+ A
A -
عواصم- عماد فواز – زينب بومديان- خديجة الورضي- خديجة بركاس- نادية وردي
بعد أيام قليلة من انتهاء اجتماعات الدورة الـ140 من الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في الدوحة، الأربعاء الماضي، استقبلت الدوحة، المؤتمر الدولي حول «الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي»،، وأكد حقوقيون وقانونيون عرب وأوروبيون لـ الوطن أن استضافة الدوحة لهذا المؤتمر الدولي الأول من نوعه في المنطقة، بمشاركة أكثر من 250 من ممثلي الدول، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، إلى جانب رؤساء وخبراء لجان التحقيق الدولية، والمقررين الخواص المعنيين، ورؤساء اللجان التعاقدية في الأمم المتحدة، وخبراء وقضاة المحاكم الدولية المتخصصة، والمحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى الخبراء والمحامين الذين تقدموا بقضايا أمام المحاكم الوطنية التي تعمل بالاختصاص العالمي، يؤكد أهمية قطر على المستوى الدولي، لا سيما أن المؤتمر سبقته فعالية دولية حضرها أكثر من 80 رئيس برلمان، وأكثر من 2000 برلماني يمثلون الاتحاد البرلماني الدولي، وهو ما يؤكد انفتاح قطر عالمياً وعزلة دول الحصار، ودحض جميع ادعاءات الخصوم وكشف أمام العالم الأباطيل التي روجت ضد الدوحة منذ اندلاع أزمة الخليج في يونيو 2017.
قال ياسين محمدي، الأمين العام المساعد لجمعية «دعم» لحقوق الإنسان بالرباط لـ الوطن: إن مؤتمر «منع الإفلات من العقاب» الذي عقد في الدوحة بحضور 250 من ممثلي الدول، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، إلى جانب رؤساء وخبراء لجان التحقيق الدولية، والمقررين الخواص المعنيين، ورؤساء اللجان التعاقدية في الأمم المتحدة، وخبراء وقضاة المحاكم الدولية المتخصصة، والمحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى الخبراء والمحامين الذين تقدموا بقضايا أمام المحاكم الوطنية التي تعمل بالاختصاص العالمي، وممثلي العديد من الوكالات الدولية المتخصصة، والآليات الإقليمية لحقوق الإنسان، ورؤساء اللجان في البرلمان الأوروبي، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومراكز البحوث، والعديد من الهيئات والمنظمات المعنية للمشاركة، حدث عالمي يعقد لأول مرة في المنطقة العربية، لتعزيز مبدأ حماية الضحايا المتزايدة أعدادهم في المنطقة والعالم، وعدم الإفلات من العقاب، وإنصاف الضحايا، في إطار ما تنص عليه المواثيق الإقليمية والدولية، إلى جانب بحث آليات تطبيق هذه المبادئ من خلال تبادل الخبرات الخاصة بالآليات الدولية والإقليمية والوطنية، وتحقق ذلك من الدوحة - الرئيس الحالي للاجتماع منذ سبتمبر الماضي- يحمل معاني مهمة إقليميا ودوليا.
وأضاف إبراهيم أبوطالب، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن اجتماع برلمانيي العالم في الدوحة في الفترة من 6 -10 أبريل كان حدثاً مهماً تابعه ملايين المهتمين حول العالم، لا سيما أنه خرج بتوصيات مهمة لموضوع أهم وهو التعليم والتنمية، ليأتي الاجتماع الحالي لحقوقيي العالم في الدوحة من أجل بحث «منع الإفلات من العقاب» ليفتح قضية باتت مهمة للغاية بالنسبة للشعوب العربية المقهور أغلبها، ويناقش سبل إنصافهم وحمايتهم وضمان حقوقهم، ويجعل لمعاناتهم ثمنا ولدمائهم قدسية، ويبحث سبل ردع من تسول له نفسه انتهاك حقهم في الحياة والأمان والتنقل، بعد سنوات من التراخي دفع الآلاف ثمنها غاليا.
اهتمام دولي
وأشار بابلو ريكي، أمين عام منظمة «موندو برفكتو» لحقوق الإنسان وعضو الاتحاد الوطني الإسباني لحقوق الإنسان بمدريد، إلى أن التوصيات التي أقرها برلمانيو العالم في ختام اجتماعهم أيام 6 -10 أبريل في الدوحة خلال فعاليات الدورة الأربعين بعد المائة للاتحاد البرلماني الدولي، تحت عنوان «البرلمانات كمنابر لتعزيز التعليم من أجل الأمن والسلام وسيادة القانون»، ركزت على موضوع مهم للغاية في ما يخص العمل الدولي لإرساء وتعميم تعليم عالٍ ذي جودة، وسد الثغرات في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وتقديم المساعدات للدول ومنها الدول الإفريقية، وهي من أهم بيانات الاتحاد في تاريخه تقريبا، كونه مس لب قضية مهمة للغاية، لتستضيف الدوحة بعدها بأيام ومازالت أصداء قرارات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي تدوي في العالم، اجتماع حقوقيي العالم لمناقشة موضوع لا يقل أهمية عن التعليم، وهو مكافحة الإفلات من العقاب، وهو موضوع مهم للغاية بالنسبة لنا وللإنسانية.
وأضاف ألخاندرو دي لوسيا، الناشط الحقوقي وأستاذ القانون الجنائي بجامعة «برشلونة»، أن المؤتمرات والندوات والفعاليات الدولية المهمة التي يتسارع المجتمع الدولي والمنظمات الأممية لعقدها من أجل مواجهة الآفات المهددة للمجتمعات باتت تشغل الرأي العام الدولي، وقد حرصت الدوحة وحرص المتفاعلين الدوليين على الالتئام في قطر اعترافاً بدورها الإقليمي، والجهود القطرية المبذولة في مجال دعم المحتاجين ومكافحة الإرهاب، وكذلك تقديرا للدور القطري الرافض للظلم والعدوان والحصار الجائر الذي تعرض له الشعب منذ اندلاع أزمة الخليج في الخامس من يونيو عام 2017، لتصبح الدوحة بعد عامين من الحصار ومحاولات عزلها عاصمة المؤتمرات والتجمعات الدولية عن جدارة، في الوقت الذي أضحت فيه دول الحصار معزولة دبلوماسياً ودولياً، وزادت هي نفسها من عزلتها بمقاطعة هذه المناسبات الدولية المهمة التي يصاغ خلالها مستقبل الشعوب.
حدث قانوني مهم
وأوضح رودير كوليتز، أستاذ القانون الدولي بجامعة «هايدلبرغ» الألمانية، أن المؤتمر الدولي حول «الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي»،، حدث قانوني حقوقي دولي مهم في دعم وتعزيز مبدأ ملاحقة المجرمين وعدم الإفلات من العقاب عن طريق تطوير آليات المحاسبة والمساءلة وتحديد مسؤوليات الأفراد والجماعات، للتصدي لظاهرة تمادي المسؤولين وخاصة في المنطقة العربية في انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وقطر من أكثر الدول العربية احتراما لحقوق الإنسان، وأشاد بذلك المجتمع الدولي، كما بذلت حكومة الدوحة جهودا كبيرة لإعلاء قيم الإنسانية، لذلك فإن هذا الحدث مهم بالنسبة للمهتمين لحقوق الإنسان حول العالم والذين أحبطهم تقاعس المنظمات الأممية عن مواجهة المجرمين الذين سفكوا دماء الآلاف في اليمن وليبيا ومصر وسوريا، ومارسوا ضد مواطنيهم جرائم تقشعر لها الأبدان مثل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول شهر أكتوبر الماضي، ومازال المجرمون في أمان وبعيدا عن الملاحقة القانونية والثأر لهؤلاء الضحايا، وهذه هي الإشكالية الكبرى.
يتفق معه، تيل كينسكي، أستاذ القانون الدولي بجامعة برلين، مضيفا، أن العالم لا يحتاج إلى قوانين أو قرارات إضافية لتحقيق العدالة وملاحقة المجرمين وخاصة كبار المسؤولين في العديد من الدول، إنما يحتاج إلى آليات ناجعة ومساطر قانونية مُنصفة تساعد المنظمات الأممية المعنية على ملاحقة المجرمين وتضمن عدم إفلاتهم بأي شكل من الأشكال من العقاب، كما ستمثل رادعا لهم ومنقذا للمواطنين من آلة البطش، ومن الجيد أن يبحث المعنيون بالأمر هذه الإشكالية في الدوحة عاصمة السلام والمؤتمرات، ودولة الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب ومساعدة المحتاجين، وأيضا بالقرب من ملايين العرب الذين عانوا من تباطؤ العدالة في مواجهة التسلط والتنكيل بهم.
قبلة العدالة والسلام
وأوضح، ديث موستاكي، مدير حملة «السلام والحياة» المناهضة للحروب والنزاعات حول العالم، أن حالة اليأس والإحباط التي انتابت الشعوب إزاء تنامي ظاهرة الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان جعلت من المؤتمر الدولي حول «الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي»، حدثا دوليا مهما، يُكمّل المؤتمر الدولي لبرلمانات العالم وما نتج عنه من قرارات وتوصيات، ويعيد الأمل للشعوب وللحقوقيين حول العالم، حيث نتطلع لآليات حقيقية تساعدنا في ملاحقة المجرمين الذين نكلوا بالشعوب، في اليمن أكثر من 10 آلاف قتيل، وآلاف المختفين قسرا والمعذبين في السجون والمعتقلات السرية والمهجرين، الآلاف في ليبيا تعرضوا للقهر والظلم، وفي سوريا ومصر، هؤلاء يحتاجون للإنصاف، يحتاجون لمساندة العالم لهم، لذلك فإن أنظارهم بالتأكيد تتجه صوب الدوحة، قبلة العدالة والحقوق والسلام، الدولة التي حرض ضدها المحرضون، واضطهدوا شعبها، ومنعوهم من حقهم في السفر والعبادة ولم الشمل، قطر التي ألصقوا بها الاتهامات على كل شكل ولون، تحتضن المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، ليناصروا المستضعفين والمعذبين، في حين غاب المنتهكون، وهرب المجرمون، وهم بالتأكيد الآن يتحسسون رؤوسهم.
وأثنى، جين بيير ليفيت، المحامي والناشط الحقوقي الفرنسي، على جهود الدوحة المستمرة لمساندة الحق، ودعم المبادئ الإنسانية الثابتة، ونصرة المظلومين في المنطقة العربية وحول العالم، من خلال برامج الإغاثة المستمرة منذ عقود، والفعاليات والاقتراحات والتداخلات المؤثرة في مصير الشعوب، ومازالت الجهود مستمرة، والدعم مبذول، يشهد عليه آلاف الحقوقيين حول العالم، ويلمسون عن قرب هذا الدور المؤثر في مسار العدالة الدولية.
جرائم لا تموت
ورحب باتريك راسل، عضو مكتب منظمة «هيومن رايتس ووتش» لحقوق الإنسان في لندن، أن اجتماع حقوقيي العالم في الدوحة فرصة مهمة لفعل ما عجز عنه السياسيون، من أجل التوصل إلى إجراءات حاسمة للتحقيق المستقل في جرائم اليمن تحديدا، تلك الجرائم التي جعلت اليمن بحسب وصف الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية، الجرائم الوحشية التي تذكرنا بجرائم العصور الوسطى، جرائم لا يمكن أن يفلت مرتكبوها من العقاب، فهي جرائم تمس الإنسانية وتمثل عارا لتاريخنا، ومن ثم فإن مؤتمر الدوحة الذي عقد في الدولة التي لم تسلم من جرائم التسلط وانتهاك حقوق الآخرين مناسبة دولية مهمة للتأكيد على أن العدالة ولو كانت بطيئة فهي ليست غائبة، وأن العدل قادم لا محالة، والمدافعين عن حقوق الإنسان لا ييأسوا، والقصاص قادم لا محالة.
وأكدت اجاثا إلتون، عضوة لجنة حماية الصحفيين الدوليين، أن جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي التي مازال التحقيق حولها قائما، والجناة معروفون، تنتظر القصاص العادل، مازالت المنظمات الحقوقية واللجان البرلمانية في بريطانيا وأوروبا تتسابق للضغط على المجتمع الدولي من أجل القصاص لهذا الصحفي المعارض الذي قتل غدرا وبطريقة بشعة، وحتما سيتم القصاص مهما طال الزمان كونها جرائم لا تموت، ولا تسقط بالتقادم، وتدمير اليمن جريمة لن تفوت وشاهدنا على مر التاريخ طغاة مثلوا أمام العدالة بعد السلطة والمجد ومحاولات الإفلات، وبالتأكيد المعنيون حول العالم لن ييأسوا، وحراس العدالة سيواصلون طريقهم، واجتماع الدوحة جاء لرسم علامات الطريق القادم نحو تحقيق العدالة والقصاص من الطغاة لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم.
copy short url   نسخ
20/04/2019
2843