+ A
A -
باريس- أ ف ب- كانت مجموعات الأعمال الكبرى أول من نأى بنفسه من الرياض في شكل غير مسبوق بعد اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكنها لم تفقد بوصلتها في ما يتعلق بمصالحها الاقتصادية.
واعتبر مايكل بوسنر البروفسور في جامعة «إن واي يو» الأميركية في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن الشركات «تشكل مثالا يحتذى به»، فيما كتبت صحيفة فاينانشيال تايمز القريبة من أوساط الأعمال أن الشركات الكبرى «استعادت شعلة القيم الغربية».
وجاءت هذه التعليقات الإيجابية بعد عدول مجموعة من مسؤولي الشركات عن المشاركة في مؤتمر اقتصادي كبير مقرر في الرياض بين 23 أكتوبر و25 منه.
فقبل أن تقرر مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ووزير المال الفرنسي برونو لومير عدم المشاركة في المؤتمر، كانت أسماء كبرى في الاقتصاد العالمي قد قررت الإحجام عن الحضور.
وكان المؤتمر الذي يحمل عنوان «مبادرة مستقبل الاستثمار» وينظمه الصندوق السيادي السعودي، قد شكل العام الفائت منبرا لولي العهد محمد بن سلمان ليعرض أمام آلاف المستثمرين مشروعه الطموح لتحويل المملكة السعودية من بلاد تعول كليا على النفط إلى عملاق خدماتي وتكنولوجي.
لكن نسبة المشاركين هذا العام تضاءلت، وخصوصا في غياب مصارف كبرى مثل «إتش إس بي سي» و«كريدي سويس» و«جي بي مورغان تشايس»، إضافة إلى صناديق استثمار مثل «بلاك روك» و«بلاك ستون».
المؤشر الأول كان انسحاب البريطاني ريتشارد برانسون الذي تلقى وعدا من الرياض بتمويل مشاريعه للسياحة في الفضاء، تلاه انسحاب رئيس مجموعة «في تي سي أوبر» التي يستثمر فيها الصندوق السعودي 3.5 مليار دولار.
وتوضح سيلفي ماتيلي المديرة المساعدة لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية لوكالة فرانس برس أن «المنظمات غير الحكومية والمستهلكين وحتى الجهات الممولة مثل المصارف بات لهم تأثير كبير على ممارسة الشركات لأنشطتها».
وتضيف «لم تعد الشركات قادرة على الوقوف إلى جانب أطراف مشكوك فيهم إذا صح التعبير حين بات الأمر يتعلق بقضية حقوق الإنسان وحرية الصحافة مع ما يحظى به من تغطية إعلامية كثيفة».
وتظهر هذه الانسحابات أيضا شيئا من الثقة، وخصوصا لدى الأميركيين.
وتوضح مؤرخة الصناعة النفطية إيلن والد في صحيفة نيويورك تايمز أن «السعودية لم تعد في وضع تهدد فيه الاقتصاد الأميركي».
ويؤكد الصحفي بريت ستيفنز في الصحيفة نفسها أن «آل سعود يحتاجون في شكل كبير إلى الولايات المتحدة وليس العكس»، وخصوصا بعدما تقدمت واشنطن على الرياض في إنتاج الخام بفضل النفط الصخري.
من جهتها، تخوض مجموعة «أوبر» مغامرة محسوبة عبر مقاطعتها مؤتمر ينظمه أحد مموليها الكبار، علما أن عليها أن تجمع أموالا ضخمة مع دخولها البورصة العام المقبل. وقالت مصادر مطلعة على الوضع لفرانس برس إن التنافس بين المستثمرين بدأ من الآن.
ولئن أقر الخميس بأن خاشقجي قد يكون مات على الأرجح متوعدا الرياض بعواقب «وخيمة جدا» إذا ثبتت مسؤوليتها عن ذلك، ذكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارا بالثقل الاقتصادي لحليفه السعودي.
وفي هذا السياق، أكد حرصه على عدم خسارة «عقد (تسلح) ضخم» يقدر قيمته بـ110 مليارات دولار.
وإذا كان مديرو شركات كبرى لن يتوجهوا إلى الرياض، فإن بعضهم سيرسل موفدين على غرار مجموعة «تاليس» الفرنسية.
وذكرت وكالة بلومبرغ أن بعض المصارف الكبرى سيقوم بالخطوة نفسها. ويقول جايسون توفي الخبير لدى كابيتال ايكونوميكس ان «كثيرين سيحرصون على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الحكومة» السعودية، على غرار مجموعة «سيمنز» الألمانية التي أكدت مشاركة رئيسها في المؤتمر السعودي.
كذلك، يصعب أن نشهد قطيعة بين المملكة والقطاع التكنولوجي الأميركي، ولا سيما أن السعوديين استثمروا في شكل كبير في «سيليكون فالي» التي تسعى في المقابل إلى الفوز بعقود مرتبطة بالمشاريع المقبلة لمحمد بن سلمان.
copy short url   نسخ
20/10/2018
1656