+ A
A -
حسين عطوي كاتب لبناني
أحدثت عملية الشهيد المقاوم العربي الفلسطيني بكر أبوليلى، في سلفيت بالضفة الغربية المحتلة، ما يشبه الزلزال في داخل الكيان الصهيوني، في حين استنهضت الشارع العربي في فلسطين المحتلة في الوطن العربي...
فالعملية الناجحة عسكرياً وأمنياً عكست قدرة وشجاعة وجرأة الشهيد الشاب عمر أبوليلى في تنفيذ هجوم فدائي معقد ومركب ضد جنود الاحتلال والمستوطنين أدى إلى مقتل جنديين وحاخام وجرح آخرين، وسط ذهول وصدمة جيش الاحتلال والمستوطنين الذين لم يتوقعوا أن ينجح شاب مسلح بسكين في اقتحام موقع للجنود الصهاينة فيطعن أحدهم ويستولي على سلاحه المتطور ويطلق النار على جندي آخر ويقتله ثم يستولي على سيارة ويقودها ويطلق منها النار على تجمع للجنود فيصيب عدداً منهم ثم يستمر ويصادف مستوطنين فيطلق النار عليهم ويقتل حاخاما ويجرح آخرين وبعد ذلك يترك السيارة ويلوذ بالفرار من المنطقة ويقوم الاحتلال بإرسال قوة من الوحدات الخاصة لملاحقته وتستمر في ذلك لمدة يومين إلى أن تعرف مكانه في إحدى القرى قرب مدينة رام الله، لكن المقاوم عمر أبوليلى رفض الاستسلام وقرر خوض معركته الأخيرة مع جنود الاحتلال إلى أن استشهد، لكن قبل ذلك هب شبان القرية لحماية المقاوم البطل وتصدوا للقوة الصهيونية ما عكس حجم الالتفاف الشعبي والدعم الذي يحظى به المقاومون للاحتلال.. لقد نجح الشهيد في إظهار قدرة منقطعة النظير في القيام بعمليته الفدائية على نحو اضطر المستوطنون الصهاينة إلى الإقرار، على مواقع التواصل الاجتماعي، بشجاعته الفائقة ووصفوه بـ«رامبو».. على أن الطريقة التي نفذت فيها العملية كشفت عن تطور مهم في العمليات الفدائية المسلحة من قبل شبان الانتفاضة المستمرة.. تمثل في مقدرة المقاوم أبوليلى على تنفيذ هجومه في منطقة استيطانية مراقبة أمنياً وفيها حواجز عسكرية ثابتة ومتنقلة، وبعد ذلك ينجح في الهروب، ولم يكن من الممكن اكتشاف مكانه من قبل قوات الاحتلال لولا التعاون الأمني الذي حظيت به من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى التنويه بهذا التعاون..
كما أن العملية أظهرت نجاحاً أمنياً مهماً.. تجسد في تحرك المقاوم أبوليلى نحو الموقع العسكري وتجاوز كل الرقابة الأمنية والعسكرية في المنطقة، وهو ما دفع أحد الخبراء العسكريين إلى وصف العملية بالمعقدة أمنياً، وما زاد في تعقيدها نجاح المقاوم في الهروب على الرغم من أن ذلك ليس سهلا، لأنه لا يسمح في هذه المنطقة لأي كان السير على قدميه، في حين أن العمال يحصلون على تصاريح للسماح لهم في العبور إلى المستوطنات في سيارات، أما المستوطنون فإنهم يخرجون ويدخلون من طريق خلفي خاص بهم.. لقد دللت العملية من جديد بأن عمليات شبان الانتفاضة مستمرة ولم تتوقف، وإن كانت متقطعة، ما يعني أن هناك استمرارية في عمليات الانتفاضة المسلحة إلى جانب الانتفاضة الشعبية المعبر عنها في مسيرات العودة في قطاع غزة، وفي الهبات الشعبية، في الضفة الغربية والقدس المحتلة، دفاعا عن عروبة الأرض والمقدسات من التهويد..
وكشفت هشاشة جيش الاحتلال وأنه أوهن من بيت العنكبوت حيث نجح المقاوم أبوليلى في توجيه صفعة قوية إلى هيبة الجيش الإسرائيلي الذي يعاني أصلا من تراجع في معنوياته وفقدان الإيمان بالقدرة على القتال البري في مواجهة المقاومين.. فأظهرت العملية الحالة المعنوية المنهارة لدى جنود العدو وحجم جبنهم، حيث اعترفت وسائل الإعلام الصهيونية بأن الجنود فروا من مواجهة المقاوم الفلسطيني، الأمر الذي يذكر بمشاهد انهيار معنويات جنود النخبة في جيش الاحتلال خلال المواجهات مع المقاومين في مارون الرأس وبنت جبيل خلال العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006.. هذا الضعف المتزايد في الروح القتالية للجيش الإسرائيلي أحدث المزيد من القلق والخوف لدى المستوطنين على أمنهم، أن جيشهم غير قادر على حمايتهم، وإن إجراءات الأمن المتخذة فشلت في منع الهجمات الفدائية التي تستهدفهم..
ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى ارتباك قادة العدو نتيجة العجز الذي يعاني منه جيشهم، وأجهزتهم الأمنية، في مواجهة عمليات شبان الانتفاضة وعدم القدرة على منع أو تجنب حصولها.. لاسيما وأن العملية كانت قاسية ووجهت صفعة قوية لكل خططهم العسكرية والأمنية.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
23/03/2019
772