+ A
A -
د. طاهر شلتوتيعاني بعض الأشخاص من مرض حاد وشديد التأثير على حياتهم وهو «الاضطراب العقلي الحاد والمؤقت» وعادة ما يحدث هذا المرض لبعض الأفراد إذا ما تعرضوا لمواقف نفسية أو اجتماعية ضاغطة بشدة، بحيث إنها تفقدهم توازنهم لفترة قصيرة ومحددة لمدة تتراوح بين عدة أيام وبحد أقصى لا تزيد على شهر يجب أن يعود بعدها المريض إلى حالته النفسية والعقلية الطبيعية تماما.
يتميز هذا المرض بحِدّة الأعراض فيه بمعنى أنه يحدث فجأة وبدون مقدمات عقب بعض المواقف والتي قد تشمل فقدان أشياء غالية لدى الإنسان مثل الأشخاص أو الوظيفة أو صراعات شديدة لا يستطيع الإنسان أن يجد لها حلاً مرضياً، وحين ذلك فإنه قد يفقد السيطرة وتنتابه نوبة شديدة من نوبات الذهقان المؤقت، حيث يشعر خلالها باضطراب في التفكير يظهر على شكل أفكار خاطئة أو ضلالات، بمعنى أنه قد يعتقد مثلاً أنه مراقب أو أن هناك من يحاول أن يؤذيه بطريقة ما وبالرغم من كافة المحاولات التي يحاول المحيطون به أن يطمئنوه بها أو يقنعوه بعكس هذه الأفكار المتسلطة عليه وبالرغم من كل الحجج والبراهين التي قد يقدمونها إليه وكلها حجج صحيحة، إلا أنه لا يمكن أن يقتنع بمثل هذه الحقائق التي تقدم له، بل يستمر في سلوكياته الغاضبة التي بنيت على مثل هذه الضلالات، ولذا فقد يتميز سلوكه بالعصبية أو العدوانية الزائدة والتي قد تصل إلى حد التهيج أو الاعتداء على الآخرين.
وعادة ما تكون هذه الحالة مصاحبة بتغيرات حادة وسريعة وعنيفة في المزاج العام، وقد يتقلب المزاج ما بين الغضب أو العصبية أو الهدوء أحيانا. كما يلاحظ أيضاً على أصحاب هذه المشكلة أنهم قد يعانون من أنواع مختلفة من الهلاوس التي قد تكون سمعية أو بصرية أو حسية كأن يشعر أن هناك شيئاً ما يتحرك على جسده أو في داخل الجسد.
وبالطبع فإن مثل هذه الأحاسيس غالباً ما تكون متسقة ومتطابقة مع طبيعة الأفكار الخاطئة أو الضلالات التي تبناها في ذلك الوقت.
وبالطبع فإن المريض في هذه الأوقات يفقد القدرة على الاستبصار تماماً ويصبح غير قادر على رؤية الواقع أو التعامل مع الآخرين حسب ما كان يفعل معهم سابقاً. وبالرغم من شدة وخطورة الأعراض في بدايتها إلا أن المستقبل أو المآل لهذا المرض يعتبر من الأمور الحسنة لأننا نستطيع أن نقول إن معظم هؤلاء المرضى يحدث لهم شفاء كامل طبيعي في خلال مدة وجيزة تتراوح غالباً ما بين أيام أو عدة أسابيع بمدة إجمالية لا تتعدى شهراً واحداً، أما إذا استمرت الأعراض لمدة تزيد على الشهر فإن الطبيب عليه أن يفكر في تشخيص آخر لهذه الأعراض وقد يشمل هذا التشخيص آنذاك ما يعرف بمرض الفصام أو شبه الفصام.
ولكن ما نريد أن نؤكد عليه هنا أن مثل هذا الاضطراب الحاد والمؤقت هو من الأمراض التي غالبا ما تستجيب استجابة سريعة وجيدة للعلاجات الدوائية النفسية وغالباً ما يؤدي استخدام مثل هذه العلاجات إلى الحفاظ على الإنسان من حدوث انتكاسات أو التحول إلى أمراض نفسية أو عقلية أخرى.
copy short url   نسخ
16/02/2019
7207