOO وفودافون قطر تقدماً مهماً عبر شبكة الجيل الخامس ضمن إطار حرص البلاد على إمكانات التحول الرقمي مع استضافة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في الشرق الأوسط عام 2022، وهو ما يسلط الضوء على التأثير الإيجابي لتكنولوجيا الجيل الخامس في قطاع النقل، حيث ستدعم هذه التقنية الاتصال المتطور بين المركبات، وإدارة وتنسيق حركة المرور، وكذلك توفير المساعدة المتقدمة للسائقين، وقيادة السيارة بشكل ذاتي كلياً.
وفي ما يخص تجارب الجيل الخامس 5G، فقد سبقت قطر دول الخليج العربي والدول العربية ومن ضمنها دول الحصار السعودية والإمارات في هذا المضمار ومن المرجح أن تقوم قطر بنشر أول شبكة تجارية بتقنية الجيل الخامس خلال العام المقبل وهو ما يعني سبقاً قطرياً في طرح هذه الخدمات العملاقة.
وتلعب تقنية الجيل الخامس بحسب التقرير دورا مهما في تطوير قطاع الرعاية الصحية، حيث ستتيح للأطباء إجراء عمليات لإنقاذ الحياة باستخدام الروبوتات من أي مكان بفضل اتصال الإنترنت المستمر دون انقطاع بين الطبيب وغرفة العمليات فضلاً عن مجالات أخرى عدة كالزراعة والصناعة والسياحة وغيرها من المجالات لتصبح أكثر رقمية ومتصلة بشبكات إنترنت فائق السرعة، ومن المتوقع أن تدعم التكنولوجيا خطة قطر لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ولفت التقرير إلى إن السنوات الأخيرة شهدت تحولاً في قطاع الاتصالات، مع التكنولوجيات الرقمية التي تتخلل الآن تقريبا كل جانب من جوانب حياتنا، المجتمع والاقتصاد. حيث بات الاقتصاد الرقمي اقتصاداً تقوده التقنيات الرقمية.
وقال التقرير إن مؤسسة ديليوت الاستشارية العالمية ذكرت إن الاقتصاد الرقمي ينتج المليارات من المعاملات اليومية عبر الإنترنت بين الناس، والشركات والأجهزة والبيانات والعمليات.
وذكر التقرير إن شركة هواوي قد ذكرت في تقريرٍ لها، إن قيمة الاقتصاد الرقمي بلغت 11.5 تريليون دولار على مستوى العالم في 2016 ما يوازي 25 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويشمل الاقتصاد الرقمي المتصل بالإنترنت جوانب مختلفة مثل الأعمال التجارية وخدمات سيارات الأجرة، وحجز الفنادق، والدفع، علاوة على الابتكارات الرقمية الجديدة مثل تقنية البلوك تشين، والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية «الفينتك».
وأكد التقرير إن الاقتصاد صار يعتمد على النطاق العريض (البرودباند) في كل مكان للاتصال، على الرغم من أن غالبية عدد سكان العالم (52 % أو 3.7 مليار نسمة) لاتزال غير متصلة بالإنترنت وفقا لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات. ويستمر عدد مستخدمي الإنترنت الإجمالي في الزيادة بقوة، مع نمو الإنترنت السنوي بمعدلات أعلى من 5 %. وعلي حسب أحدث تقديرات الاتحاد فـإن نحو 3.8 مليار من سكان العالم ما يوازي 49.2 % من الإجمالي على كوكب الأرض يستخدمون الإنترنت بحلول نهاية هذا العام2018.
وعلى الصعيد العالمي، فإن العدد الإجمالي للنطاق العريض الترددي الجوال النشط من المتوقع أن تصل الاشتراكات فيه إلى 4.4 مليار بحلول نهاية عام 2018 بينما يحد من النمو القوي في أسواق النطاق العريض حالة عدم المساواة الرقمية، بين البلدان، فوفقا للتقرير، فإن البلدان الإفريقية في المتوسط تنفق حوالي 1.1 % من الناتج المحلي الإجمالي على الاستثمار في «التحول الرقمي» (بما في ذلك البنية التحتية للإنترنت والشبكات)، في حين تنفق البلدان المتقدمة 3.2 % من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني أن بعض البلدان والمناطق بالفعل تتسارع قدما في قطاع الإنترنت كما يكشف في الوقت ذاته عن تفاوت في توافر الإنترنت بين الدول المتقدمة والدول النامية.
وفي أوائل عام 2018، ظهر وجود اختلافات كبيرة في السرعة بين أسرع المناطق (في أميركا الشمالية وشمال أوروبا) والمناطق ذات الاتصال المتوسط المنخفض سرعات (إفريقيا، وبعض الدول في أميركا اللاتينية وآسيا).
وفي هذا يرى التقرير إن العالم يحتاج لمضاعفة جهوده في ما يخص البنية التحتية للنطاق العريض لجميع الدول، وكل شرائح المجتمع، وأن الاستثمار في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بات أولوية مطلقة.
يذكر أنه في مايو 2010 أُنشأت لجنة النطاق العريض من أجل التنمية المستدامة كمبادرة مشتركة من الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتعزيز الوصول إلى الإنترنت، وعلى وجه الخصوص، شبكات النطاق العريض من أجل المساعدة على تحقيق أهداف الأمم المتحدة الإنمائية، مثل الأهداف الإنمائية للألفية (حتى عام 2015)، وأعيدت تسمية اللجنة إلى لجنة النطاق العريض من أجل التنمية المستدامة، عقب تبني أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015.
ومنذ تأسيسها في عام 2010، قامت لجنة الأمم المتحدة للنطاق العريض بتوحيد القادة العالميين من دوائر الصناعة والدوائر السياسية والأكاديميات في مهمة لربط العالم. واليوم، يستخدم ما يقرب من نصف سكان العالم الإنترنت لأغراض كثيرة، بما في ذلك التعليم والترفيه والمشاركة المدنية والتجارة الإلكترونية، في حين أن ما يقرب من الثلث يستخدم وسائل التواصل الاجتماعية. وفقا للإحصاءات الأخيرة، فالأرقام في تصاعدٍ كبير.
ويعني مصطلح برودباند BROADBAND «النطاق العريض» وهو يشير إلى طريقة الاتصالات التي تتضمن أو تتعامل مع الترددات على نطاق واسع، والتي يمكن أن يتم تقسيمها إلى قنوات تردد متنوعة، وكلما كان النطاق الترددي أوسع كلما كانت سعة حمل المعلومات أكبر. وبالتالي زيادة سرعة الاتصال بالإنترنت، ولهذا نسميه أحيانا الإنترنت فائق السرعة.

القطريون الأكثر
استخداما للإنترنت
ويأتي تقرير لجنة نطاقات الإنترنت من أجل التنمية المستدامة والذي يظهر ترتيب قطر المتميز بين دول العالم في استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، بالتزامن مع الدراسة الحديثة التي أجرتها جامعة نورثويسترن في قطر أن القطريين أكثر شعوب المنطقة استخداما للإنترنت، كما أن دولة قطر تحتل مرتبة متقدمة بين الدول الأكثر اتصالا وانتشارا للإنترنت واستخداماته الرقمية بين دول العالم بمعدل بلغ 95 بالمائة من تعداد السكان.
كما أوضحت الدراسة أن القطريين، في الوقت نفسه، هم الأعلى بين مواطني دول المنطقة في قضاء أوقات مع العائلة. وتعد الدراسة التي جاءت تحت عنوان «استخدام وسائل الإعلام في الشرق الأوسط خلال خمس سنوات» من أكبر الدراسات في المنطقة، وترصد السلوك الإعلامي عبر المنصات القائمة والجديدة في 7 بلدان من بينها قطر ولبنان والأردن وتونس.
واستغرق إعداد الدراسة خمس سنوات من الدراسات المسحية لبلدان منطقة الشرق الأوسط، أجريت أبحاث موسعة حول أنماط التواصل الاجتماعي على المدى الطويل، والوسائل التي يلجأ إليها الأفراد للحصول على الأخبار أو الترفيه، والعلاقة بين التقاليد الثقافية للمنطقة، والمقارنات بين الدول التابعة للدراسة.. كما تطرقت كذلك إلى التصورات حول تحيز الأخبار والمواقف تجاه حرية التعبير والخصوصية على الإنترنت مع مرور الوقت بأثر رجعي.
وأظهرت الدراسة أن معظم القطريين يمضون وقتا كبيرا متصلين بالإنترنت مقارنة بمواطني الدول المشمولة بالدراسة بمعدل 44.5 ساعة أسبوعيا وبارتفاع ملحوظ عن عام 2013 والذي بلغ حينها 37 ساعة فقط..
كما يمضي 60 بالمائة منهم أوقاتهم على الإنترنت بمعدلات تتخطى مواطني الدول المشمولة بالدراسة، في حين أنهم أقل تفاعلا مع الأنشطة الأكثر شعبية على الإنترنت مثل ألعاب الفيديو أو استخدام «فيسبوك».
كما أشارت إلى أن قرابة ثلثي مستخدمي الإنترنت من القطريين يستخدمونه للاطلاع على الأخبار والمقاطع الكوميدية والمحتوى الديني، وأن ما يزيد على النصف يشاهدون المحتوى الرياضي على الإنترنت بارتفاع ملحوظ مقارنة عام 2013، الأمر الذي يجعل معدلات مشاهدة قنوات التليفزيون أدنى من مشاهدة المحتوى عبر الإنترنت، ومن اللافت للنظر أن 3 من أصل كل 10 قطريين لا يشاهدون التلفاز على الإطلاق.
وعلى الرغم من تلك الإحصاءات المرتفعة حول استخدام الإنترنت بين القطريين، إلا أن الدراسة أظهرت أنهم الأعلى بين مواطني دول المنطقة في قضاء أوقات مع العائلة رغم الارتفاع الملحوظ في الساعات التي يمضونها متصلين بالإنترنت.
ووفقًا لأرقام الدراسة فهم يقضون نحو 43.2 ساعة في الأسبوع مع العائلة، وتشير هذه النتائج إلى أن القطريين يستخدمون وسائل الإعلام الرقمية بطرق لا تتوافق مع العديد من التوقعات الإقليمية والعالمية.
copy short url   نسخ
20/10/2018
3649