+ A
A -
كتب – محمد الجعبرى
تزخر مدارس الدولة بالعديد من الكفاءات التربوية الوطنية، والتي تعمل على إثراء العملية التعليمية، وذلك من خلال العمل الدؤوب المستمر على مدار العام الدراسي كاملاً، حاملين بين جنباتهم حب الوطن وإرث الأجداد، يعملون على إشعال فتيل الهمة والنشاط بين طلابهم، آخذين بأيديهم نحو التقدم والتميز العلمي.
من تلك القصص المميزة والتي تزخر بها مدارسنا بجميع مراحلها، قصة المعلمة المتميزة هيا النعيمي منسقة اللغة العربية بمدرسة البيان الإعدادية، والتي تقدم نموذجا يحتذى به في العمل والمثابرة والتميز والإبداع، منطلقة في كل ذلك من حب الوطن والحرص على إعلاء قيمته بين الأمم، متسلحة في طريقها بالحب والعطاء والخير الذي تحمله تجاه الجميع من طلاب وإدارة وأولياء أمور.
ومثل كل القامات المرتفعة، بأن يكون لهم نموذج أثر في حياتهم ورسم لهم طريق مستقبلهم، كان لوالدة السيدة هيا النعيمي أثر كبير في حياتها، حيث كان لمعلمة اللغة العربية السيدة فاطمة راشد الهاجري أثر كبير في توجيه ابنتها هيا النعيمي تجاه التعليم، وحب العمل كمعلمة في نفس التخصص بتدريس اللغة العربية.
وبالعودة لهيا النعيمي، وهي المعلمة الوحيدة التي نسجت بخبرتها التربوية علاقة وطيدة وقوية بين الطالب وأسرته وإدارة المدرسة، لتعمل بحنكة واقتدار على تذليل جميع العقبات التي تقف في طريق تميز طالباتها، كذلك توحيد الرؤية بين المدرسة والأسرة، وزيادة دعم جميع أطراف العملية التعليمية للطالبات في مسارهن التعليمي، كذلك بناء جسور الثقة بين جميع الأطرف.
لتستطيع بكل قوة وقدرة عجيبة، ومن خلال عملها كمنسقة جائزة التميز العملي بمدرستها، لإخراج أكثر من 10 طالبات من تحت يديها يحصلن على جائزة التميز العلمي خلال الأربعة أعوام الماضية، هذا بخلاف 11 طالبة تقدمن العام الحالي، لم تظهر نتائجهن حتى الآن، حيث أعربت المعلمة هيا النعيمي عن أملها في فوز جميع طالباتها المتقدمات للجائزة.. وإلى نص الحوار:
} أعطنا نبذة عن حياتك الشخصية؟ وعلى أي أساس كان اختيارك لمهنة المعلم؟
تخرجت من كلية الإنسانيات بجامعة قطر في العام 2006 تخصص لغة عربية، حيث كان لتخصصي في تدريس اللغة العربية تأثر كبير من والدتي معلمة اللغة العربية التي جعلتني أعشق اللغة العربية ومهنة المعلم، وقد التحقت بالتدريس منذ تخرجي من الجامعة، أي أنني أمارس مهنة التدريس منذ ما يقرب من 12 عاما، وأشغل الآن منسقة اللغة العربية بمدرسة البيان الإعدادية بنات.
} كيف وجدت مهنة المعلمة؟ وهل أثرت في حياتك الشخصية؟
مما لا شك فيه أن العمل في التدريس شرف كبير، وأن مهنة المعلم هي مهنة الأنبياء وقادة الأمم، ولهذا فتجد في ممارستها مشقة تصاحبها متعة كبيرة، خاصة في حالة أن تتم ممارسة المهنة في بيئة مدرسية جيدة ومسنجمة مع بعضها البعض.
وقد حاولت أكثر من مرة أن أبحث عن وظيفة أخرى، ولكن متعة العمل في مدرسة البيان دائماً ما كانت تثنيني عن رغبتى بالابتعاد عن التدريس، فقد وجدت في مدرسة البيان الإعدادية انسجاما كبيرا بين المعلمين والإدارة والطلاب، فنجد الإدارة تسخر كل إمكاناتها من أجل انتظام العملية التعليمية ومساعدة المعلمين بالقيام بمهامهم على أكمل وجه، وتوزيع الأدوار بحيث تجد المدرسة تعمل كخلية نحل، كل شخص يعرف واجباته والتزاماته، مما جعل مدرسة البيان من أفضل مدارس الدولة في مخرجاتها التعليمية ودرجات طالباتها، كذلك احتلال المراكز الأولى في أي مسابقة تدخل بها طالباتنا.
} ماذا تقولين لطالبات المدرسة عن مهنة المعلمة؟
إن المعلم هو صاحب الفضل الأول على جميع الوظائف الأخرى، فهو الذي يخرج الطبيب والمهندس والمعلم والإعلامي والإداري، فالمعلم هو العماد الرئيسي للدولة، فهو يقوم بمهمة وطنية سامية مثل الجندي في موقعه في الدفاع عن وطنه، فهو أساس عملية التنمية التي يرمي لها الوطن.
وأقول لكثير من الزميلات المستقيلات من العمل.. إنني لم أتدرج في التعليم طوال هذا العمر، وأدرس أكثر من 16 عاما ثم أجلس في المنزل، ولابد من الاستفادة من هذه السنوات الطوال من الدراسة، كذلك رد المعروف لهذا الوطن الذي سخر لنا كل الإمكانات التعليمية طوال مشوارنا الدراسي، ورد حق الوطن يكون في العمل على إخراج جيل جديد يحمل مشاعل النور ويدفع بوطنه لمصاف الدول المتقدمة، لذلك فالمعلم يعتبر نموذجا ومثالا وقدوة أمام الطلاب.
} ما هي أفضل الصفات التي اكتسبتها من خلال العمل كمعلمة؟
الكثير من الصفات التي أثرت على شخصيتي من خلال العمل في التدريس، أول هذه الصفات حب العمل الجماعي، لأن العمل التعليمي قائم على التكامل بين جميع الأطراف سواء المعلم أو الطالب والإدارة والأسرة، وذلك بقصد إخراج أفضل الكوادر الوطنية التي تخدم وطنها، كما أن المعلم لابد أن يتسم بالإبداع والابتكار سواء في اساليب التدريس التي تخرج الطالب عن رتابة اليوم الدراسي.
كذلك الصبر، فالمعلم يعمل سنوات طويلة من أجل أن يرى أبناءه الطلاب في أعلى المناصب العلمية والأكاديمية والإدارية بجميع مناحي الدولة، كذلك لابد للمعلم أن يعمل على بناء علاقات صداقة وطيدة بينه وبين طلابه، والنزول لعقليات الطلاب، وبناء جسور الثقة بينهم، ويستغل هذه العلاقات في خدمة العملية التعليمية وتذليل جميع العقبات التي تصادف الطالب في حياته الدراسية، من خلال التعرف على مشاكله ومحاولة حلها، بالتواصل مع أسرته والأخصائي النفسي والاجتماعي بالمدرسة، وهذا يقودنا بالعودة مرة أخرى إلى أن التعليم قائم على العمل الجماعي.
} وما هي علاقتك بجائزة التميز العلمي؟
أعمل بجانب عملي كمنسقة ومعلمة للغة العربية، منسقة لجائزة التميز العلمي بمدرستي، وقد تقدمت للجائزة لمرتين متواليتين ولم يحالفني الحظ بالفوز بها، وهذا دفعني إلى أن أحرص على أن ينال طلبتي تلك الجائزة، فعقدت العزم على إنجاز هذه المهمة التي اعتبرتها مهمة وطنية وقومية وشخصية، وقد حققت طالباتي 10 جوائز للتميز العملي على مدار أربعة أعوام متوالية، هذا بخلاف تقدمي العام الحالي بـ22 طالبة تم قبول 11منهن، وأتمنى من الله أن يحصلن جميعاً على الجائزة التي سيتم إعلانها الفترة المقبلة.
} وكيف تقومين بتنظيم وقتك في العمل كمنسقة تميز علمي؟ بجانب عملك كمنسقة لغة عربية؟
يأخذ هذا العمل وقتا وجهدا كبيرين من العمل الصعب والشاق، ولكن لدينا إصرار كبير على حصول طالباتنا على جائزة التميز العلمي، فالجائزة بقدر ما هي شرف لكل الحاصلين عليها، إلا أنها تعطي المتميز دفعة معنوية كبيرة في حياته، وذلك بأنه قادر على الإبداع والعطاء والتميز في جميع مجالات عمله ودراسته.
ويحضرني موقف يدل على الإصرار وقوة التحمل.. في فترة من فترات التقدم لجائزة التميز العلمي كانت والدتي مريضة، وكنت مرافقة لها في المستشفى، وكان لدينا ملفات نعمل عليها للتقدم للجائزة، وجاءت الطالبات إلى المستشفى، وقمنا بافتراش الأرض والعمل على الملفات طوال اليوم بأكمله، وكانت والدتي تشجعنا على العمل وتدعمنا بخبراتها الطويلة، ولم تدخر جهدا في وقت تعبها أن تساعدني أنا والطالبات في الانتهاء من الملفات على أكمل وجه.
} هل كان لوالدتك أثر كبير في حياتك؟
نعم كان لها عظيم الأثر في اتجاهي نحو التعليم وحب العمل كمعلمة، فكانت دائماً وأبداً نموذجا للمعلم الوفي لمهنته وطلابه ولوطنه، حيث إنها كانت دائمة العطاء مع أبنائها الطلاب في مدرستها التي عملت فيها، هذا بخلاف أبنائها في المنزل وأسرتها التي لم تقصر في حقها ليوم واحد.
عملت والدتي السيدة فاطمة راشد الهاجري - معلمة لغة عربية - بمدرسة أم صلال علي الإبتدائية للبنات، لأكثر من 22 عاما، وهي من الرعيل الأول للمعلمات القطريات، حيث تخرجت من دار المعلمين، وقد تم تكريمها من قبل معالي رئيس مجلس الوزراء في يوم المعلم، خلال الاحتفال الأول الذي أقيم ليوم المعلم، وقد تقاعدت في العام 2001 بسبب ظروفها الصحية، ولكنها مازالت تمارس دورها كمعملة مع أبنائها الذين حرصت على حصولهم على أعلى الشهادات الجامعية، وكانت تعلن الطوارئ في البيت أثناء فترة الاختبارات، مما أثر في حياتنا وجعلنا نرتقي أعلى المراتب العلمية أنا وإخوتي.
copy short url   نسخ
10/01/2019
2290