+ A
A -
وضعت دولة قطر نفسها في مكانة متقدمة بين الوجهات الاستثمارية والتجارية الأفضل في منطقة الشرق الأوسط على مدار الأعوام الأخيرة بشكل عام وخلال عام 2018 على وجه الخصوص، والذي تزامن مع الإجراءات التي اتبعتها دول الحصار لعزل قطر عن العالم، وهو ما فشلت في تحقيقه، في ظل التحركات المشتركة بين الحكومة ومختلف دول العالم.
وأظهرت المؤشرات التي تحققت واللقاءات التي عقدت بين الشركات القطرية ونظيراتها من مختلف الدول عبر الوفود التي استقبلتها الدولة خلال العام الماضي، مدى التعاون والتآلف الذي تتمتع به قطر والسمعة البراقة التي اكتسبتها نتيجة قوانينها المشجعة للاستثمار والحوافز التي تقدم من قبل الحكومة للشركات المحلية والعالمية العاملة داخل السوق القطري، إلى جانب النهضة التنموية والإنشائية التي تشهدها قطر خلال السنوات الماضية والتي تسابقت على المشاركة فيها كافة دول العالم.
ووفقا للتقارير الدولية فإن أبرز القوانين التي ساعدت قطر على تحقيقها المركز الثاني بين أكثر الاقتصادات نمواً في العالم، تمثلت في قانون الدين العام وقانون الشركات، وقانون حماية الملكية الفكرية، وقانون غسل الأموال، وقانون العلامات التجارية وبراءات الاختراع، وقانون الوكالات التجارية، وقانون حماية الأسرار التجارية، إضافة إلى قانون المناطق الحرة الاستثمارية الذي يهدف إلى إدارة وتطوير المناطق الحرة الاستثمارية وفقا لأفضل المعايير الدولية، وتشجيع وجذب الاستثمارات في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا والإنتاج والتصدير.
ولعب القطاع التجاري أيضا دورا هاما في تنمية العلاقات الخارجية لدولة قطر، وهو ما أنهى تماما كافة الؤامرات التي حاكتها دول الحصار لقطر وشعبها، حيث نجحت الدولة في فتح أفق تصديرية واستيرادية جديدة منعت حدوث أي تأثيرات في الأسواق، بل إن الفائض التجاري الذي تحقق بات مثالا واضحا على القدرات الكبيرة التي تتمتع بها قطر.
ووفقا لبيانات جهاز التخطيط والإحصاء فإن قيمة الفائض التجاري للدولة ارتفعت خلال الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 36% على أساس سنوي، وبلغت قيمة الفائض التجاري بالربع الثالث من 2018 نحو 49.86 مليار ريال (13.70 مليار دولار)، مقابل 36.70 مليار ريال (10.08 مليار دولار) بنفس الربع من العام الماضي، ودعم ارتفاع الفائض التجاري، قفزة قيمة الصادرات القطرية خلال الربع الثالث بنسبة 32.3% لتصل إلى 79.82 مليار ريال، مقابل 60.33 مليار ريال في الربع المناظر من 2017.
وساهمت العلاقات التجارية المزدهرة بين قطر وشركائها الخارجيين في تحقيق تلك المعدلات رغم التضييق الذي تمارسه دول الحصار على قطر برا وبحرا وجوا، حيث استأثرت الدول الآسيوية بالمرتبة الأولى بالنسبة لاستقبال الصادرات القطرية خلال الربع الثالث، وذلك بواقع 80.4%، ويليها الاتحاد الأوروبي بـ10.5%، ثم مجلس التعاون الخليجي بمعدل 3.9%. وبشأن الواردات، مثلت الدول الآسيوية 33% من الواردات القطرية في الربع الثالث، ويتبعهم الاتحاد الأوروبي بـ26.8%، ثم مجلس التعاون الخليجي بنسبة 3.7%.
وعلى الصعيد الاستثماري كشفت التصريحات الصادرة عن محمد بن طوار الكواري النائب الأول لرئيس غرفة قطر أن الدولة استقبلت نحو مائة وفد استثماري وتجاري خلال العام 2018 يحمل ذات العدد من الجنسيات التي تريد توسيع رقعة تعاونها التجاري والاستثماري مع قطاع الأعمال القطري.
ولم تتوقف الوفود التجارية والاستثمارية عن زيارة قطر لفتح آفاق جديدة للتعاون معها، ولم تقتصر تلك الزيارات على دول بعينها، بل شملت دولا من مختلف قارات العالم، ترغب في المشاركة بالانطلاقة التي تشهدها قطر حاليا، وخاصة مع اقتراب الحدث الأكبر الذي تنتظره منطقة الشرق الأوسط والمتمثل في تنظيم قطر لكأس العالم 2022.
وخصصت الموازنة العامة لدولة قطر للعام 2019 نحو 25 مليار دولار لأغراض تنفيذ المشروعات الكبرى، وهو ما يشكل فرصة مواتية يمكن اغتنامها من قبل المستثمرين العرب والأجانب، وذلك من خلال إبرامهم شراكات مع نظرائهم القطريين.
ومثلت الإجراءات التشريعية التي اتخذتها دولة قطر على مدار الأشهرالماضية نقطة الجذب الأولى لكبرى الشركات العالمية، والتي جاء آخرها في إصدار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي، الذي يسمح بتملك الأجانب للمشروعات بنسبة 100%.
ويأتي القانون كخطوة كبيرة نحو تحقيق المزيد من النجاحات في القطاع الاستثماري، لما سيكون له من دور فعال في جذب استثمارات أجنبية بجميع الأنشطة والقطاعات الاقتصادية والتجارية، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وتحقيق التنوع الاقتصادي توافقاً مع رؤية قطر الوطنية 2030، ورفع مؤشر الثقة والأمان الاستثماري في الدولة.
وبموجب مشروع القانون، سيفتح المجال للاستثمار الأجنبي بنسبة تملك 100% في مختلف القطاعات، ودعم دخول رؤوس الأموال إلى السوق القطري، من خلال توفير العديد من الحوافز ومن أهمها تخصيص أراض للمستثمرين غير القطريين لإقامة مشاريعهم، إلى جانب إمكانية الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية، وإتاحة حرية تحويل الاستثمارات داخل الدولة وخارجها، كما أنه يعدّ خطوة مهمة في مسار تسهيل إجراءات تسجيل الشركات.
وضمن الإجراءات التي اتخذتها دولة قطر لتعزيز الاستثمار أيضا فإنه تم تعديل قانون المناطق الحرة، إلى جانب الموافقة على قانون إنشاء المناطق الصناعية، إضافة إلى القرارات الهادفة إلى دعم الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص ودعم القطاع الصناعي والتي شملت خفض إيجارات المناطق اللوجستية بنسبة 50% خلال عامي 2018، 2019، مع إعفاء المستثمرين للقيمة الإيجارية خلال 2018 في حال استخراج رخصة البناء قبل نهاية يناير الجاري، إضافة إلى تسهيلات القروض لأصحاب المشاريع الصناعية وزيادة نسبة شراء المنتجات المحلية من 30 % إلى 100% لكافة الأجهزة والجهات الحكومية.
كما أن قطر ركزت بقوة على الاستثمار الخارجي خلال الفترة الأخيرة، وخلال الأشهر الماضية عززت دولة قطر تواجدها الاستثماري في العديد من دول العالم، أبرزها تركيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة الأميركية، وأخيرا في ألمانيا، حيث أعلنت قطر عزمها استثمار 10 مليارات يورو في العديد من القطاعات يأتي على رأسها السيارات والتكنولوجيا المتطورة والمصارف، والتي يعتبرها كثيرون مكامن القوة للاقتصاد الألماني، مما يرفع من حجم الاستثمارات القطرية في هذه السوق والبالغة قيمتها 20 مليار دولار.
ووفقا لأحدث تقارير مؤسسة «ريسيرش آند ماركتس» فإن قطر ستمر بفترة نمو قصوى في قطاع الإنشاءات، حتى عام 2021 بشكل محدد وستمتد ولكن بصورة أقل بعد ذلك خاصة مع استكمال العديد من المشاريع الخاصة بالمونديال بحلول ذلك التوقيت، وهو ما سيؤثر بدوره على زيادة نسبة مساهمة قطاع الإنشاءات في النمو الإجمالي للناتج المحلي للبلاد، والتي من المتوقع أن تصل إلى 10% بعد خمس سنوات من الآن، الأمر الذي يخدم خطط التنويع الاقتصادي، التي وضعتها قطر لنفسها وفق الرؤية الوطنية حتى عام 2030..وأضاف التقرير أن قطاع البناء في قطر حتى عام 2021 يشهد طفرة في عدد المنشآت التجارية والصناعية والمؤسساتية والسكنية كذلك، مما ساهم في جذب العديد من الشركات الكبرى العالمية العاملة في ذلك المجال، ومن ثم فتح الباب أمام شركات القطاعات الأخرى للاستثمار في قطر.
وعلى صعيد أسواق المال فإن وكالة بلومبيرغ الأميركية كشفت أن المستثمرين الأجانب اشتروا مايقدر بـ 2.3 مليار دولار من الأسهم المتداولة في بورصة قطر خلال عام 2018، مشيرة إلى أن المستثمرين بالعملات الأجنبية يفضلون بورصة قطر باعتبارها الأكثر استقرارا في المنطقة والآمنة للاستثمار، مقارنة بباقي دول المنطقة، ومن ضمنها دول الحصار.طفرة في العلاقات التجارية
بين قطر ودول العالمكتب- أبو بكر محمد
copy short url   نسخ
12/01/2019
4786