+ A
A -
الرباط- قنا
الرباط- قنا - قال سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس مجلس الشورى إنه إيمانا من دولة قطر بأهمية تسوية النزاعات بالطرق السلمية فقد كانت رؤية القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ومن قبله صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظهما الله، تركز على أهمية استعادة العلاقة السلمية في المجتمع حيث يأمن فيها الجميع العيش المشترك في كنف الحرية والكرامة.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سعادته خلال مشاركته في مؤتمر «رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي» حول تجارب المصالحات الوطنية التي أفضت إلى تحقيق الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي وبناء السلام، الذي افتتحت أعماله في مدينة الرباط المغربية أمس، وقد حضر افتتاح المؤتمر عدد من أعضاء مجلس الشورى وسعادة السيد خالد بن محمد الدوسري القائم بأعمال بالإنابة في سفارة دولة قطر لدى المغرب.
وأضاف سعادة رئيس مجلس الشورى أنه وفقا لهذه الرؤية واتساقا مع القيم الإنسانية والإرث الثقافي القطري، فقد آلت دولة قطر على نفسها بذل كافة المساعي الممكنة للمساهمة في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة من خلال جمع الفرقاء وتحقيق المصالحات، لأن استقرارها وأمنها جزء من أمن واستقرار المنطقة.
مدينة المصالحات
وأشار إلى أن الدوحة أصبحت مدينة المصالحات ومنبرا لاجتماعات فرقاء السودان ولبنان وليبيا، وفلسطين واليمن وأفغانستان، وحققت العديد من التسويات الناجحة بسبب مصداقيتها، وشفافيتها، ولوقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وعملت على خطوط متوازية لتلبية الاحتياجات الإغاثية ودعم مشاريع الإنعاش المبكر، وإعادة الإعمار والدفع بعملية التنمية لتوفير سبل الاستقرار، وتوفير الحياة الكريمة لدعم مسار السلام.
سلام دارفور
كما لفت سعادته إلى الدور القطري المتواصل في تحقيق سلام دارفور في السودان، في إطار اللجنة الوزارية العربية- الإفريقية المعنية بحل النزاع، وبالتعاون الوثيق مع الوسيط المشترك للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.
وقال إن جهود دولة قطر أثمرت باعتماد وثيقة الدوحة للسلام في دارفور التي تضمنت من بين شروط التسوية الأخرى، بنودا عن المصالحة وإجراء الحوار الدارفوري- الدارفوري من أجل طي صفحة النزاعات القبلية ورتق النسيج الاجتماعي.. موضحا أن هدف دولة قطر في هذا الإطار كان هو الوقف الفوري للعنف للوصول إلى حالة من الاستقرار، وحل مسألة اقتسام السلطة والثروة، وإصلاح المؤسسات الاجتماعية القائمة، ودعم ثقافة السلام وتخفيف معاناة الضحايا.
وأضاف أن دولة قطر اعتبرت المصالحة بهذا المعنى طورا من أطوار عملية شاملة لتحقيق السلام في مجتمع افتقده لسنوات، على ثلاث مراحل وهي وقف أعمال العنف، وحل النزاع بمعالجة مسبباته، ومن ثم معالجة الآثار الناجمة عن النزاع.
الإرادة السياسية
وأكد سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس مجلس الشورى أن المصالحات الوطنية في البلاد العربية والإفريقية تحتاج إلى إرادة سياسية قوية من كل الأطراف الفاعلة، كما تتطلب التفكير المنفتح الذي يقبل الآخر عملا بالقاعدة التي تقول بأن ما يجمع أبناء البلد الواحد أكبر بكثير مما يفرقهم، كما أن انشغال القوى السياسية الوطنية ببعضها يتيح المجال أمام الأجندات والتدخلات الخارجية الضارة.
وشدد على أن أية مصالحة ناجحة تود البقاء لا بد أن تركز على الاعتراف بحق الضحايا ورد الاعتبار لهم في إطار العدالة الانتقالية وضمان عدم تكرار المعاناة بحقهم، وإحالة واضحة للمسؤوليات، ضمن سياق استراتيجي يهدف إلى الانتقال إلى مرحلة الاستقرار والوئام. ولكن يبقى أمر في غاية الأهمية لكي تأخذ المصالحة الوطنية مداها، وهو أن تصبح هذه المصالحة ثقافة دائمة عند جميع مكونات المجتمع وأن تحل هذه الثقافة محل ثقافة الإقصاء والتهميش وإلغاء الآخر.
جهود مشتركة
وأشار سعادته إلى أنه في إطار مساعي دولة قطر للمساهمة في تفعيل دور الدبلوماسية البرلمانية في قضايا الأمن والسلام الدوليين سوف تستضيف الدوحة خلال الفترة من 6 إلى 10 إبريل القادم اجتماع الدورة الأربعين بعد المائة للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي والاجتماعات المصاحبة له.
وفي معرض كلمته، قال سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود إن المؤتمر المنعقد اليوم يأتي في إطار تطبيق برنامج عمل رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي والتي تمت المصادقة عليه في مؤتمرها العاشر هنا في المغرب في عام 2017 والمتضمن موضوعات متعددة منها جهود بناء السلام وحل النزاعات والعدالة الانتقالية في إفريقيا والعالم العربي.
وأضاف أن المؤتمر يأتي بالتزامن مع مساعي المصالحات والحوارات الجارية اليوم في منطقتنا العربية والإفريقية من أجل إعادة الوئام فيها حيث تستمد محاورها من حاجة المنطقة لوسائل وجهود وآليات تجمع الفرقاء وتشيع مفهوم التسامح ونبذ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
وأكد سعادته أن مفاهيم التسامح والتصالح والإخاء والدعوة للسلام تنادي بها كافة الأديان السماوية والأعراف القبلية ويقر بها جميع حكماء وفلاسفة وعلماء الاجتماع، إذ بها يصان الأمن ويتحقق التعايش وتزدهر الحضارات، وفي غيابها يسود الظلم والجور، وتستباح الدماء، وتهدم مقومات الحضارة والمدنية.
كما أوضح أن المؤتمر يأتي أيضا في إطار تقييم نماذج المصالحات الوطنية التي تمت والاستفادة منها لاختيار أنجح الوسائل لتحقيق المصالحات وكفالة ديمومتها.. مشيرا إلى أن التجارب دلت بأن الفشل في إقامة الدولة الحديثة يؤدي إلى انهيار أسس الدولة الوطنية لتصبح القبيلة والفوارق الإثنية والطائفية والمذهبية هي الأوعية المشكلة للانتماء في مجتمعاتنا العربية والإفريقية، مما يقتضي ضرورة رد الاعتبار للدولة الوطنية التي يجب أن تقوم على مفهوم المواطنة، وهذا ما جعل مفهوم المصالحة يحتل حيزا كبيرا من الاهتمام كأسلوب مرغوب فيه لتسوية الصراعات والتوترات الداخلية.
رسالة شكر
وتقدم سعادة رئيس مجلس الشورى في ختام كلمته بالشكر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة واهتمامه واهتمام المغرب العزيز بهذا الموضوع الهام من المصالحات في العالم العربي وإفريقيا.
وعبر سعادته عن شكره لرئاسة وأمانة رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب على الدعوة الكريمة وعلى حسن الاستقبال والإعداد الجيد لأعمال الندوة.
وكان مؤتمر «رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي» قد افتتح أعماله في مقر مجلس المستشارين في الرباط بالمملكة المغربية في وقت سابق امس.
وتقام الاجتماعات الحالية التي افتتح أعمالها السيد عبدالحكيم بن شماس رئيس مجلس المستشارين بالمملكة المغربية رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي «حول تجارب المصالحات الوطنية التي أفضت إلى تحقيق الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي وبناء السلام».
وتناقش الجلسات التي تستمر يومين عددا من المحاور الهامة حول المصالحة من منظور العدالة الانتقالية منها المحور الأول التجارب المقارنة «التجارب العربية، التجارب الإفريقية، تجارب أميركا اللاتينية» والمحور الثاني تجارب المصالحات: نتائج وتحديات «التجربة المغربية، التجربة التونسية، تجربة جنوب إفريقيا، تجربة السلفادور»، والمحور الثالث دور البرلمانات في تدعيم مسارات المصالحة.. بالإضافة إلى المحور الرابع دور المؤسسات الوطنية في مسارات المصالحة وضمانات عدم التكرار.
copy short url   نسخ
18/01/2019
1206