+ A
A -
عواصم- الجزيرة نت- يشهد المسار الرسمي الخليجي تسارعاً في نسج علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي، في وقت تبدو الشعوب الخليجية مصرة على موقفها المتمسك برفض التطبيع ونبذ أي محاولة تشذ عن هذا الإجماع، وهو ما يجعل عام 2019 عاما مرتقبا لمناهضة شعبية أوسع.
وكانت خطى السعودية والإمارات الأكثر اتساعا نحو التطبيع، خصوصا أن سلطات الرياض وأبوظبي تماهت بشكل كبير مع رؤى الاحتلال، بل إن بعض كتاب الدولتين، اعلنوا علنا أن التطبيع مع المحتل افضل من متابعة القضية الفلسطينية.
وتكفي النظرة المتفحصة لردود الفعل الشعبية تجاه المحاولات الفردية في بعض العواصم الخليجية لاستشراف مستقبل الموقف الشعبي بشأن التطبيع خلال الفترة المقبلة.
تظهر الإعلامية الكويتية فجر السعيد في إحدى القنوات الإسرائيلية في واقعة هي الأولى من نوعها في الكويت، متحدثة عن أهمية بناء علاقات قائمة على السلام مع إسرائيل فتثير المقابلة عاصفة من النقد والهجوم عليها وصلت إلى حد مقاضاتها أمام المحاكم.
وهو الموقف الذي شهد محاولات مشابهة قام بها إعلاميون في السعودية ودول خليجية أخرى.
الموقف الشعبي الرافض لتلك الأصوات الفردية الداعية للتطبيع ومن قبلها التقارب الرسمي في عدد من العواصم الخليجية اتخذ أشكالا عدة، فقد شهدت الأشهر الأخيرة إقامة العديد من الندوات وتدشين حملات إلكترونية في كل من الكويت وقطر وسلطنة عمان لرفض كافة أشكال التقارب الرسمي والشعبي على حد سواء.
ويرى مراقبون أن الحديث عن التطبيع الخليجي حتى اللحظة هو حديث يتعلق في الغالب بقرارات حكومية تظل رغم كل ما يبذل معزولة عن إرادة الأغلبية أو بمعنى آخر هي تعكس حالة من الانفصال بين المسارين الرسمي والشعبي.
ويجمع المراقبون على أن البلدان التي تسمح بحرية الرأي والتعبير هي تلك التي يمكن قياس الرأي الشعبي فيها بشكل أكثر دقة.
وبهذا الصدد يؤكد الأكاديمي الكويتي شفيق الغبرا أن القياس الدقيق لآراء الشعوب الخليجية ومواقفها لا يمكن أن يتبين إلا في وجود مناخ عام يكفل حرية الرأي والتعبير، معتبرا أن الحرية النسبية للتعبير عن الرأي في الكويت تظهر كيف يتمسك المجتمع المدني والتيارات السياسية والشخصيات الوطنية ذات الاعتبار في الغالب الأعم بالقضية الفلسطينية وبدعم القدس.
ويضيف الغبرا للجزيرة نت أن الآراء النقدية ظهرت كذلك في سلطنة عمان في غضون الزيارة التي قام بها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان في أكتوبر الماضي.
الآراء النقدية بحسب الغبرا لم تعد تسمع بل لم يعد مسموحا بها في كل من السعودية والإمارات، فعموم الناس هناك بين خيارين إما أن يحتفظوا بآرائهم المخالفة لتوجهات الحكومتين، وإما أن يزج بهم في السجون، وهو أمر يؤكد القاعدة العامة، وهي وجود رأي عام شعبي مخالف للتوجهات الحكومية.
وفي وقت يشير فيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت فيصل بوصليب إلى ندرة التقارير والدراسات العلمية لقياس الرأي العام الخليجي تجاه قضية التطبيع، فإنه يرى أن توجهات الرأي العام الخليجي ترفض التطبيع في الوقت الحالي، رغم بعض الأصوات الشعبية في الخليج التي تنادي علنا بالتطبيع.
ويؤكد بوصليب أن ردة الفعل الشعبية المستنكرة لمثل هذه الدعوات توضح بأن الشعوب الخليجية غير مستعدة في الوقت الراهن لفكرة التطبيع، كما يعبر عن اعتقاده بأن قضية التطبيع من عدمه لا تشكل أولوية بالنسبة للشعوب الخليجية، ربما للبعد الجغرافي نوعا ما عن الأراضي المحتلة وربما لأن هذه الشعوب شُحنت إعلاميا بأن التهديد الخارجي يتمثل في إيران.
ولا يغفل بوصليب مواقف بعض الحكومات الخليجية باعتبارها أحد المحددات الرئيسية المؤثرة في مواقف الشعوب نتيجة تحكم كثير من الحكومات في وسائل الإعلام، لكنه يستبعد في الوقت نفسه حدوث تغير سريع وتلقائي في توجهات الشعوب حال تطبيع الحكومات مستندا في هذا القياس على النموذج المصري الأكثر وضوحا في العالم العربي.
وينطلق رئيس الحركة الليبرالية الكويتية أنور الرشيد من مسلمة مفادها فشل كل محاولات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني واستحالة إجبار الشعوب الخليجية على إقامة علاقات مع دولة الاحتلال. ويضيف الرشيد للجزيرة نت أن المزاج العام لشعوب الخليج رافض للتطبيع، معتبرا أن ما تشهده الساحة من آن لآخر هو محاولات تبذلها بعض الأنظمة المستبدة لكسر الإرادة الشعبية بغية الحصول على بعض المكاسب والدعم في معركتها الأهم مع شعوبها وهي معركة الديمقراطية.
copy short url   نسخ
16/01/2019
2948