+ A
A -
يتردد في أذهان الكثيرين سؤال مهم، وقد تسمع هذا السؤال أكثر من مرة في اليوم الواحد: لماذا أتكاسل عن متابعة الطريق الذي اخترته لنفسي؟! الإجابة هي: الشغف الذي يسيطر علينا؛ فكلما كان المرء شغوفًا بما يفعل، زادت احتمالات إنجاز أهدافه التي حددها.
الشغف يدفعنا لممارسة الأمور اليومية المتكررة دون الوقوع في فخ الرتابة والروتين، ننطلق للعمل بحماسة أكبر وكأننا نخوض تجربة شيقة للمرة الأولى. ربما يكتشف المرء في الطريق إلى عمله أشكالاً أجمل لم يبصرها من قبل، قد يجد في تعامل الزملاء كل يوم لمحة إيجابية لم يعهدها قبلاً، وربما تضحك له الأشياء من حوله، وكل تلك الأشياء مع بساطتها إلا أنها مؤثرة في تعزيز شغف الفرد بأهدافه ونجاحاته.
لكن ماذا لو كانت الأمور تسير عكس ما توقعته؟ كيف أحافظ على شغفي باستمرار؟ يمكنك ذلك من خلال التركيز على هدفك، الشغف يعطي للحياة معنى والهدف يرفع من قوة الشغف، وقد لا ترى نتيجة ملموسة لما تمارسه من أنشطة، لكن ثقتك بهدفك وحفاظك على شغفك يصلان بك للنتيجة التي ترنو إليها. العقل يبني على آخر تجربة، فاجعل كل تجربة تنبض بقدرٍ من الإيجابية تقترب به من هدفك، رافق الشغف في كل تصرفاتك، وتعامل بحب مع الأدوات التي تستخدمها، شجع الأشخاص من حولك وكن عونًا لهم، لا تسمح لنفسك باليأس وواصل دون تردد.
من الأمور الشائكة في قضية الشغف أن البعض مولعٌ بتقصي آراء من حوله في ما يفعله، وهذا ليس من الرشد في شيء؛ فعليك أن تتخير العقلاء والمتخصصين في الطريق الذي تسلكه، واطلب نصائحهم ومشورتهم لتضعك على طريق سديد. ومع ذلك فإن الشغف قد يأخذ بيدك حين يتخلى عنك الجميع! جلس شهاب الدين العسقلاني بين أيدي الشيوخ خمس سنين دون أن يتعلم شيئًا يُذكر، حتى ضاق به شيخه ذرعًا وقال له يومًا: يا بني! هذا حبل وهذه عصا، اذهب واحتطب أو ارع لك غنمًا، أما العلم فليس لك. كان هذا رأي أهل التخصص، ولكن ماذا قال الشغف؟ ولمن كانت الغلبة؟ قال الشغف كلمته وقد اشتعل في صدر الفتى التمسك بالعلم؛ فأصبح الفتى البليد بعد ذلك ابن حجر العسقلاني «أمير المؤمنين في الحديث»، انظر إلى أين اقتاد الشغف ابن حجر؟! عليك أن تواصل الطريق التي انتخبته لنفسك بالشغف، وستجد نهاية سعيك تجبر خاطرك، وتقر عينك، وتسعد قلبك.
إن كنت ممن يستهويهم آراء الناس وتصنيفاتهم، فاقلع- من الآن- عن تلك العادة المكبلة لنجاحك، امض في طريقك ودع عنك أقوالهم فهي لا تزيد عن مجرد آراء وليست قوانين كونية.
اختار الصحفي الكبير أحمد رجب مقالاً لتوفيق الحكيم، وعرضه على عدد من الكتاب والصحفيين على أنه بقلم أديبة شابة؛ فقال العقاد: «هذه سطور كاتب في منتصف الطريق يستحق التشجيع»، في حين قال إحسان عبدالقدوس: «أفكار قديمة لا تستحق النشر»، أما علي حمدي الجمال فقال: «صفر على الشمال»؛ فنشر أحمد رجب هذا الأقوال تحت عنوان آراء صريحة جدًا في أسلوب توفيق الحكيم.
أكبر مفلس في الحياة هو من فقد شغفه؛ فالشغف يضمن لك التخلص من الإحباط والمثبطات من اللحظة الأولى حتى إتمام المهمة بنجاح، والشغف يخرج بك من دائرة الراحة، كما يحثك على ممارسة الأشياء الجديدة دون رهبة، ويعزز من ثقتك بنفسك ويجتذب نحوك أصدقاء جدد لهم نفس الاهتمام، الشغف يُعدي فاحرص على أن تحيط نفسك بأهل الشغف والنجاح.
copy short url   نسخ
12/01/2019
2819