+ A
A -
موضي البوعينين
على الرغم من الجهود الرامية لتحقيق السلام، وتحريم الحرب وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، يظل النزاع المسلح وما يرافقه من ويلات، ومعاناة، حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، وارتباطاً بمبادئ الدين والأخلاق لحماية النفس البشرية من الهلاك وجدت المساعدات الإنسانية طريقها في مبادئ القانون الدولي التقليدي والتي تطورت بناء على قواعد تم تضمينها في إطار القانون الدولي الإنساني لإغاثة المدنيين المتأثرين بالنزاع المسلح، وطبقاً لاتفاقيات جنيف الأربع، التي وضعت تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر، باعتبارها الجهة المعنية بحماية ضحايا النزاعات المسلحة، فإن ممارسة حق تقديم المساعدات الإنسانية والذي يرتكز على مبادئ : الحياد والحماية وعدم التمييز، لم يمنع المآسي الإنسانية جراء التدخل العسكري لاعتبارات إنسانية، وواقع الأمر اساءت بعض الدول المتدخلة استخدام هذا الحق لتحقيق اجندات سياسية خاصة فاقمت من المشكلة بدل حلها، وبالتحريض على النزاع بدلاً من إيقافه، وهو ما جلب فكرة الدبلوماسية الإنسانية الذي تقدم به الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر لإقناع قادة الرأي وصانعي القرار بالعمل في جميع الأوقات لصالح الأشخاص الضعفاء والاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية من خلال الاتصال والمفاوضات وغيرها من الأدوات المتاحة والتدابير الدبلوماسية الملائمة، فتعد الدبلوماسية الإنسانية امتداداً للدبلوماسية التقليدية، ويمكن النظر اليها باعتبارها إحدى أدوات القوة الناعمة، التي تهدف الى حماية حقوق الإنسان والعمل على احترام ونشر القانون الدولي الإنساني بما يعزز السلم والامن الدوليين، وعليه فقد أصبحت الدبلوماسية الإنسانية مسؤولية ونهجا لا غنى عنه في اطار الحركة الدولية للوصول وفي اقرب وقت ممكن الى المنكوبين والمحتاجين وهو الأمر الذي يحتاج الى المزيد من مضاعفة فرص الوصول الى صانعي القرار وأصحاب الرأي للتحاور معهم في هذا الشأن من أجل ضمان حيز إنساني أوسع. وقد اكتسبت قطر مكانة إقليمية ودولية من خلال مواقفها الدبلوماسية والإنسانية، حيث ساهمت في تقديم العديد من المعونات والمساعدات المالية للدول النامية إضافة الى مساهماتها في صناديق التنمية الإقليمية والدولية المختلفة، كإعمار دارفور برأس مال قدره ملياري دولار، على هامش مؤتمر المانحين لإعمار وتنمية دار فور، وسعت بالتعاون مع المؤسسات الإغاثية كجمعية قطر الخيرية ومؤسسة أيادي الخير نحو آسيا وغيرهم من المؤسسات والجمعيات القطرية الى تقديم مساعدات للتخفيف من الآلام التي يعانيها الضعفاء، كما يعكس شعار الدور الفاعل الذي يضطلع به الهلال الأحمر القطري بالتزامه الراسخ تجاه الآلاف من الفقراء واللاجئين والنازحين في مختلف المناطق المنكوبة بالكوارث الطبيعية او النزاعات المسلحة ما يمكنهم من تحمل الظروف المعيشية الصعبة، في كل من لبنان وتركيا واليمن وسوريا والأردن وأفغانستان وطاجاكستان وقرغيزستان وبنجلاديش، تتنوع هذه البرامج ما بين الايواء والتدفئة والامن الغذائي والمواد غير الغذائية مثل البطانيات والفرش والملابس الشتوية. وعليه تؤكد قطر على تأكيد المبادئ الدولية والقيم الأخلاقية مع احترام حقوق الانسان بتعزيز مكانة ودور الأمم المتحدة باعتبارها المحفل العالمي الذي يمثل ميثاقها الشرعية الدولية التي تحكم سلوك الدول.
{ أكاديمية وباحثة قطرية في الشؤون الدولية
copy short url   نسخ
26/03/2019
4094