+ A
A -
أكد المحلل السياسي اليمني د. ياسين التميمي، أن الدوحة تعتبر خير سند لليمنيين، وأن الدور المميز لدولة قطر في دعم اليمنيين يعبر عن مسؤولية أخلاقية عالية تجاه الشعب اليمني.
وشدد د. التميمي، خلال حوار مع الوطن، على أن الرياض وأبوظبي تعملان على تقسيم اليمن، محملاً التحالف السعودي الإماراتي مسؤولية جرائم حرب اليمن.
ونبه التميمي إلى أن السلطة الشرعية في اليمن باتت آخر أولويات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، حيث تتعرض اليمن منذ نحو عامين لاستهداف مباشر من قبل تحالف الرياض- أبوظبي، الأمر الذي أظهر نوايا التحالف الخطيرة للاستحواذ على أجزاء من اليمن خصوصاً في محافظتي أرخبيل سقطرى والمهرة، إلى جانب التجريف المستمر لنفوذ الدولة وتعطيل مرافقها السيادية ووقف الاستثمار في مواردها الطبيعية.
وقال التميمي «إن الساحة اليمنية باتت ساحة سهلة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، والحرب تجري فيها بشكل ينم عن استهتار الجميع بالمآلات السيئة التي وصل إليها حال اليمنيين على كافة المستويات».. وإلى نص الحوار:
} كيف تنظرون للمشهد اليمني بشكل عام؟
- المشهد اليمني في هذه الأثناء يتجه نحو المزيد من التعقيد الذي يجعل الحل السياسي بعيداً نوعاً ما، في ظل فشل الحرب حتى هذه اللحظة في تحجيم نفوذ القوة الانقلابية المهيمنة في صنعاء والتي يمثلها الحوثيون بعد مقتل صالح وخروج حزبه من المعادلة السياسية والتأثير في شمال البلاد. الحرب هي نفسها لم تعد لها أهداف واضحة كما كانت في بدايتها، فالسلطة الشرعية باتت آخر أولويات التحالف، وتتعرض منذ نحو عامين لاستهداف مباشر من قبل تحالف الرياض- أبوظبي، الذي أظهر نوايا خطيرة للاستحواذ على أجزاء من البلاد، خصوصاً في محافظتي أرخبيل سقطرى والمهرة، إلى جانب التجريف المستمر لنفوذ الدولة وتعطيل مرافقها السيادية ووقف الاستثمار في مواردها الطبيعية.
الساحة اليمنية في هذه الأثناء باتت ساحة سهلة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، والحرب تجري فيها بشكل ينم عن استهتار الجميع بالمآلات السيئة التي وصل إليها حال اليمنيين على جميع المستويات.
} ما المطلوب من الأطراف اليمنية المختلفة لحل الأزمة؟
- الأمر واضح للغاية.. على الأطراف اليمنية أن تحتكم لمرجعية حل الأزمة والحرب في هذا البلد وأن تفي بتعهداتها تجاه هذه المرجعيات، وللأسف لا يجري التقيد بهذه المرجعيات، ليس فقط من جانب أحد طرفي الصراع الذي يسيطر على صنعاء وإنما أيضاً من جانب المجتمع الدولي الذي لا يرغب على ما يبدو في تنفيذ قراراته، وقد دخل على الخط تحالف مساندة الشرعية كما يدعي، والذي بات أكثر حرصاً على التحرر من تلك المرجعيات التي تضمن في الأصل عودة السلطة الشرعية وعودة اليمنيين معها إلى خط الانتقال السياسي السلمي وصولاً إلى الدولة التي توافق عليها اليمنيون في مخرجات الحوار الوطني.
} هل تعتقد أن التحالف العربي يبحث عن حل سياسي بعد فشله الذريع في عاصفة الحزم؟
- لا أعتقد ذلك أبداً، الحل السياسي، من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويحقق مصالح اليمن، فيما التحالف لا يرى أن من صالحه هذا الحل لأنه يريد أن يصل إلى نتائج تتفق مع أولوياته الجيوسياسية ومخططاته في إضعاف الدولة اليمنية وتفكيكها وتشطير الجغرافيا اليمنية مجدداً، وقبل هذا وذاك ضمان نجاح الثورة المضادة التي لا يمكن أن يتم إلا إذا تم تغييب الدولة اليمنية وهدم حواملها السياسية وتقويض مكتسبات ثورة فبراير بأي ثمن كان، لذا نرى التحالف للأسف يتعمد إغراق البلاد في الفوضى والاستثمار في تغذية التجاذبات وانقسام المجتمع على أساس جهوي وطائفي، والعمل على بناء تشكيلات عسكرية خارج سيطرة الدولة واحدة من الأنشطة الموكلة إليها هي كسر إرادة المجتمع وفرض مصالحها وأولوياتها، لذا تسلك خط الفوضى والعنف لتحقيق مهمتها تلك.
} كيف تنظرون لاستمرار عمليات التحالف العسكرية في ظل الوضع الإنساني المتأزم؟
- هناك بالطبع علاقة طردية بين العمليات العسكرية وبين تفاقم الحالة الإنسانية، لكن بقاء الأزمة اليمنية على ما هي عليه سيسهم بالتأكيد في استمرار الحالة الإنسانية المتردية التي نراها اليوم، الحرب تكاد تكون متوقفة في معظم الجبهات الرئيسية، وهناك جهود تبذل لتخفيف الحالة الإنسانية، ولكن ذلك يصطدم مع بقاء الممارسات الإجرامية التي تستهدف تعطيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها ومصادرة هذه المساعدات وإعادة توظيفها لخدمة المجهود الحربي، وهذا بالتحديد يرتبط بالحوثيين.. التحالف عمد من جهته إلى تعطيل المرافق السيادية للدولة اليمنية في المناطق المحررة، وكان يفترض أن تتحول موانئ المخا وعدن والمكلا إلى منافذ بديلة تضمن وصول المساعدات إلى اليمنيين، ولكن ذلك لم يحدث، في ظل توجه عالمي لإبقاء الحديدة هي المنفذ الرئيس لإيصال هذه المساعدات.
} كيف تقرؤون حوادث الاغتيالات المتكررة التي تشهدها اليمن؟
- هذه الحوادث للأسف الشديد ارتبطت بمدينتي عدن وتعز، وهي جزء من مخطط خبيث تديره الإمارات ويندرج تحت بند الثورة المضادة، أدوات هذا المخطط انكشفت على المستوى العالمي؛ فقد استعانت المخابرات الإماراتية بمرتزقة من قوات النخبة الإسرائيلية والأميركية للقيام بعمليات اغتيالات بعضها نجح وبعضها فشل ولاتزال مستمرة بواسطة أدوات قتل محلية دربتها الإمارات لهذا الغرض، وكان نصيب تعز ومقاومتها وجيشها كبيراً من مخطط الاغتيالات هذا، الذي طال نحو مائتي شخص من الجيش والمقاومة، وذلك عبر عناصر إرهابية مسلحة مدعومة من الإمارات. وهذه الاغتيالات هي جزء يسير من مخطط يهدف إلى تجريف القوى الحية من المجتمع وخلق بيئة سياسية مواتية للمشروع الإماراتي الهادف إلى فرض النفوذ على المناطق الجنوبية من البلاد وعلى الموانئ الرئيسة.
} ما تعليقكم على الأطماع الإماراتية للاستيلاء على جزيرة سقطرى؟
- هناك مطامع إماراتية واضحة للاستيلاء على أرخبيل سقطرى، وقد اضطرت معها الحكومة إلى خوض مواجهة دبلوماسية مع أبوظبي في أروقة الأمم المتحدة، لكن أبوظبي لاتزال مستمرة في مخطط الاستحواذ على الأرخبيل عبر سلسلة من التدابير تشمل التجنيس وتجريف السكان وإغراء الشباب على الالتحاق بوظائف وهمية في أبوظبي، وتشجيع حالة الانفلات داخل المحافظة، والإمساك بالمرافق الخدمية ومصادرتها، والقيام بحملة شراء أراضٍ، وكل ذلك يصب في خانة الاستحواذ على الأرخبيل الذي يقابل بمقاومة شرسة من معظم السكان.
} ما انعكاسات الأزمة الخليجية على الوضع باليمن؟
- انعكاسات الأزمة كانت كبيرة على الوضع في اليمن، فقد أدت هذه الأزمة إلى خروج دولة مهمة مثل قطر كانت تساهم في مهمة التحالف عندما كانت تلك المهمة تتجه نحو استعادة الشرعية وإنهاء الفوضى في البلاد، والدعم الإغاثي القطري يساهم بشكل فعال في الاستجابة لحاجة الناس في مناطق الحرب الأساسية. وقد تعمدت ميليشيات محسوبة على الإمارات في منع وصول المساعدات القطرية إلى مستحقيها ورفض استقبالها في الموانئ التي تقع تحت النفوذ الإماراتي، كما أن المحاولات الوقحة لإنهاء من الوجود وفقاً لما كان يخطط له محمد بن زايد ومحمد بن سلمان وبضوء أخضر من ترامب، كشف للعيان خطورة المخطط الذي يسعى إلى تنفيذه هذان السياسيان السيئان، ومن أهدافه خلق واقع إقليمي جديد أساسه التحالف مع العدو التاريخي للأمة والتصادم مع ثوابت هذه الأمة ومحدداتها الدينية والثقافية والأخلاقية، وهي محاولات مدفوعة بمخاوف الرياض من تفاقم الأثر الخطير لصورتها الملطخة بالإرهاب والتشدد في نظر المجتمع الدولي، لذا سعت إلى تقديم كبش فداء بالطريقة الغبية جداً التي رأيناها.
} كيف تعلق على الدور القطري تجاه اليمن؟
- الدور القطري كان ولايزال إيجابياً حتى هذه اللحظة، على الرغم من المواقف السلبية للغاية التي تبنتها الحكومة اليمنية بإيعاز من الرياض؛ فلاتزال قطر ملتزمة بموقفها الإيجابي من السلطة الشرعية وهو جزء من الموقف الدولي ككل، ويعبر عن مسؤولية أخلاقية عالية تجاه الشعب اليمني، بالطبع قطر أكثر مرونة من غيرها في التعاطي مع الأطراف اليمنية المختلفة.
} هناك تقرير لفريق خبراء لجنة العقوبات التابع للأمم المتحدة كشف بأن الإمارات قامت بتمويل شراء معدات للطائرات الحوثية المسيرة من إيران.. كيف تقرأ هذا الأمر؟
- هذا الأمر ليس جديداً وإن كانت الأمر لا يبدو كما لو كانت الحكومة الإماراتية تتعمد ذلك، ولكن ذلك يحدث عبر البنوك الإماراتية التي توفر اعتمادات لشركات إيرانية تتخذ من الإمارات مقراً لها وتنشط بشكل خاص في تهريب الأسلحة النوعية للحوثيين.
ومن المعروف أن الإمارات تكرس نفسها كدولة بوليسية قمعية، وقد تورطت مخابراتها في التجسس على هواتف مسؤولين في المنطقة، وتفرض طوقاً أمنياً خانقاً على شعبها، فكيف لا تستطيع أن تتحقق من الدور المشبوه لتلك الشركات، إن لم يكن ذلك جزءاً من التخادم القائم بين الإمارات وإيران، والأسوأ من ذلك أن الإمارات لا يبدو أنها حريصة على إلحاق الهزيمة بالحوثيين، بل التعاطي معهم سياسياً.حوار- أمين بركة
copy short url   نسخ
23/03/2019
985