+ A
A -
الدوحة - الوطن
تبنت دولة قطر سياسات مدروسة وسعت بخطى ثابتة لدعم وتشجيع ريادة الأعمال، والنهوض بقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذي سطر في الفترة الأخيرة إنجازات مهمة ومساهمة معتبرة في اقتصاد الدولة، ونجحت تلك السياسات في مواجهة التقلبات الاقتصادية الداخلية والخارجية، وتحقيق التنوع الاقتصادي المنشود.
وتلعب الجهات المعنية بتطوير هذا القطاع جهودا دؤوبة لترسيخ مكانة ريادة الأعمال، ضمن الجهود الرامية إلى الوصول لتحقيق التنمية والتنوع الاقتصادي المستدام، وباتت كل المعطيات نتيجة لتلك الجهود، توحي بفتح المزيد من الآفاق الجديدة، والفرص الاستثمارية الواعدة في هذا القطاع الذي يعد إحدى الركائز الأساسية للتنويع الاقتصادي، ومواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، والتحديات بمختلف أشكالها.
ولعب بنك قطر للتنمية دورا مهما لتمكين رواد الأعمال، حيث أطلق حزمة من المبادرات والبرامج التي واجهت التحديات الاقتصادية والإقليمية، عبر تبني نماذج فريدة للأعمال تقوم على الابتكار والإبداع وتوظيف أفضل الممارسات والتقنيات الحديثة لدعم العمليات التشغيلية، بما يعكس توجيهات القيادة الرشيدة في البلاد، وينسجم مع ركيزة التنمية الاقتصادية لرؤية قطر الوطنية 2030. ومثلت تلك الجهود حافزا قويا ومشجعا للشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق مستويات أعلى من القدرة التنافسية في السوق المحلية، والدفع نحو خلق بيئة أعمال تسهم في إطلاق نوعية جديدة من الشركات الصغيرة والمتوسطة تتبوأ مكانتها على الصعيد الوطني والدولي، وتسهم في تعزيز النمو الاقتصادي في الدولة.
ويقول السيد إبراهيم المناعي، المدير التنفيذي للخدمات الاستشارية وحاضنات الأعمال في بنك قطر للتنمية، إن الجهود التي يبذلها البنك لخدمة رواد الأعمال تبدأ من وضع الأفكار ولا تنتهي بتصدير المنتج إلى الأسواق خارج البلاد، مبينا أن تلك الجهود أسفرت عن نتائج ملموسة تجسدت على أصعدة عدة من بينها تزايد عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومردودها المتنامي على اقتصاد الدولة.
ويضيف السيد المناعي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية أن الشركات الصغيرة في الدولة، التي بدأت مجرد أفكار شبابية يتم طرحها من خلال قنوات مختلفة من أبرزها مؤتمر قطر لريادة الأعمال، أصبحت تساهم الآن في اقتصاد الدولة، عبر طرح منتجاتها في السوق المحلية، فيما وصل بعضها الآخر إلى مرحلة التصدير خارج البلاد، وهي مؤشرات تعكس الدعم والخدمات التي تقدمهما الجهات المعنية في هذا القطاع لتسهيل أعمال رواد الأعمال ضمن بيئة مشجعة ومحفزة للمزيد من الإنتاج.
ومن المتوقع أن يشهد هذا القطاع المزيد من النمو خلال السنوات المقبلة، خاصة مع اقتراب موعد انطلاق فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، وفي ضوء استثمارات متوقعة تصل إلى 5 مليارات دولار في هذا القطاع، الأمر الذي سيتيح فرصة أمام الشركات الناشئة ورواد الأعمال في قطاع التكنولوجيا للمشاركة في هذا الحدث العالمي بفاعلية.
كما سيدعم هذا النمو حاضنة ومسرعة أعمال قطر للتكنولوجيا الرياضية «قطر سبورتستك أكسيليريتور»، التي أطلقت هذا الأسبوع لتكون الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، مما سيفتح آفاقا جديدة للنهوض بقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتنويع مجالاته، خاصة في ظل توفير بيئة مثالية لتعزيز أعمال ومستقبل الشركات الناشئة في قطر من خلال إنشاء مركز يقدم العديد من الفعاليات وبإشراف المدربين المحترفين، من أجل الدفع قدماً باتجاه تأسيس قاعدة صلبة تنطلق منها شركات جديدة تلبي حاجات المجتمع القطري في مجالات عديدة.
ويسعى بنك قطر للتنمية لمساعدة المبادرين ورواد الأعمال على تسريع نمو أنشطتهم في هذا المجال، حيث أطلق العديد من المبادرات المحفزة، والتي من بينها برنامج «قائمة التميز للشركات الصغيرة والمتوسطة» الذي يسلط الضوء على نجاحات الشركات ويستعرض جهودها المتميزة والمبتكرة في الإدارة والتسيير، كما يوفر منصة لتتويج 50 شركة لجهودها في دفع عجلة التنمية والمساهمة في بناء اقتصاد متنوع مستدام.
ويقول المناعي، إن البنك دأب بالتزامن مع الأسبوع العالمي لريادة الأعمال على إطلاق حفل إدراج 50 شركة في «قائمة التميز» للشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك في إطار برنامج «قائمة التميز» لتصنيف الشركات الصغيرة والمتوسطة، سعيا لتشكيل منصة هامة لعرض إنجازات هذه الشركات وتكريم الأفضل أداءً منها بناء على معايير محددة، فيما دأب بنك قطر للتنمية على تنظيم مؤتمر قطر لريادة الأعمال «رواد قطر 2018» بالتزامن مع الأسبوع العالمي لريادة الأعمال لمواكبة النقاشات الدولية والتأكيد على دور قطر الريادي في هذا المجال.
ويؤكد أن تلك الجهود المبذولة من قبل الشركاء والعاملين في هذا القطاع أسفرت عن ثمار ملموسة، حيث حصدت قطر المركز الأول عربيا، والمركز 22 عالميا في تصنيف المرصد العالمي لريادة الأعمال لتقريره لعام 2018/2017 «ونحن عازمون ومع كافة الشركاء على رفع تصنفينا العالمي، بما يضمن مكانة قطر في ريادة الأعمال».
وأظهرت بيانات صدرت عن بنك قطر للتنمية أن البنك منح العام الماضي 417 خدمة لرواد الأعمال القطريين والشركات الصغيرة والمتوسطة، فيما نجح البنك في تأهيل أكثر من ألف رائد أعمال، وانطلق بأكثر من 500 شركة محلية إلى الأسواق العالمية، وزادت قيمة الضمانات المعتمدة من خلال برنامج «الضمين»، لتصل إلى 303 ملايين ريال خلال العام 2017 بنمو قدره 17.4 بالمئة.
وأطلق البنك جائزة ومؤتمر قطر لريادة الأعمال «رواد قطر 2018» المخصص لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة الذين يملكون أفكارا إبداعية من رواد الأعمال القطريين.
وفي السياق ذاته، أطلقت بورصة قطر مزيدا من الحوافز الاستثمارية الجديدة لتهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات المحلية والدولية لهذا النوع من الشركات، وذلك في الوقت الذي تخطط فيه البورصة لإطلاق سوق لتداول أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة مع نهاية العام الجاري، وكلها جهود متضافرة تعكس المستقبل الواعد الذي ينتظر قطاع ريادة الأعمال في البلاد.
وانعكست كل تلك الجهود في المؤشرات الدولية الخاصة بدولة قطر ذات الصلة بهذا القطاع، حيث سجلت تقدما ملحوظا في مؤشر قطاع ريادة الأعمال حسب تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2017، مقارنة بالعام الذي قبله (2016).
وجاء في التقرير، الذي تم إعداده بالتعاون مع المعهد العالمي للريادة والتنمية ومقره العاصمة الأميركية واشنطن، أن دولة قطر احتلت المرتبة 42 في ملكية المنشآت الجديدة، والمرتبة 42 في النشاط الريادي المبكر، والمنزلة 17 في معدل إغلاق الأعمال، وذلك مقارنة مع 54 اقتصادًا آخر شارك في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال.
وأظهرت نتائج التقرير ذاته أن الدافع الذي يقود رائدي الأعمال لتأسيس مشاريع في قطر هو توفر الفرصة بنسبة 82.4 بالمائة، أما الذين يؤسسون أعمالهم بفعل الضرورة فهم نحو 12 بالمائة، لتكون نسبة رواد الأعمال المدفوعين بتوفر الفرص في دولة قطر الأعلى في منطقة الشرق الأوسط والثامنة على مستوى العالم.
ولا تقتصر الجهود المبذولة على هذا الصعيد على بنك قطر للتنمية، بل تتضافر جهود جميع الجهات المعنية في الدولة لترسيخ دور هذا القطاع في تنمية اقتصاد الدولة، حيث ينخرط في ذلك كل من وزارة التجارة والصناعة، وغرفة قطر، وجامعة قطر، وبعض المراكز الأخرى في البلاد.
وتظل الآمال معقودة على هذا القطاع في ظل توجه دولة قطر إلى تنوع اقتصادها ومصادر دخلها، سبيلا إلى الانتقال تدريجيا وبخطى مدروسة من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد متنوع، ومستدام.
copy short url   نسخ
15/11/2018
1500