+ A
A -
محمد عياش كاتب فلسطيني
احتمالية الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على إيران، وبمساعدة وتحريض الدول التي تتمنى رؤية وسماع دويّ الانفجارات في المدن الإيرانية، أصبحت قاب قوسين أو أدنى، فتحرّكات واشنطن السياسية والعسكرية كافية للقول إن طبول الحرب قد قرعت.
تشبه واشنطن بهذه التحركات من يقدّم خطوة ويتراجع عشرا إلى الوراء، فهي تدرك المأزق الذي ستدخل فيه، لو نشبت الحرب، لأن عاملي المناخ الدولي والجغرافي ليسا في صالحها، ومن ثم فيما لو قررت فعلاً توجيه ضربة لطهران لكان في وسعها توجيه صواريخ موجهة عابرة للقارّات لأهداف إيرانية، ومن ثم الإيعاز إلى المدمرة أبراهام لنكولن التوجه على رأس أسطول بحري ضخم للشواطئ الإيرانية، بعد الزعزعة الداخلية، إلا أن الأمر لا يعدو سوى مناورة، الهدف منه إظهار القوة والضغط على القيادة الإيرانية للتراجع عن سياساتها في المنطقة.
تحاول دول الخليج تذكير طهران بالعملية التي قامت فيها واشنطن، وسميت يومها «فرس النبي»، والتي استمرت أربعة أيام، وكبّدت إيران منشآت بحرية واستخباراتية، التي جاءت تحت مزاعم تسلسل الألغام التي أصابت بعض السفن الأميركية الرابضة في الخليج.
الاختلاف الجوهري الراهن،أن إيران قادرة على المناورة وعلى إجبار الدول العظمى على تفهم مشروعها، وأنها ليست جزيرة لوحدها، ومن ثم فإن في يدها أوراقاً كثيرة للعب فيها عندما تقتضي الحاجة.
أعداء طهران يختلفون في ما بينهم على وقت بدء الهجوم الأميركي، وهم يرون أن واشنطن تتلكأ، والتقارير الواردة من واشنطن تقول من الخطأ الدخول في حرب مع إيران، لأن ذلك سيعزز مكانة الخصوم التقليديين، أي الصين وروسيا اللتين تريدان لواشنطن الدخول بالحرب والانزلاق أكثر نحو الهاوية.
إذا صح الهجوم على السفن الإماراتية، ووصول الطائرات المسيرة إلى قلب السعودية، وفوق مصافيها ومضخاتها وآبارها، فأين الحماية الأميركية؟.
تدرك واشنطن أن العالم يريد التخلص من هيمنتها وصلفها، وتدرك صعوبة القرار والذهاب إلى الحرب مع إيران، لأن طهران ليست وحدها في المعركة. وفي المقابل، هناك دول تنتظر انزلاق واشنطن بالحرب لجهة التسلح والاطلاع على الإمكانات العسكرية الأميركية والفوضى التي ستحدثها، التي سترسم ملامح قيادة جديدة للعالم لا يكون للأميركيين أي دور فيها، فالحشود والتحشيد اليومي للسفن والمدمرات ودفع الأميركيين إلى العودة إلى بلادهم، لا يمكن أن تكون مؤشراً حقيقياً للحرب فحسب، بل على العكس الهدف من هذه التحركات إظهار القوة، وكما قالوا قديماً في الأمثال «من كبّر حجره ما ضرب».
{ عن العربي الجديد
copy short url   نسخ
21/05/2019
788