+ A
A -
الدوحة - قنا- دعا سعادة السيد صلاح بن غانم العلي، وزير الثقافة والرياضة، إلى ضرورة إعادة صياغة التصورات والقضايا الكبرى في ثقافتنا العربية بما يتوافق مع الفهم الصحيح والعميق للقرآن الكريم.
وأكد سعادته في تعقيب له على ندوة أقيمت مساء أمس، بمقر الوزارة بعنوان «تاريخ الحضارات من الجذور الحجرية إلى المدنية العالمية»، أن الإسلام يمتلك مقومات الحضارة والنهضة وأن المتتبع للمنهج القرآني يجد فيه أن تصورات كبرى حول القضايا الضرورية ومن أهمها العلم ورفعة شأنه بداية من أول آية نزلت على سيدنا رسول الله «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» (1 العلق )، وقوله سبحانه «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ? قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ? إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ»(9 سورة الزمر)/، والعمل الصالح وتقدير القرآن له في قوله سبحانه «وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» (العصر1-3)، موضحا أن الإسلام فيه دعوة مستمرة للعلم ولكل عمل صالح يفيد البشرية، كما فيه تقديس للوقت ومن ذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى أقسم بالفجر والضحى والعصر والليل تأكيدا على أهمية الوقت وضرورة استثماره في كل ما يفيد وليس كما هو الآن حينما يعتبره الكثيرون عبئا يحاولون التخلص منه.
وأضاف سعادته أن المجتمع بحاجة إلى إعادة صياغة تصوراته في قضايا العلم والعمل والعدل والكرامة الإنسانية والحرية وغيرها للنظر ماذا تحقق منها وماذا أهدر، لأن كل هذه الأمور هي أهم مقومات الحضارة لأن التقدم لا يكون بدون إعلاء قيم العلم والعمل والحرية والكرامة الإنسانية، لينتج لدينا مبدعون ونخب تقود الأمة إلى مكانتها بين الأمم.
وخلال الندوة التي نظمها نادي الجسرة الثقافي بالتعاون مع مركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية قدم الدكتور خزعل الماجدي الأكاديمي العراقي والباحث في علم وتاريخ الأديان والحضارات القديمة استحضارا تاريخيا لأهم المراحل التاريخية التي مرت بها الحضارات عبر التاريخ، والتي صنفها على أساس تاريخي إلى ثقافات ما قبل التاريخ (البدائية) ومنها، الحضارات القديمة (القومية) وتشمل حضارات الشرق الأدنى والشرق الأقصى وحضارات الغرب ثم الحضارات الوسيطة (الدينية) وتشمل الحضارات المسيحية والاسلام والبوذية، ثم الحضارة الحديثة (العلمية المدنية الغربية) وتشمل الحضارة الغربية في أوروبا وامريكا والحضارة المعاصرة (العلمية المدنية العالمية) ثم المدنية العالمية (لكل البشر).
وأشار الماجدي إلى وجود بنى أو مكونات للحضارة تعتمد عليها منها المادية مثل الجغرافيا والمجتمع والسياسة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والجيوش والحروب والعمل والطاقة، وكذلك المكونات الفكرية وتشمل التاريخ والسيكولوجية الاجتماعية والقانون والدستور ان وجد والثقافة والفنون والتربية والتعليم والدين.
واستعرض المحاضر الحضارات القديمة وإسهاماتها الحضارية وخاصة الكتابة بدءا من حضارات الشرق الأدنى وفيها حضارات السومرية، المصرية، البابلية، الشامية أو الكنعانية، اليمانية، الحيثية، الأشورية، الآرامية، والفارسية. وكذلك حضارات الشرق الأقصى القديمة وفيها حضارات السندية، الهندية، الصينية، ثم حضارات أميركا القديمة وفيها حضارات الأندية، الإنكا، المايا، الأزتيك،كما استعرض الحضارات الغربية وشملت الإيجية، والاغريقية والرومانية وغيرها.
وقدم معلومات تفصيلية عن كل حضارة وتاريخها ورموزها الذين أسهموا في نهضتها، مؤكدا في نهاية الندوة أن العرب والمسلمين في مأزق حضاري لأنهم مازالوا يعيشون في التاريخ الوسيط ولم يسهموا بشيء في الحضارة الحديثة وأنهم ينكرون فضل الغرب وعلمائه ويعتقدون أن حضارة الغرب الحالية حضارة مسيحية، مطالبا بنقد الأصول والماضي بوضوح.
وقد شهدت الندوة التي أدارها السيد محمد همام فكري خبير التراث بمكتبة قطر الوطنية، سجالات فكرية حول ما طرحة المحاضر حيث عارض عدد كبير من الحضور رؤية المحاضر واستنتاجاته، مؤكدين أن بعض تصوراته لها منطلقات بعيدة عن التصورات الإسلامية.
copy short url   نسخ
10/02/2019
2515