+ A
A -
قصص وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة ونستغرب من بعض الأخبار والمقاطع المصورة المنتشرة منها: تعذيب شخص ما لحيوان، أو اعتداء أحدهم على آخر بطريقة وحشية، مما يجعلنا نفكر كيف يقومون بذلك؟ وعلى الأغلب نستنكر تلك الأفعال ونعتقد أنهم بحاجة إلى علاج نفسي، لكن ماذا لو كنت تعيش في مثل ظروفهم؟ ماذا لو سمحت لك الظروف والمناخ المناسب هل كنت ستتصرف مثله؟ في عام 1971م أقام أستاذ علم النفس الأميركي فيليب زيمباردو تجربة سجن ستانفورا لاصطناعي، والتي كانت تهدف لدراسة تأثير السلطة المطلقة على سلوك الإنسان، قدم أكثر من 70 شخصا لتلك الدراسة، وبعد الاختبارات المكثفة للتأكد من سلامتهم العقلية والنفسية وخلوهم من أي اضطرابات نفسية، وقع الاختيار على 28 شخصا، جميعهم أشخاص عاديون جداً، مجتهدون في الدراسة، مهذبون وذوو سمعة طيبة، تتراوح أعمارهم ما بين 17 إلى 25 عاماً، مقابل 14000 دولار يتقاضاه كل مشارك بعد أسبوعين، أي بعد انتهاء التجربة، وقسم المشاركون عشوائياً ما بين حراس وسجناء، في قبو جامعة ستانفور الأميركية، السجن عبارة عن غرف بقضبان، وممر ضيق لا يحتوي على أي نوافذ، وكي يشعر المشاركون بجدية الموضوع كان المساجين يؤخذون من بيوتهم إلى السجن، وفور دخولهم السجن، كان الحراس يقلعون المساجين كل ثيابهم، ويبدؤون بإهانتهم والتنمر عليهم، ولم يكن للمساجين أسماء بل أرقام مثل 815، وفي المقابل الحراس لم يتدربوا على الحراسة أبداً بل كان لهم مطلق الحرية للتصرف بما يجدونه مناسبا، وارتدوا ثيابا رسمية للحراس وحملوا بيديهم مضربا حقيقيا، وهذا ما كان يريده زيمباردو كي يشاهد كيف سيتصرفون بموقف مثل هذا، ومن أول يوم بدأ الحراس بإيقاظ المساجين في الفجر وإذا لم ينصاعوا كانوا يجبرونهم بممارسة تمارين الضغط، لكن بشكل عام مر اليوم الأول بشكل عادي وطبيعي كل منهم بدأ يتقمص دوره، لكن في صباح اليوم الثاني بدأ المساجين بالملل وبدؤوا بتمزيق ثيابهم وشتم الحراس من وراء المقبض، وكان رد فعل الحراس لا يصدق، بدأ الحراس باستخدام مطفأة الحريق ليبعدوا المساجين الثائرين من الباب، ثم يخلعون ثيابهم ويشتمونهم، ووضعوا المسؤولين عن الاحتجاج والثورة في سجن انفرادي، بعد اليوم الثاني نسى الحراس أنهم في اختبار وشعروا بالاستياء من إهانات المساجين، فقرروا ألا يسمحوا للمساجين باستخدام دورات المياه فأصبحت رائحة الغرف مزرية، ولسوء الأحوال قرر أحد المساجين الانسحاب من الاختبار لسوء حالته النفسية، حيث إنه لم يتوقف عن الصراخ والبكاء، بعد 5 أيام اضطر الأستاذ أن يوقف الاختبار، حتى هو بدأ يشعر أنه مسؤول السجن بالفعل! هل كنت تتوقع أن شبابا مثلي ومثلك بل ممكن أنهم أكثر سلامة منا، أن يقوموا بتلك الأفعال؟ في الحقيقة حتى الطلاب المشاركون صدموا من أفعالهم وشعروا بالندم بعد انتهاء الاختبار. الدراسة واضحة والنتيجة لا تحتاج إلى تفسير، في الحقيقة أن كل البشر يمكنهم أن يهينوا ويعذبوا ويقتلوا أشخاصا آخرين لو خلق مناخ مناسب يشجع على الخطأ، توقع أي شيء من البشر، قيمك سوف تسقط أمام كيان ومؤسسات، لو سلطتك سوف تتأثر بذلك سوف ترميها بالتأكيد. في هذا المقال أنبه الجميع سواء بعد أسبوع أو سنوات عندما تكون في موقف يسمح لك بحرية مطلقة أو سلطة أن تهين أحدهم وأنت غير منتبه، ألا تجعل ذلك يؤثر على قيمك ومبادئك، راقب أفعالك. كاتبة كويتية
copy short url   نسخ
15/12/2018
1934