+ A
A -
بقلم: إيمان راشد فارس كاتبة قصة قصيرة
منذ أن كنا صغاراً علمنا إن الجريمة تستحق العقاب، علمنا إن السرقة نوع من أنواع الجرائم التي يعاقب فاعلها مهما كانت أسبابه ومبرراته للسرقة.
لكنني كبرت والتقيت بأغرب سارقة عرفتها في حياتي..
لا أعلم ماذا أسميها؟
أو كيف أصنفها؟
هل هي سارقة؟
أم إنها مُحطمة؟
أم إنها امرأة متوحشة؟
لا أعلم ماذا ألقبها؟
شابة جميلة جمالاً يعجز اللسان عن وصفه، يظن الناظر إليها إنها استحوذت على كل أنواع الجمال في هذا الكون، فيها جاذبية كأنها مغناطيس سحري يجذب كل من ينظر إليها بطريقة غريبة لكنها لطيفة في نفس الوقت، مرفهة.. مدللة.. ولدت كما يقال وفي فمها ملعقة من ذهب، أوامرها مطاعة وطلباتها تنفذ قبل أن تطلبها، كل من حولها لا يقولون لها إلا سمعاً وطاعة.
لكنها رغم كل هذا كانت لديها هواية غريبة، كانت تهوى السرقة وليست أي سرقة كانت تهوى سرقة القلوب، سارقة بارعة حذقة ماهرة جداً.
تتفنن في سرقة قلوب من حولها كل من تلتقي بهم نساء ورجالاً، أطفالاً وكباراً، تنتزع قلوبهم بلا أدنى رحمة ولا شفقة.
متزينة دائماً تزيد جمالها جمالاً فتأسر لب العقول، كانت تخطف الأنظار أينما حلّت، فيها سحر غريب، مشرقة كشمس صيف دافئ ولامعة كنجمة في سماء ليل ساكن، تعلم إنها جذابة وتتفنن في إظهار هذا الجمال والجاذبية بكل وسيلة ممكنة.
فتاة ليست ككل الفتيات.. كان غذاؤها قلوب البشر.
كل ليلة تخرج في أبهى وأجمل حلّة لها وتعود عندما ينتصف الليل، عندما تدق الساعة معلنة الثانية عشرة عند منتصف الليل، تماماً كسندريلا في الحكاية الخيالية، لكن سندريلا في الحكاية خطفت قلب أمير واحد، وجميلتنا هذه خطفت قلوب العديد من النساء والرجال، تعود لقصرها عندما ينتصف الليل محملة بالعديد من القلوب في حقيبتها الصغيرة لتجمعها في علبة صدفية صغيرة، تسحقها وتصنع منها رماداً، تأخذ منه حفنة قليلة لتذيبها في كأسها الذهبية مع قطرات من المياه العذبة كعذوبة ورقة عينيها وتحتسيها مع ابتسامة ماكرة خبيثة، فهذا الشراب الذي ترتشفه هو إكسير الحياة بالنسبة لها، منه تستمد المزيد من الجمال والتألق، منه تشعر إنها أقوى وأكثر سحراً وجاذبية، تستلذ بعصارة قلوبهم.
كل ليلة هنالك ضحايا لجمالها وسحرها فتاكة.. آسرة.. مبهرة.. يقف المرء أمامها عاجزاً عن التفوه بأي كلمة، على الرغم من امتلاكها لكل شيء وأي شيء تريده إلا إنها مازالت تستهويها السرقة.
من يستطيع معاقبتها؟!
من يستطيع التصدي لجمالها؟!
من يستطيع الوقوف بقوة في مواجهة سحرها؟!
جميع من حاول الوقوف في جبهة الحرب أمامها ألقى بأسلحته عند أول نظرة خاطفة من عينيها..
من أين أتت بهذا السحر؟
من علمها أن تكون بهذه القوة؟
من أين لها هذه الشباك المحكمة؟
حتى ألد أعدائها استطاعت أن تأسر قلبه بنظره.
فتاة غريبة.. لا تغار منها النساء بل على العكس فهن أول ضحاياها.
جمالها فريد من نوعه يعشقه الجميع، ويخاف منه الجميع.
أيتها السارقة الماكرة الصغيرة متى تكتفين من هذه الهواية؟
إلى متى سيظل مفعول هذا السحر الجذاب فيك؟
هل ستظلين تلقين بشباك جاذبيتك على الجميع أم إن هذه الشباك ستصطادك يوماً ما.. وينقلب حينها السحر على الساحر؟!
copy short url   نسخ
23/04/2019
2557