+ A
A -
عماد فواز – زينب بومديان- خديجة بركاس- خديجة الورضي- نادية وردي
جدد حقوقيون عرب وأوروبيون تضامنهم مع الشعب القطري ضد جميع أشكال التمييز العنصري الذي يتعرضون له من جانب دول الحصار منذ منتصف عام 2017، مؤكدين لـ الوطن أن المجتمع الدولي يتابع باهتمام إجراءات اللجنة الأممية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في جنيف، التي من المقرر أن تبدأ يوم الجمعة إجراءات نظر شكويين تقدمت بهما دولة قطر يوم الثامن من مارس 2018 ضد «السعودية والإمارات» اللتين فرضتا إجراءات تمييزية ظالمة ضد الشعب القطري منذ يونيو 2017، أضرت بالمواطنين القطريين، وشتت الأسر، وقطعت السبيل إلى الحق في العبادة وزيارة الأماكن المقدسة في السعودية، وحرمت مئات القطريين من أموالهم وممتلكاتهم، بالمخالفة للقوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وأحكام الاتفاقية الأممية المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي صادقت عليها الأمم المتحدة في ديسمبر 1962، وانضمت إليها دولة قطر في 22 يوليو 1976.
إجراءات
قال هشام البناني، خبير العلاقات السياسية والدولية ومدير مركز «الشرق» للدراسات السياسية والاجتماعية بالرباط لـ الوطن: إن اللجنة الأممية للقضاء على التمييز العنصري بجنيف، سوف تبدأ إجراءات نظر الشكوى القطرية ضد الإجراءات الظالمة التي فرضتها دول الحصار وخاصة السعودية والإمارات ضد الشعب القطري بسبب خلافات سياسية بالمخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعين عليها، وسوف تبدأ هذه بالاستماع إلى مرافعة الدكتور محمد بن عبدالعزيز الخليفي، وكيل دولة قطر أمام محكمة العدل الدولية وعميد كلية القانون بجامعة قطر، وهو إجراء تمهيدي لتحديد إمكانية النظر في الشكوى القطرية من حيث الإجراءات واختصاص اللجنة بنظر القضية ومطابقة الشكوى للقانون الإجرائي للجنة، لتحال الشكوى بعدها إلى فريق التحقيق، لفحص الانتهاكات المؤكدة والموثقة التي ارتكبت ضد آلاف القطريين في السعودية والإمارات، وأهمها الحرمان من الممتلكات وتشتيت شمل الأسر المختلطة وحرمانهم من التنقل بين الدول والتواصل العائلي، وممارسة العبادة «الحج والعمرة»، وهي انتهاكات مُثبتة وموثقة وسبق أن أقرتها محكمة العدل الدولية في لاهاي يوليو وأغسطس 2018، وألزمت الإمارات والسعودية بوقف هذه الانتهاكات فورا، وهو ما يعني أن القضية محسومة لصالح الضحايا القطريين الذين تعرضوا للتمييز العنصري على أساس الهوية الوطنية والأصل القومي بالمخالفة للاتفاقات والمعاهدات الدولية.
وأضاف عادل المديني، أستاذ القانون الدولي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وعضو مجلس أمناء الفدرالية الوطنية لحقوق الإنسان بالرباط، أن جميع الإجراءات التي أعلنتها السعودية والإمارات منذ يوم الخامس من يونيو 2017 ضد الشعب القطري إثر الأزمة السياسية بين الدوحة ودول الحصار «السعودية والإمارات والبحرين ومصر»، مخالفة لاتفاقية مكافحة التمييز العنصري، ويحق للجنة الأممية للقضاء على التمييز العنصري بجنيف نظر الشكوى طبقا للمواد 11، 12، 13 من الاتفاقية، وبحث سبل حلها بالطرق الودية، وهي نفسها الإجراءات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية شهر يوليو 2018، حيث بحثت أحقية قطر في الشكوى وتأكدت من سلك الدوحة لجميع السبل الودية لحل النزاع قبل اللجوء للمحكمة، وهي الإجراءات نفسها التي سوف يقدم وكيل قطر الدكتور محمد بن عبدالعزيز الخليفي مسطرة الإجراءات الخاصة بها إلى اللجنة الأممية، ومن ثم يحق للجنة نظر الشكوى واستكمال الإجراءات.
جرائم ضد الإنسانية
وأشارت أورسولا لوبير، المحامية ومديرة مركز «حماية» لرعاية النساء المعنفات والمتخلى عنهن بمدريد، إلى أن حرمان الأسر من التواصل ولم الشمل جريمة أكدتها ووثقتها محكمة العدل الدولية يوم 23 يوليو 2018، بعد مرافعة رائعة قدمها الدكتور محمد بن عبدالعزيز الخليفي أمام محكمة العدل الدولية، أوصلت ليقين المحكمة حجم المعاناة التي تعرضت لها الأسر المختلطة نتيجة هذه الإجراءات الظالمة، وهو ما دفع المحكمة لإصدار حكم سريع وبات بإلزام الإمارات بضمان لم شمل العائلات المختلطة، ومنح الطلاب القطريين الذين تأثروا بالتدابير التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة ضدهم منذ بدء الحصار الجائر فرصة إكمال تعليمهم أو الحصول على سجلاتهم الدراسية إذا كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم في مكان آخر، والسماح للقطريين المتأثرين بالتدابير التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة في 5 يونيو 2017 بالوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى في الإمارات العربية المتحدة للمطالبة بحقوقهم، وهو ما سوف تقره اللجنة الأممية بالتأكيد، استنادا لقرار محكمة العدل الدولية، ولنفس حيثيات حكمها المبني على مرافعة الدكتور الخليفي التي حاصرت دول الحصار بالأدلة والبراهين وكشفت أمام المحكمة تعمد انتهاك حقوق المواطنين للضغط سياسيا على النظام القطري.
وأوضحت، سارا كاهلو، مديرة إدارة شؤون المرأة بالمجلس الوطني الإسباني لحقوق الإنسان والناشطة الحقوقية، أن الشكوى القطرية ضد انتهاكات دول الحصار لحقوق القطريين على أساس الهوية الوطنية مست وجدان الرأي العام الأوروبي لما تحمله من ملامح تشبه مآسي تعرض لها المواطنون في إسبانيا وألمانيا وفرنسا إبان الحرب العالمية الثانية، مازالت الكثير من الأسر في أوروبا تذكر مرارة هذه الإجراءات، لذلك فإن الرأي العام الأوروبي يرفض بشدة الإجراءات الظالمة التي اتخذتها دول الحصار ضد الشعب القطري على أساس الهوية الوطنية ولأسباب سياسية، كونها تخالف القانون الدولي، والاتفاقات والمعاهدات التي وقعت عليها دول الحصار والتزمت باحترامها، والأهم من ذلك أنها تخالف مبادئ الإنسانية وتعد عملا مخلا بشرف الجوار والتعايش والتسامح الذي يتشدق بها النظام الإماراتي تحديدا ويروج لصورته أمام الغرب مستترا بها.
قضية محسومة
وأكدت جيرمين لوران، أستاذة القانون الدولي بجامعة باريس وعضو الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بباريس، أن الإجراءات التي اتخذتها قطر أمام المنظمات الأممية المعنية لانتزاع حقوق الشعب القطري ووقف الانتهاكات التي تعرضوا لها تعكس وعي فريق الادعاء القطري والخبرة القانونية، وتجلت هذه الخبرة خلال مرافعات فريق الادعاء أمام محكمة العدل الدولية شهر يوليو 2018، حيث قدم مرافعة مُحكمة انتهت بالبت الفوري للمحكمة في القضية والتوصية بإلزام الإمارات بوقف الإجراءات الجائرة فورا، وتمكين القطريين من حقوقهم، وهي خطوة تحسم نظر الشكويين بنفس الخصوص أمام اللجنة الأممية في جنيف يوم الجمعة، كونها تحمل نفس المعطيات التي مازالت قائمة وتمارسها السلطات الإماراتية والسعودية ضد القطريين رغم توصيات محكمة العدل الدولية، لذلك فإن النتيجة معلومة وهي الحل لصالح قطر بالطرق الودية أو استصدار إدانة علنية جديدة ضد الإمارات والسعودية تصب في مصلحة القضية المنظورة أمام محكمة العدل الدولية.
وأشار ويليام كامو، أستاذ القانون بجامعة «سوربون» بباريس، إلى أن استمرار الانتهاكات المتعمدة من جانب الإمارات والسعودية في حق القطريين، تجعل القضية مستمرة وتلزم الجانب القطري بالاستمرار في طرق أبواب المنظمات الأممية والاتحادات الدولية والمجتمع الدولي، خاصة الحق في «الحج والعمرة» وهو موسم بدأ بالفعل حالياً وحرمان القطريين منه يتم للعام الثالث على التوالي عن طريق وضع عراقيل فجة في تمييز واضح جدا ضد القطريين دون غيرهم، وهذا الانتهاك وحدة كافٍ لإدانة السعودية، إلى جانب اعتقال مواطنين قطريين دون وجه حق وتلفيق جرائم لهم لأسباب سياسية، وبالنسبة للإمارات.. فالحرمان من لم الشمل والتعليم والصحة وسلب الممتلكات تم إثباته أمام محكمة العدل الدولية، وسهل إثبات استمراره بالمخالفة لقرار محكمة العدل الدولية.
انتهاكات مستمرة
قال فرانكو كلاووس، أستاذ القانون الدولي بجامعة برلين، إن التمييز العنصري ضد القطريين من جانب السلطات الإماراتية والسعودية أثبته فريق الادعاء القطري أمام محكمة العدل الدولية العام الماضي من خلال حافظة مستندات مليئة بالأخبار والمقاطع المصورة والمسموعة التي بثتها وسائل الإعلام السعودية والإماراتية والبحرينية والمصرية تحرض بشكل مباشر وصريح ضد شعب قطر لأسباب سياسية وبناء على الهوية الوطنية، أغلبها تصريحات لمسؤولين حكوميين ورموز في هذه الدول، ما يعد إدانة واضحة أخذت بها محكمة العدل الدولية وسوف تأخذ بها اللجنة الأممية، كما تعد قائمة مطالب دول الحصار المكونة من 13 بندا التي أعلنتها دول الحصار يوم الخامس من يونيو 2017 هي في حد ذاتها دليل إدانة بجريمة التمييز ضد القطريين على أساس الانتماء والهوية الوطنية، وقد استشهد بها فريق الادعاء القطري أمام محكمة العدل الدولية في يوليو 2018، وفشلت محاولات فريق الدفاع الإماراتي في التنصل منها، وبرغم توصيات محكمة العدل الدولية بوقف جميع إجراءات التمييز ضد القطريين «كشق مستعجل» إلا أن الإمارات ومعها السعودية مازالت مستمرة فيها، وخاصة المنع من الحج والعمرة، وهو ما يدفع اللجنة الأممية لحسم القضية بشكل عاجل لتمكين الحجاج والمعتمرين من الوصول إلى السعودية وفي حال الامتناع يحق للجنة إحالة الأمر من جديد إلى محكمة العدل الدولية لإثبات سوء النية وفشل السبل الودية لحل الأزمة.
الأمر نفسه أكد رودير كوليتز، أستاذ القانون الدولي بجامعة «هايدلبرغ»، مضيفاً القانون الدولي واضح وصريح في ما يخص حقوق «الحياة والعبادة والتنقل ولم الشمل والتعليم والتجارة» وهي حقوق انتهكتها دول الحصار وخاصة السعودية والإمارات بشكل صريح ومباشر، أثبتته هيئة الادعاء القطرية خلال الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية منتصف العام الماضي، وانتزعت قطر قرارات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات، لكن الإمارات تحديدا ومعها السعودية تمادت في الانتهاكات ولم تتراجع وهو ما يؤكد سوء النية، والشكويان الحاليتان سوف تدعم موقف قطر أمام محكمة العدل الدولية وبالتالي تسهل عملية المطالبة بتعويض المتضررين ولن تستطيع السعودية والإمارات التهرب من التعويض، وهو ما يعد انتصارا سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا لقطر، وحصار لا سبيل أمام دول الحصار للتهرب منه، والأهم من ذلك هو الإدانة الدولية وسوء السمعة وزيادة العزلة وهي خسائر فادحة أكثر من قيمة التعويضات المادية بالنسبة لدول الحصار.
سمعة سيئة
وأشار كريس وليامسون النائب البرلماني البريطاني وعضو لجنة التحقيق حول السجون السعودية، إلى أن الانتهاكات التي ارتكبها النظام السعودي في اليمن خلال أربع سنوات، إلى جانب قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول شهر أكتوبر الماضي، وملاحقة النشطاء وهروب بعضهم أغلبهم سيدات من البلاد وملاحقة النظام لهن في العديد من الدول جرائم «مقرفة» جعلت سمعة المملكة سيئة ورائحة الإجرام تفوح وتزكم أنوف المعنيين حول العالم، كذلك الحال بالنسبة للإمارات التي امتدت أيادي التآمر في مختلف دول العالم العربي ودول إفريقيا، هذه الجرائم جعلت القضية محسومة تقريبا سواء أمام اللجنة الأممية أو أمام محكمة العدل الدولية، وسوف تأثر هذه الانتهاكات بل الجرائم والفظائع على مجرى الشكاوى القطرية. أمام باتريك هيتشينيز، مدير منظمة الحقوق المدنية لحقوق الإنسان بلندن، فيؤكد أن المجتمع الدولي بات على يقين من إجرام دول الحصار في حق شعوبها والشعوب العربية بما فيها شعب قطر، وهو أمر من شأنه زيادة حصار دول الحصار دوليا، وتعالي أصوات المطالبين بمقاطعة دول الحصار ووقف تصدير السلاح إليها خاصة في أوروبا، وأيضا سوف يدفع الأمم المتحدة والجهات المعنية بالتدخل لفتح تحقيقات في جرائم هذه الأنظمة، وتحركات قطر أمام المنظمات الأممية هي مفتاح حصار دول الحصار منذ منتصف العام الماضي، وهو في الحقيقة نجاح يحسب لقطر ويقدره المجتمع الدولي لها.
copy short url   نسخ
21/05/2019
1062