+ A
A -
سليمان قبيلات كاتب أردني
المجرم الأسترالي، وضع النقاط على الحروف في لحظة وعي صارخة: على المهاجرين وإن كانوا مجنسين في الغرب أن يغادروا الآن.. الآن وليس غداً. فالبلدان الغربية يجب أن تكون نظيفة ديموغرافياً وعنصرياً من أي مهاجرين عرب أو مسلمين. هذا الغرب الذي اشتغل على أسطرة صورته في الوعي العالمي، يعرف تمام المعرفة أن تجلي العنف والإرهاب سيكون حتماً واحداً من الانعكاسات التي سيشهدها العالم وخصوصاً الغربية منها.
هذه نتائج أبحاث غربية توصلت إليها غالبية مراكز الأبحاث الغربية التي تنشط وتمول بسخاء من جانب مراكز النفوذ التي تمسك بالسلطة في الغرب، لكن هذه النتيجة على ما فيها من وحشية لا تهم كثيراً لدى وضع السياسات وتنفيذها، فالعالم محض سوق لدى الحكومات الغربية، ولا بأس وإن مورس الإرهاب ضد المهاجرين الذين أسهموا كثيراً في تدعيم حضارة الغرب.
هم يتخذون خلاصات هذه الأبحاث ليصيغوا سياسات تناسب أوضاع مستعمراتهم السابقة.. هذه البلدان التي نهبوها طيلة قرون باسم نشر الحضارة والمدنية لا يمكن لها أن تغادر مربع التبعية، سواء كان ذلك بالهيمنة المباشرة عبر شركات السلاح أو الاستخبارات أو تنصيب الفاسدين والجواسيس وبثهم في أركان الأنظمة السياسية في المستعمرات السابقة.
القاتل الأسترالي اختصر مسافات طويلة كما ترامب وإسرائيل، في توضيح الأسباب الحقيقية للمجزرة، التي رآها المجرم مقدمة، فيما تقوم سياسة الولايات المتحدة والغرب عموماً على هذا الفهم أساساً، وإن بشكل موارب تقتضيه اللحظة التاريخية. لكن ترامب ومعه خلطة من السياسيين الواضحين عبروا بكل صفاقة عن توجههم إلى إلغاء صفة الاحتلال عن الجولان السوري المحتل، كما القدس تماما وبقية ارض فلسطين التي صارت إسرائيل بجرة قلم!
ترى هل هناك ما يفوق هذا الإرهاب في التاريخ كله؟!
بالطبع، سيقول أنصار التفاوض مع المحتل، إن هذا منطق عدمي ولا يفضي إلا إلى مزيد من الحروب والخسائر، لكن من قال أو ادعى، أن الاحتلال يزول بالتفاوض، وإن ناهب الثروة سيكف عن اعتبار بلداننا مزرعة خلفية لشركاته ونفوذها الربحي، في النفط وبقية الثروات التي يعتبرها الغرب ملكاً له جادت بها الطبيعة في جغرافيا بعيدة يجب تطويعها بشتى السبل والسياسات.
السياسات الغربية كانت على الدوام إرهابية مع التابعين والخصوم على حد سواء، والفهم الانتقامي للتاريخ لا كان دائماً في محور العقل الغربي الذي أسس لوعي نهل منه المجرم الأسترالي، الذي قال بملء الفم: أهلاً بكم مهاجرين إلى الجحيم، هو المنطق ذاته الذي يطبقه ترامب وحكومته، حيال المهاجرين غير البيض.
هو ترامب الملهم الأوضح للعنصرية البيضاء أو ما يسمى القومية البيضاء التي يشي تحت مصطلحها إلى أي منزلق بلغ الغرب في انحطاطه العنصري، فيما نحن نردد بلا كلل مفاهيمه عن الدولة والديمقراطية والمجتمع الدولي والقانون الدولي الذي لا يعني إلا هيمنة حفنة من الدول الغربية التي تعتبر العالم قريتها الصغيرة فوجبت عليها الطاعة والخضوع، وإلا فان التحطيم والتشظية هي ما ينتظر الرافضين لهيمنة الغرب وإرهابه.
الإرهاب الذي ضرب مسلمي نيوزيلندا، مقدمة تقول إن المهاجرين الفارين من بلدانهم اختياراً أو قسراً مصيرهم معلق بمدى ذهاب النخب العنصرية الغربية المجرمة في مسلسل الانتقام المرتبطة أساساً بصراع الحضارات كمفهوم غربي الصناعة والنشأة.
copy short url   نسخ
23/03/2019
519