+ A
A -
يعد جامع العرب أول جامع بُني في إسطنبول، على يد القادة المسلمين العرب، خلال حصار المدينة، حيث تم تحويله إلى كنيسة لاحقا، قبل أن يعيدها السلطان محمد الفاتح إلى جامع مجددا، بعد فتحه للمدينة، عام 1453.
ويقع الجامع في حي غالاطا، بمنطقة بي أوغلو، وسط إسطنبول، حيث تشير الروايات إلى أنه بُني على يد الجيش الإسلامي القادم لفتح المدينة، عام 717 م، بقيادة مسلمة بن عبدالملك.
وبالرغم من عدم تمكن الجيش الإسلامي من فتح إسطنبول «القسطنطينية سابقا»، بعد حصار بري وبحري لمدة عام واحد، إلا أنه سيطر على حي غالاطا وقتها، ونتيجة لذلك عقد اتفاقا مع الإمبراطور البيزنطي «ليون»، يقضي ببناء جامع في المنطقة، عام 717، ليتم بذلك رفع أول أذان في المدينة.
واستمر الجيش الإسلامي في أداء العبادات في الجامع لمدة 7 أعوام، قبل أن يعود إلى بلاد الشام مجددا، بهدف إخضاع التمرد في عاصمة الخلافة الأموية دمشق، فاستغل رهبان مذهب الدومينيكان مغادرة الجيش، وحولوا الجامع إلى كنيسة، وبنوا فيها برجا للجرس، وأطلقوا عليها كنيسة «سان باولو». بعد فتح إسطنبول على يد السلطان محمد الفاتح، عام 1453، حوّل المبنى إلى جامع مجددا، وأمر بإضافة محراب ومنبر له، واتخذ فيما بعد اسم جامع العرب، بعد هجرة أعداد كبيرة من عرب الأندلس واستقرارهم في منطقة غالاطا.
وخضع الجامع فيما بعد لعدة عمليات توسيع وترميم على يد كل من والدة السلطان محمود الأول، وزوجة السلطان مصطفى الثاني، وابنة السلطان محمود الثاني، تم خلالها إنشاء مقصورة للسلطان، وسبيل ماء، وموضأ، وصهريج.
وتحول الجامع إلى واحد من جوامع السلاطين، عقب إنشاء مقصورة للسلطان في قسمه العلوي.
وخلال عمليات الترميم عام 1913، تم العثور على شواهد قبور تعود للاتينيين والجنويين في قسمه السفلي، وجرى نقلها إلى متحف علم الآثار في إسطنبول.
يعد معمار جامع العرب من أغرب هياكل الجوامع في إسطنبول، حيث يختلف عن الطراز العمراني المعهود، بفضل مئذنته التي تم تحويلها من برج جرس الكنيسة، وتضم 102 درجة، وتتميز بشكل رباعي الزوايا، وفي قمته مخروط حاد.
ويستند الجامع على 22 عمودا خشبيا، بينما يستند قسم العلوي على 8 أعمدة من أحجار المرمر، ويتكون من 3 طوابق، وله 70 نافذة.
وفي لقاء مع الأناضول، قال مؤرخ الفنون التركي سليمان فاروق غونجا أوغلو، بأن جامع العرب يحتل مكانة خاصة في ميراث إسطنبول العمراني والثقافي الغني. وأضاف أن الجامع يحمل قيمة كبيرة في تاريخ علم الاجتماع العثماني، حيث تعرض العرب واليهود إلى مجازر كبيرة على يد الكاثوليك الإسبان بعد سقوط الأندلس عام 1492، اضطر نتيجتها قسم كبير من عرب الأندلس للهجرة إلى الدولة العثمانية، واستقر قسم منهم في منطقة غالاطا، حيث حمل بعد ذلك التاريخ اسم جامع العرب. وفيما يخص تاريخ بناء الجامع، أوضح غونجا أوغلو بأن ذكر الجامع ورد في كتاب سياحة نامة للرحالة العثماني الشهير أوليا جلبي، حيث قال إن الجيش الإسلامي حاصر إسطنبول عام 716، لكنه فشل في تجاوز أسوار المدينة، ونتيجة اتفاقية خاصة، بنى جامعا في منطقة غالاطا، ورُفع الأذان للمرة الأولى في سماء إسطنبول عام 717. وأوضح أن بعض أجزاء الجامع اتسمت بالطراز العمراني الأندلسي، إثر بناء نوافذه وجبهته الخارجية على يد العرب الأندلسيين لاحقا.
وأضاف أن الجامع شهد عمليات توسيع وترميم عديدة من قِبل زوجة السلطان مصطفى الثاني، صالحة سلطان، عام 1734، وثم من قِبل ابنة السلطان محمود الثاني، عادلة سلطان، قبل أن يتخذ الجامع شكله الحالي.
copy short url   نسخ
25/06/2019
3105