+ A
A -
من الصعب الحفاظ على حالة الانتصار التي رافقت تولي الملك سلمان للعرش السعودي في يناير 2015، وذلك بعد سنوات أربع من حكمه، بعد ترقية ابنه ولي العهد محمد بن سلمان إلى أعلى المناصب في المملكة، ليصبح الوجه الجديد للبلاد بينما كان والده يختفي تقريبا من ساحة الرأي العام، لذا أصبح من الصعب للغاية الدفاع عنه بهذا العالم بعدما تسبب الابن في مشكلات كبرى، وفق ما ذكر موقع ميدل إيست آي الدولي.
وقال الموقع: إن العديد من الأزمات تركت ظلالها في السنوات الأخيرة على ولي العهد، ويحتاج إلى معجزة لوقف موجة الانتقادات التي تطارده، لما فعله في سنواتٍ أربع كانت الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المملكة، فعلى الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وصلت السعودية إلى طريق مسدود. في الداخل، أساء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إدارة البلاد عندما أطلق سلطته الجديدة لاستبعاد وإهانة العديد من الأمراء الكبار، واحتجازهم مع آخرين داخل فندق ريتز كارلتون الفاخر، ولم يتم إطلاق سراحهم إلا بعد دفع أموال فدية ضخمة، وهم الآن يعيشون على الهامش، غير قادرين على استعادة الاحترام والاعتراف بهم مرة أخرى.
غير أن أشد الضربات كانت مخصصة للمعارضين، مع عدم إظهار ولي العهد أي تسامح مع المعارضة السلمية. وقد أرسل مئات الأشخاص من جميع الانتماءات السياسية إلى سجون سيئة السمعة في الرياض وجدة. وفر البعض من البلاد خوفاً فلجأوا إلى بلدان غربية مثل كندا أو المملكة المتحدة. وبحسب ميدل إيست آي، سيأتي الاختبار الحقيقي عندما يفقد حاكم السعودية الفعلي الغطاء الذي قدمه له والده على مدى السنوات الأربع الماضية، فعندما يصبح بمعزلٍ عن سلطة والده، قد تنشأ فرص جديدة لتخليص السعودية من هذا الخطر.
لقد عمل على تشوِيّه الحقيقة، بإغراق الشباب السعودي بسلسلة من البرامج الترفيهية مخافة أزمة تختمر بين صفوف العاطلين عن العمل، لا سيما أولئك الذين لديهم شهادات جامعية.
وأمام أفعال السلطات السعودية هرب العديد من المستثمرين بأموالهم، وهو ما يجعل القطاع الخاص يكافح من أجل التوسع، لأن الثروة تغادر البلاد للحصول على ملاذات آمنة أكثر موثوقية. وتم تأجيل العديد من المشاريع، ربما إلى الأبد. الأكثر شهرة هو خصخصة 5 % من شركة النفط الوطنية أرامكو. وكانت هذه الخطة بعيدة المنال، فلم يستغرق الأمر أكثر من عامين حتى اتضحت الصعوبات والعقبات، ولذا فالخصخصة الآن معلقة ولا أحد يعرف ما إذا كانت ستتم أم لا.
من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، تم تقديم العديد من الوعود خلال السنوات الأربع الماضية مع نتائج متباينة. لايزال الاقتصاد السعودي يعتمد على النفط، لكن أسعار الطاقة تظل ثابتة. وسيؤثر هذا على قدرة السلطات على الوفاء بتعهداتها العديدة، من الاتجاه نحو اقتصاد المعرفة إلى برنامج التنويع، لأن جميع هذه الأشياء تحتاج إلى أموال نقدية في غياب استثمارات أجنبية جادة.
أصبح كل هذا أكثر صعوبة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر 2018. ألغى العديد من المستثمرين الأجانب مشاركتهم في مؤتمر «دافوس الصحراء»، وبقي خيار واحد متاحاً بتصفية الصندوق السيادي والاستمرار في إصدار سندات حكومية، لقد أصبحت السعودية دولة لا يمكن أن تعمل إلا من خلال اقتراض الأموال من الأسواق الدولية.
وعلى صعيد السياسات الإقليمية فهي أكثر تعقيدًا، حيث تدخل السعودية بحربها في اليمن عامها الخامس، دون انتصارات حقيقية، وفي أواخر العام الماضي، خضعت الرياض لضغوط للتفاوض على حل سلمي واستيعاب أعدائها من الحوثيين لكن لم يتم الوصول إلى نتيجة بعد.
الأمر المهم أيضاً هو أن حصار السعودية لقطر، هو بمثابة إعلان حرب، لكن لحسن الحظ لم يتطور الأمر بسبب استعداد قطر للدفاع نفسها، واعتبار مهاجمة السعودية عدواناً دولياً، يتوجب على العالم معاقبة السعودية بشدة.
وبالحديث عن تطورات الحصار، فالمصالحة ليست وشيكة بسبب تعنت السعودية والإمارات.
ولم يفد الحصار السعودية بشيء، فبدلاً من تهديد استقرار الدوحة، صارت الدولة القطرية قوة اقتصادية في المنطقة يحسب حسابها، وذلك بفضل إداراتها ظروف الحصار باقتدار كبير. على المستوى الإقليمي، يرى العالم الرياض أنها بمثابة النظام العربي الرئيسي الذي يسعى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن عليها أن تدرك أنه بدون موافقة الفلسطينيين على خطة سلام، فإن جهودها – أي الرياض - ستسمح فقط لإسرائيل باختراق السوق السعودي، بينما سيستمر الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني في تهديد السلام في جميع أنحاء المنطقة، من عمان إلى بيروت إلى القاهرة.
copy short url   نسخ
17/02/2019
1342