+ A
A -
كتب- سعيد حبيب
رصد تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي الصادر عن صندوق النقد الدولي نجاح دولة قطر في احتواء تداعيات الحصار الاقتصادية فضلاً عن احرازها تقدما كبيرا في مستويات تنفيذ اصلاحات اقتصادية أفضت إلى تحسنا كبيرا في سهولة ممارسة أنشطة الاعمال وتطوير مناخ الاستثمار وهو التقدم الذي وصفه الصندوق بأنه يتجاوز التوقعات حيث يرى الصندوق أن دولة قطر انتهجت سياسات للتقليل من وقت وتكلفة بدء أنشطة الأعمال من خلال تطبيق نظام النافذة الواحدة إلى جانب تعزيز أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعديل متطلبات إصدار التأشيرات (منح الإقامة للعاملين الأجانب في قطر)
وتوقع الصندوق ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد القطري من مستوى يبلغ 1.6% في 2017 إلى مستوى يبلغ 2.7% في 2018 و2.8% في 2019 ورجح الصندوق ارتفاع فائض الحساب الجاري لقطر إلى 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 مقارنة مع مستوى بلغ 3.8% في 2017 على أن تسجل قطر فائضا في رصيد المالية العامة في 2018 بواقع 3.6% من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة مع عجز بنسبة 1.6% من الناتج المحلي في 2017 وترتفع نسبة الفائض في رصيد المالية العامة إلى مستوى 10.5% من الناتج المحلي في 2019
وأكد صندوق النقد الدولي أن التدابير التي اتخذتها دولة قطر لمواجهة تداعيات الحصار الذي تتعرض له منذ ما يزيد على عام ساهمت في تقليص آثار الوضع، ومكنت الاقتصاد الوطني من اكتساب مزيد من الصلابة في مواجهة أي ظرف طارئ قد يتعرض إليه.
وقال السيد جهاد أزعور مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /‏قنا/‏، إن الاقتصاد القطري تمكن من اتخاذ مجموعة من الإجراءات العام الماضي لتخفيف الانعكاسات السلبية لأزمة الحصار، مضيفا أن الحكومة القطرية عملت على تحرير الحركة التجارية، وتنويع الاستثمارات، وضخ سيولة بالنظام المالي مما ساهم في إدخال ديناميكية جديدة على الاقتصاد الوطني.
وبين أن برنامج التنوع الاستثماري الذي تقوم به الحكومة القطرية وتحضيرها لاستضافة مونديال كأس العالم 2022، ساهم في تعزيز الاقتصاد القطري، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الغاز والنفط عالميا والتي شكلت دفعة إيجابية للاقتصاد.
وفي جانب آخر من تصريحه، لفت أزعور إلى أن المنطقة العربية واجهت في المرحلة الماضية تحديات أثرّت سلباً على اقتصاداتها، تمثلت في انخفاض معدل النمو، وتفاقم أزمة النازحين التي طال أمدها، والتراجع الكبير في أسعار النفط بعد عام 2014، وعدم الاستقرار الأمني الذي شهدته بعض الدول.
كما شدد السيد جهاد أزعور على ضرورة توجه البلدان العربية نحو تنويع الاستثمارات في اقتصاداتها، وتفعيل دور القطاع الخاص بالتنمية الاقتصادية لتخفيض نسب البطالة، وتحسين معدلات النمو فيها.
وأكد أزعور أن تراجع أسعار النفط لن يؤثر في توقعات الصندوق كونها مبنية على سعر نحو 70 دولارا للبرميل.
وقال أزعور الذي حث دول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز الاستقرار الاقتصادي فيها «من الواضح أن أسعار النفط متقلّبة وأصبحت أكثر تقلّبا مؤخرا».
وقال لوكالة فرانس برس «لو كان هناك درس واحد يمكن تعلمه من ذلك فهو أن الدول تحتاج إلى استخدام ذلك كفرصة لزيادة احتياطاتها المالية وخفض مستوى العجز فيه وكوسيلة لتسريع بعض إصلاحاتها الهيكلية».
وأفاد أنه من المتوقع أن تتراجع أسعار النفط بشكل إضافي ليصل سعر البرميل إلى 60 دولارا.
وقال أزعور إنه رغم أن دول مجلس التعاون الخليجي حققت بعض التقدم في مجال الإصلاحات الاقتصادية وأدخلت السعودية والإمارات ضريبة القيمة المضافة، لا تزال هناك حاجة للقيام بالمزيد.
وأكد أن على دول الخليج ترشيد النفقات وخفض المصاريف الحالية التي تتخذ تحديدا شكل رواتب وإنفاق دفاعي وإعادة توجيه الدعم المالي ليخدم الاحتياجات فقط وزيادة الإنفاق على البنى التحتية والتعليم.
وأضاف أن الصندوق لا يزال يحتاج إلى أشهر عدة لتقييم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في السعودية والإمارات «لكن بناء على الردود التي وصلتنا من السلطات، سارت الأمور بسلاسة وكان التأثير محدودا إلى حد ما على الأسعار».
ويرى الصندوق أن على دول مجلس التعاون، التي تعد بين الدول القليلة التي لا تملك أنظمة ضريبية، فرض ضريبة على الدخل الشخصي بهدف تنويع مصادر إيراداتها.
لكن أزعور أوضح أن الصندوق لم يناقش هذه المسألة التي تحمل حساسية سياسية مع سلطات الدول الخليجية.
ويتوقع التقرير أن تشهد البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان تحسنا واضحا في أرصدة حساباتها الخارجية والمالية العامة في 2018-2019 في ظل ارتفاع أسعار النفط. مضيفا «بوجه عام من المتوقع أن يبلغ معدل النمو في البلدان المصدرة للنفط 1.4% في عام 2018 و2% في عام 2019. وعقب الانكماش الذي شهدته دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2017، من المتوقع أن يتعافى النمو مسجلا 2.4% في عام 2018 و3% في عام 2019. ويساعد على ذلك تعافي النشاط غير النفطي، مدعوما بتباطؤ وتيرة الضبط المالي وارتفاع إنتاج النفط».
ومن المتوقع وفقا لتقديرات صندوق النقد أن يستمر النمو بمعدل متواضع في البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان مسجلا 4.5% في عام 2018، قبل أن ينخفض مرة أخرى إلى 4% في عام 2019. لكن النمو غير متوازن، حيث يُتوقع أن يقل النمو عن 5% على المدى المتوسط في حوالي ثلاثة أرباع البلدان المستوردة للنفط، وهو معدل منخفض جدا لا يسمح بالتصدي للتحديات على صعيد العمالة وسد احتياجات التنمية في المنطقة، وكذلك أدى ارتفاع أسعار النفط إلى محايدة أثر بعض التحسينات الأساسية في حساباتها الخارجية والمالية العامة.
وقال الصندوق ان هناك مخاطر متعددة ومتشابكة تخيم على الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، منها تشديد الأوضاع المالية العالمية بسرعة تفوق التوقعات، وتصاعد التوترات التجارية التي يمكن أن تؤثر على النمو العالمي وتضر بالشركاء التجاريين الرئيسيين في المنطقة، والضغوط الجغرافية-السياسية، وانتشار تداعيات الصراعات الإقليمية. وقد تسفر هذه المخاطر عن تدهور المزاج العام السائد في الأسواق المالية وزيادة تقلبات هذه الأسواق، مما يؤدي إلى تفاقم تحديات التمويل أمام البلدان ذات مستويات الدين المرتفعة أو احتياجات إعادة التمويل الكبيرة. متابعا: «قد تشكل أجواء عدم اليقين السياسي والتوترات الاجتماعية تحديا أمام تنفيذ جدول أعمال الإصلاحات في بعض البلدان. وبالإضافة إلى ذلك، هناك قدر كبير من عدم اليقين المحيط بآفاق أسعار النفط. وإذا استمر ارتفاع هذه الأسعار، فقد يضعف ذلك من عزيمة البلدان المصدرة للنفط على مواصلة الإصلاحات، ويؤدي إلى تفاقم الضغوط على البلدان المستوردة للنفط وازاء كل هذه الظروف فعلى بلدان المنطقة الالتزام بإجراء مزيد من الإصلاحات حتى تتمكن من تعزيز صلابتها في مواجهة هذه المخاطر وبناء مستقبل يتقاسم فيه الجميع منافع النمو».
ودعا صندوق النقد إلى أن تكون أسعار الصرف المرنة بمثابة هوامش وقائية في حالة التعرض لضغوط خارجية مع اتخاذ تدابير إضافية لتصحيح أوضاع المالية العامة في جميع أنحاء المنطقة من أجل بناء وتعزيز الهوامش الوقائية، وحماية الاستمرارية، وتحقيق درجة أعلى من العدالة بين الأجيال. وفي الوقت نفسه يرى الصندوق أن هناك المزيد مما يمكن أن تقوم به البلدان لضمان اتسام سياساتها المالية العامة بالإنصاف وأن تكون أكثر دعما للنمو لا سيما وأن الآفاق الاقتصادية والمخاطر المتزايدة تؤكد ضرورة تكثيف الجهود لزيادة النمو إلى مستويات توفر الوظائف الكافية بما يحقق صالح الجميع
وأضاف صندوق النقد أنه مع زيادة ضيق الأوضاع المالية العالمية بات تخفيض عجز الموازنات والديون أكثر إلحاحاً في بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ويتعين اتخاذ إجراء عاجل لمواجهة الديون التي تراكمت في السنوات الأخيرة وإذا لم تنتبه الحكومات لهذا النداء، فستضطر إلى إنفاق نسب متزايدة من ميزانياتها العامة على مدفوعات الفائدة والسداد الجزئي لديونها المستحقة بدلاً من إنفاقها على الاستثمارات الضرورية في رأس المال المادي والبشري التي من شأنها دعم النمو.
وبين الصندوق أنه إزاء الزيادة السريعة في القوى العاملة وارتفاع معدلات البطالة، وخاصة بين الشباب والنساء، فإن المنطقة تحتاج إلى نمو أعلى وأكثر شمولاً للجميع. ويبدو استيعاب 5 ملايين عامل سنوياً في الفترة القادمة بمثابة تحدٍ جسيم أمام منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان (MENAP)، نظراً للبطالة الحالية التي تطال شاباً من بين كل خمسة شباب.
copy short url   نسخ
14/11/2018
1552