+ A
A -
عواصم- عماد فواز- خديجة الورضي- خديجة بركاس- زينب بومديان- نادية وردي
أكد خبراء عرب وأوروبيون أن منطقة الشرق الأوسط تمر حالياً بمنعطف خطير، وتهددها التهورات السياسية والعسكرية لعدد من الدول الخليجية، ما قد يدخلها في أتون حرب مستعرة لا يستطيع أحد تنبؤ مداها، في هذه الحالة سيكون الخاسر الأكبر في هذه الحرب هي دول إشعال الحرائق في العالم العربي قبل أي أحد آخر، ومفتاح الحل الوحيد لأزمة الخليج الحالية والشرق الأوسط والمنطقة العربية هي «الدبلوماسية» وفنون تجنب الحرب وسلك طرق الحوار والحل الدبلوماسي لجميع الأزمات سواء الأزمة مع إيران أو أزمة اليمن والأزمة الليبية حتى أزمة حصار قطر، مشددين على أن الدبلوماسية هي مفتاح الأمن والسلام وحل النزاعات في الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الحوار هو الحل
وقال الحسن الهاروشي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالحزب الاشتراكي المغربي لـ الوطن، إن الأزمة الراهنة في الخليج حلها الحوار الموسع بين جميع الأطراف، وليس الانتشار العسكري الأميركي ودق طبول الحرب في عدد من دول الخليج والنفخ في نيران الحرب، لأن خيار الحرب مهما كان حجمه ولو مناوشات أو حشدا للردع نتيجته سوف تكون مأساوية على الجميع، ليس دول الخليج أو إيران فقط، بل وأوروبا وأميركا نفسها، الأزمة أكبر من الرؤية التي تروجها الإمارات والسعودية والبحرين، وكان الأولى سلك سبل الحوار والتفاوض والتواصل الدبلوماسي بين دول الخليج وإيران وكذلك واشنطن، لتفكيك هذه الأزمة برمتها، وجعل خيار الانتشار العسكري واستعراض القوة هو الخيار الأخير، ويفضل أن يكون خياراً غير وارد، فلا المنطقة تتحمل هذه الاستعراضات، ولا العالم في حاجة لأزمات وتوترات ولاجئين جدد، الحل السياسي والتواصل الدبلوماسي هو السلاح الوحيد الناجع في هذه الأزمة، ولا سبيل آخر وكل هذه الاستعراضات العسكرية لن تؤدي إلى حل أو نتيجة ملموسة.
وأشار محمد سعدي، أستاذ السياسة والاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أن الدبلوماسية هي مفتاح حل الأزمات السياسية، والسبيل الأنجع لتفكيك الصراعات والخلافات مهما عظمت، ورأينا أزمة حصار قطر كيف أن الدبلوماسية الناجحة للدوحة تمكنت خلال أيام من تفكيك أزمة كادت أن تصل لعدوان عسكري، وقلبت موازين الأزمة بالكامل، وكذلك أزمة أميركا وكندا، وأزمة أميركا وكوريا الشمالية والصين، وأزمة خلاف اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، كلها أزمات وتوترات وتعقيدات سياسية تفككها الدبلوماسية وينهيها الحوار، دون استعراضات عسكرية وانتشار قوات واستعراض أسلحة بحرية وبرية وجوية، المنطقة والعالم لا يتحملون المزيد من الفوضى، التفاوض والحوار هما الحل.
القوة الدبلوماسية
وأضاف روجر ريتشارد، الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية الفرنسية، أن الأزمة المستعرة في الخليج حالياً أخذت شكل حرب وشيكة رغم التأكيدات بعدم التورط في المغامرات العسكرية من جانب كافة الأطراف، حلها دبلوماسي بشرط توقف دول التهور والنفخ في النار عن أساليب التآمر وخلق الحجج والأسباب التآمرية لخلق صراع عسكري في المنطقة، تحت ضغط الهوس الطائفي الذي دمر اليمن دون نتيجة، وخلق أزمات سياسية هنا وهناك دون طائل، انفق فيها مليارات الدولارات، ودمرت المدن ومات العباد وتمزقت الأمة العربية وأصبح الوضع يرثى له، والآن آن الأوان لحل الأزمات بالدبلوماسية والتواصل والحوار، فأوروبا وخاصة فرنسا ليست حمل زيادة في أسعار الوقود في الوقت الذي يقف أصحاب السترات الصفراء في الشوارع محتجين على أسعار الوقود والخزينة الفرنسية تعاني، وهذا حال أغلب دول أوروبا، والآن مصالح الجميع مهددة، والحل تدخل دبلوماسي دولي لحل الأزمة وليس التدخل والانتشار العسكري الأميركي الخليجي.
وأكد صوماويل تورنيه، الدبلوماسي بوزارة الخارجية الفرنسية سابقا، أن القوة الدبلوماسية هي الطريق الأمثل لحل الأزمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والحوار هو السبيل الوحيد في ظل التوترات والصراعات والتعقيدات السياسية والشعبية في العديد من الدول، فالقوة العسكرية لا تحل نزاعا، ولا تفرض استقرارا، ولا تحقق الأمن والأمان، وجربنا هذه السبل في اليمن وفي ليبيا وسوريا، الحل دبلوماسي بحت وعن طريق الحوار والتفاوض وفرض الحلول المنطقية وطرح خيارات ممكنة، هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق صالح المجتمع الدولي وليس العكس، ويجب على جميع الأطراف في الأزمة الحالية النظر لمصالح شعوب منطقة الخليج، ومصالح الغرب التي لن يقبل أحد المساس بها.
مصالح في خطر
وحذر خوان غريكو، عضو البرلمان الأوروبي سابقا، والقيادي في حزب بوديموس، من تداعيات استعراض القوة العسكرية لواشنطن واللعب على أرض الحلفاء بشكل فج الهدف منه الدعاية السياسية واستعراض القوة في مواجهة قوى إقليمية أخرى لأسباب بعيدة تماماً عما هو معلن، من عقوبات اقتصادية وتضييق الخناق بشأن الاتفاق النووي الايراني، الأمور أبعد من ذلك، هناك دوافع أخرى وتطلعات أبعد من التي تسوقها جميع الدول الأطراف في الأزمة الحالية، لذلك فإن اللعبة التي تمارس الآن في الخليج بأدوات أميركية إماراتية سعودية خطيرة، فواشنطن تمارس عملية فرض سيطرة وضغط من أجل السيطرة على الشرق الأوسط وتمهيده لـ«صفقة القرن» الوشيكة، إضافة إلى دور الكثير من الدولارات على الخزينة الأميركية من الخليج، وكل هذه المعطيات معلنة، وهو أمر لا يعني أوروبا والقوى الشرقية ويهدد مصالحها، ونحن في إسبانيا كما هو حال مجموعة الاتحاد الأوروبي نتابع الأمر بقلق شديد، ولن يقبل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بلوغ خط التفاوض والضغط واللعب بعيدا عن الاشتباك العسكري، مهما بلغ مدى الألاعيب الصبيانية لإشعال الحرب.
وشدد خوسيه بلانكو لوبيز، عضو مجموعة التحالف التقدمي الاشتراكي والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، على ضرورة إدراك جميع الأطراف في الخليج وخاصة السعودية والإمارات أن أوروبا عانت كثيرا من التوترات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ودفعت الكثير «سياسياً واقتصادياً وأمنياً» ألاعيب فرض السيطرة والانقلاب على إرادة الجماهير وإشعال الحرائق السياسية والشعبية في العديد من الدول، واليوم يرى الاتحاد الأوروبي أن هذا الهزل السياسي والعسكري يجب أن يتوقف، فالبوابة الجنوبية «دول حوض البحر المتوسط» أصبحت مكشوفة وتمثل تهديداً لأوروبا، والآن أصبحت أكثر توتراً وتهديدا لأوروبا، وهذا أمر بات يقلق دول الاتحاد، ولن يكون مقبولا أن ينشب صراع عسكري مدمر في المنطقة، فيزيد الضغط على أوروبا، هذا الأمر تدركه أميركا جيداً وتم طرحه صراحة خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبروكسيل مؤخرا، يبقى هنا الإمارات والسعودية والبحرين، دول تأجيج الصراع وقارعي طبول الحرب، تعمل أوروبا من خلال اتصال مباشر على تحذيرهم من نتائج هذه المراهقات، وأظن أن النتيجة ستكون إيجابية خلال أيام، بعد توضيح موقف الاتحاد الأوروبي كما تلقاه بومبيو، وخلاصته بوضوح وبشكل مباشر «لا حرب مع إيران»، ولا نزاع جديد في الخليج.
خيار مستحيل
وأوضح باتريك بنتر، أستاذ السياسة بجامعة كامبريدج وعضو الهيئة العليا لحزب العمال البريطاني، أن حرباً شاملة مع إيران بهذه الصورة التي تحاول أبواق السعودية والإمارات تصديرها للعالم أمر مستحيل، لأسباب عديدة أهمها المجرى الملاحي الدولي الذي هو ملك للجميع ومسؤولية المجتمع الدولي ولا مجال للعب حوله، وكذلك مصالح متبادلة مع دول حليفة مهمة في المنطقة سوف تتأثر بشكل مباشر بل وسيصيبها الشلل التام، مثل العراق والكويت وقطر وسلطنة عمان، وهذا أمر غير مقبول لدى أوروبا باقي القوى الدولية التي تربطها علاقات مهمة ومتشعبة واتفاقيات متبادلة مع أغلب دول أوروبا إن لم يكن جميعها، لذلك نرى المشهد حالياً مجرد ألاعيب سياسية وتحركات يمكن وصفها بالاستعراض وتصدير صورة لمن يهمه الأمر بأن أميركا تسيطر على الوضع في المنطقة، لجني ثمن هذا الاستعراض من خزائن السعودية والإمارات، هذه الحقيقة ليس أكثر من ذلك ولن يبتعد الأمر عن هذه الحدود.
وأكد ستينغ جونز، أستاذ القانون التجاري الدولي بجامعة «ورك كوفنتري» ببريطانيا، أن القانون الدولي يحمي ممرات الملاحة الدولية وخطوط التجارة العالمية وتدفقات النفط من الخليج إلى جميع دول العالم، كما يحمي التجارة المتبادلة مع دول الخليج، وغيرها من اتفاقيات ومعاهدات تبادل هي بالتأكيد محل اعتبار الجميع، ولا فصال أو جدال حولها، ومن ثم فالحرب التي يريدها البعض في الخليج لن تكون بقوة القانون والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، مهما تمادى البعض في خلق الأسباب واللعب لإشعال الحرب.
لاحرب لا سلام
وقال بيتر شتاينابخ، الضابط السابق في الجيش الألماني والخبير العسكري، أن حرباً أميركية خليجية مع إيران خيار مستحيل، ولن تحدث لأسباب عديدة، أهمها أن أميركا لن تحارب معركة بالوكالة عن أحد، والخلاف السياسي الحالي لا يرقى لدرجة تدخل عسكري لأجله، ودول الخليج «الإمارات والسعودية» قوتها العسكرية مكشوفة سواء في حرب اليمن المستمرة منذ أربعة أعوام بلا أي انتصار يذكر، أو تأمين سواحلها من الهجمات بوسائل بدائية، لذلك فإن الحديث عن حرب من الناحية العسكرية هزل ولا يمكن التعامل معه بجدية.
واختتم افرايم فولفجانج، الضابط السابق في الجيش الألماني الاتحادي الألماني، بالتأكيد على أن إيران ليست اليمن، والحرب مع إيران لن تكون نزهة، والبنتاغون يدرك أبعاد الأمر، حتى وإن كانت «السعودية والإمارات والبحرين» يرونها نزهة كما حدث في اليمن، فهؤلاء لا يدركون أبعاد الحروب والتحركات العسكرية، واليمن خير دليل، وأميركا ليست شرطي العالم أو حارسا شخصيا ومحاربا بالوكالة، الأمر في أميركا لا يدار كما تدار الأمور في السعودية والامارات، لذلك فالحديث عن حرب في الخليج ضد إيران مستحيل، الأمر بمرته استعراض عسكري وضغط سياسي، وهناك عقلاء في المنطقة سيكون دورهم مؤثرا سواء داخل مجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية وحتى داخل التكتل الخليجي الأميركي المواجه لإيران، سوف يضبط لجام الأمور في الخليج.
copy short url   نسخ
21/05/2019
1726