+ A
A -
الدوحة- قنا- انطلقت في الدوحة أمس، أعمال المؤتمر العالمي للأوقاف، الذي يسعى لدراسة حالة الأوقاف، وتحليل إدارتها وأدائها، وذلك بتنظيم من كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، ومركز قطر للمال، وبشراكة استراتيجية مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومصرف قطر المركزي. ويشارك في المؤتمر عدد من الخبراء والأكاديميين الممثلين لجهات مختصة من بينها شركة بيت المشورة للاستشارات المالية، وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، وجامعة صباح الدين زعيم في إسطنبول، وجامعة ابن خلدون في اسطنبول، بالإضافة إلى مركز شرق لندن لقانون ومجتمعات التمويل الإسلامي. وقال سعادة الدكتور غيث بن مبارك الكواري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن الغاية الإنسانية للوقف جعلته يستجيب لمتطلبات العصور، لينجز مهمته الأساسية المتمثلة في خلق تنمية بشرية متوازنة تطوق الهشاشة والفقر في المجتمعات المسلمة وتحقق الأمن الصحي والغذائي والأمان الاجتماعي بما يفيد كل مكونات المجتمع. واستعرض سعادته في كلمة افتتاحية بالمؤتمر الآثار التي تركتها الأوقاف القطرية في مواطن عديدة من العالم، إحياء لرسالة الأوقاف في تحصين العقول وبناء القدرات، مضيفا أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تكفلت بالعديد من المشاريع الوقفية والتعليمية من بينها المستشفى الجامعي التعليمي الوقفي في جنوب مملكة تايلاند، الذي من شأنه أن يخلق وئاما بين المسلمين وغيرهم من ديانات أخرى، حيث جعلته صبغته الوقفية لا يقصر خدماته على مجموعة دينية دون أخرى. وأكد أن الممتلكات الوقفية حين تنسجم مع الشروط القانونية والتسييرية لتنميتها وصرفها وفق شروط واقفيها، تمثل ثروة كاملة تؤتي أكلها ويعم الانتفاع بها وتغطي جزءا من متطلبات المجتمع في التعليم والصحة ومحاصرة الفقر، والمساهمة في تغطية احتياجات القاطنين في أماكن النزاعات. ولفت إلى أن المسلمين ابتكروا مجالات للوقف استجابت لحاجات ملحة في مجتمعاتهم فخصصوا أوقافا لتطوير الطب والصيدلة، كما أسسوا أوقافا لرعاية كبار السن والمنقطعين الذين لا معيل لهم، وأخرى للمصابين بالأمراض النفسية والعقلية، وإعالة عابري السبيل، كما انفتح الوقف الإسلامي ليقدم خدمات للمشكلات الطارئة على المجتمع، حيث إنشأ المسلمون أوقافا لحماية البيئة، كالعناية ببعض الطيور والأسماك المهددة بالانقراض. وسلط سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي الضوء على تجربة دولة قطر في مجال الأوقاف، ومساهمتها الاقتصادية والاجتماعية، سبيلا لتحقيق التنمية المستدامة. وقال خلال كلمة ألقاها أمس في الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر العالمي للأوقاف، إن دولة قطر اهتمت منذ وقت مبكر بالأوقاف وحرصت على تنظيمها وفق رؤية حكيمة تضمن أكبر استفادة من المشروعات الوقفية، حيث أصدرت في هذا الصدد القانون رقم 8 لسنة 1996 بشأن الوقف الذي نظم كافة الأمور المتعلقة بهذا القطاع. ولفت إلى أن الوقف الذي يعد استثمارا يسعى لاستفادة الموقوف عليهم من ريعه، لا تتحقق منفعته الكاملة إلا من خلال زيادة ريعه عبر تطوير أساليب وطرق استثماره وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، مبينا أن أساليب الوقف تنوعت منذ نشأته، كما تطورت في العصر الحديث لتشمل المتاجرة بالأسهم والصكوك والمساهمة في تأسيس الشركات والإجارة المنتهية بالتملك، والتمويل بالمرابحة، وتأسيس الشركات الوقفية والصناديق الوقفية الاستثمارية وغيرها. ودعا محافظ مصرف قطر إلى مراعاة الأولوية في إطلاق الاستثمارات الوقفية وفقا لحاجة المجتمع والمنفعة العائدة على الموقوف عليهم، الأمر الذي يتطلب دراسة الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة واختيار الوسائل الآمنة وعدم اللجوء إلى المشروعات ذات المخاطر، مع ضرورة تأمين وتوفير الحماية اللازمة واختيار المجال الذي يجلب عائدا أفضل استنادا على دراسات جدوى علمية سابقة. ونبه إلى ضرورة الأخذ بالأساليب الحديثة في استثمار الوقف وتطبيق الأنظمة المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة في هذا السياق، والعمل على تنويع الاستثمارات الوقفية وتوزيعها على مختلف القطاعات وفق استراتيجيات محددة تأخذ الظروف المحيطة بعين الاعتبار، فضلا عن الاهتمام بالجانب التشريعي مع تطبيق أفضل المعايير والممارسات الخاصة من المزايدات والمناقصات، ووضع الضمانات القانونية اللازمة للتقليل من المخاطر المحيطة بالاستثمارات، مع مراعاة النزاهة والشفافية فيما يتعلق بإدارة تلك الاستثمارات. وأكد السيد يوسف محمد الجيدة الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال، إدراك المركز لأهمية الأوقاف، والتمويل الإسلامي بشكل عام، والتزامه بدعم تطوير هذين القطاعين من خلال منصة المركز في هيئة مركز قطر للمال. وأضاف خلال كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للأوقاف أن المكانة المرموقة التي تحظى بها دولة قطر تؤهلها لتصبح دولة رائدة على مستوى العالم في مجال التمويل الإسلامي وتسيير المؤسسات الوقفية، التي تتفق مع ركيزتي التنمية الاقتصادية والاجتماعية في رؤية قطر الوطنية 2030. وأشار إلى أن لمؤسسات الأوقاف ماضيا طويلا مسطرا في صفحات ناصعة من التراث الإسلامي العريق، بالإضافة إلى إمكانيات وقدرات جعلتها تستشرف مستقبلا حافلا بمزيد من النجاح والازدهار، مبينا أن الحاجة في الوقت الراهن باتت ملحة لوجود مؤسسات وقفية نشطة وفعالة. وأضاف أن المؤسسات الاقتصادية الوقفية تقوم بدورين جوهريين هما تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز التنمية الاجتماعية، كما تقدم المؤسسات الوقفية وسيلة فريدة لكل من المدخرات والاستثمارات، مشيرا إلى أن الوقف أداة يمكن توظيفها واستخدامها لتحقيق منفعة كبرى للمجتمع بأسره، وذلك انطلاقا مما يقوم به من اقتطاع جزء من الموارد الاستهلاكية وتحويلها إلى أصول منتجة ونامية تؤدي في الأساس إلى زيادة تراكم رأس المال في الاقتصاد. وثمن السيد يوسف الجيدة دور المؤسسات الوقفية البارز في الشمول المالي، فضلاً عن تعزيز المساواة في الدخل بين فئات المجتمع، «وكلاهما من التحديات الخطيرة التي تواجه المشهد الاقتصادي الدولي المعاصر». وذكر أن المؤتمر العالمي للأوقاف الذي انطلق أمس، يحتضن كبار المفكرين والخبراء وألمع العقول في هذا المجال ضمن مناخ من المناقشات الإيجابية والبناءة حول مستقبل الأوقاف، معربا عن تطلعه إلى أن يسهم المؤتمر في ترسيخ إدراك الحاجة الكبرى لأهمية المؤسسات الوقفية ودورها الحيوي، واستكشاف المجالات والفرص المختلفة لإحياء هذه المؤسسات وتفعيل دورها في عالمنا المعاصر. من جانبه، أوضح الدكتور أحمد مجاهد عمر حسنه، رئيس جامعة حمد بن خليفة، أن الوقف كان أحد أهم عناصر التنمية والبناء الحضاري في التاريخ الإسلامي متجاوزا الجانب الخيري والتكافلي إلى لعب دور تنموي تعليمي ضَمن الاستدامة والنماء للعديد من المؤسسات العلمية والبحثية وساهم بشكل أساس في دعم عملية النهوض الحضاري واستدامتها. وأضاف أن الظروف التي مر بها العالم الإسلامي جعلت الوقف يتراجع ليقتصر على الدور الخيري فقط بالإضافة إلى عزوف الكثير من المجتمعات المسلمة وأفرادها عن المساهمة في هذا الدور بشكل كبير.. مشددا على أن إعادة الوقف لدوره الحضاري والامتداد به سيكون له عظيم الأثر في التنمية المستدامة للأمة الإسلامية. ودعا إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتطوير الوقف ومجالاته وامتداداته، وما يتطلبه ذلك من أطر شرعية للاستفادة من الوقف الذي خرج من المستويات المادية ليشمل مجالات جديدة منها وقف الوقت والخبرة والبحث العلمي، وغيرها. وثمن الدكتور عبد الستار الطائي، المدير التنفيذي للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، ما يتمتع به الوقف من أهمية تاريخية ومعاصرة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، مبينا أن المؤتمر العالمي للأوقاف يمثل فرصة نادرة للعلماء والمتخصصين الإسلاميين في مجالات مختلفة، لمناقشة زوايا الوقف المختلفة، مع التركيز على توسيع وتحسين فعالية وآثار الوقف من أجل الاستجابة لتحديات القرن الحادي والعشرين.
copy short url   نسخ
05/12/2018
2928