+ A
A -
نادر العضياني
لا نحتاج إلى جهد كبير من أجل خسارة أي شيء، ربما اللامبالاة هي الشيء الوحيد الكفيل بخسارتنا لأي قوة نمتلكها وضياع الفرص من أمامنا بطريقة مستفزة ودراماتيكية، وهكذا نضيف في سيرتنا الذاتية محطة عابرة من محطات الإخفاق، إلا أن الأمر يستحق التأمل عندما نكون مسؤولين ويقع على عاتقنا استثمار كل شيء ممكن من أجل تحقيق أي شيء ممكن.
عادة تبدأ الأفكار صغيرة ثم نربطها ببعض ونجعلها على هيئة حِزم لتوظيفها بشكل جيد، علماً أن تحزيم الأفكار هي مسألة فنية تتعلق بعملية تنفيذها، لا بالأفكار من حيث المبدأ، هذه الحزم لا محالة سينتج عنها فكرة عظيمة في أي مجالٍ كان.
الذين يوّلدون الأفكار يُعتبرون بمثابة ثروة حقيقية في المجال الذي يفكرون فيه، ومما هو معلوم بالضرورة فإن توليد الأفكار ليس مسألة تتعلق بالميول والاتجاه، بقدر ما هي موهبة ترتبط بشكلٍ وثيق بالمعرفة، والمعرفة أمر نسبي تبدأ من الخارج حيث الجزء الظاهري حتى الداخل وما يمثله من عمق لا نهائي من الخبرات والمفاهيم.
الخبراء وحدهم من لديهم ملكة توليد الأفكار، وفي ذات الوقت يكون الهواة مشغولين بالعمل على تقطيع الأفكار والقضاء عليها قبل أن تتحول إلى حزم لتصبح مجرد شظايا متناثرة على جانبي الطريق الذي يصل الحاضر بالمستقبل.
أخطر ما في هذه الشظايا أن تكون مفخخة بالأسئلة -تلك التي لديها قابلية للإنشطار- وقبل أن تُولد الإجابات !
ليس مستحيلاً أن نُحدث التغيير الإيجابي في التعليم، خاصة أن للنجاح طريق واضح، ومبادئ مُعلنة وليس للأمر علاقة بالأسرار ذات الحساسية العالية، ولكن للتغيير طريق واحد وما سوى هذا الطريق من الطرق تقود جميعها إلى الفشل؛ وهذا في تقديري يعود لقلة سالكي طريق النجاح في هذا الكوكب وكثرة سالكي طرق الفشل، ولو حدث العكس لأصبح طريق الفشل واحدا وما سواه طرقٌ للنجاح..!
يُقال إن هناك امرأة توفي زوجها بشكل مفاجئ، وترك لها شركة استشارات هندسية تدر أرباحاً سنوية مقدارها عشرة ملايين دولار سنوياً، ولأنها كانت بعيدة تماماً عن الشركة قبل وفاة زوجها كما أن تخصصها لاعلاقة له بطبيعة عمل الشركة؛ ولهذا توقع الجميع أنها ستبيع الشركة! إلا أنها الوحيدة التي لم تتوقع ذلك؛ ولهذا قامت بعد أن هدأت الأمور بعمل اجتماع خاص مع الخبراء في الشركة ورؤساء الأقسام ثم طرحت ثلاثة أسئلة فقط، ماذا تعملون؟ وما الذي ينجح؟ وما الذي لا ينجح ؟ وعندما أخبروها قالت: حسناً.. سنتوقف عن فعل ما لا ينجح بشكل تام، ونبذل كافة طاقاتنا ومواردنا ووقتنا الذي كنا نبذله لأجل ذلك على فعل ما ينجح وما يحقق لنا الأرباح..!
عندها قفزت أرباح الشركة إلى خمسة وعشرين مليون دولار سنوياً، نعم إنه الطريق الوحيد للنجاح ولكن مكتوب عليه عبارة إرشادية بخطٍ عريض «طريق النجاح»، والناجحون وحدهم من يقرؤون تلك العبارة ثم يسلكونه، في حين يقرأ الآخرون العبارة ويتجاهلونها !
ثلاثة أسئلة لن تحل كافة العقبات التي تواجهنا في التعليم، ولكنها كفيلة بالقضاء على الكثير منها، فهل تساءلنا ماذا نعمل وما الذي ينجح وما الذي لا ينجح؟ علماً أن هذه الأسئلة مجرد أفكار قابلة للتشظي، وقابلة للانتحار!
copy short url   نسخ
17/07/2019
3420