+ A
A -
يعقوب العبيدلي
اتصلت به لتحدثه في موضوع يخص العمل، تجاذبا أطراف الحديث فيه، ثم باغتها بسؤال استنكاري: كيف تتحدثين وأنت تمضغين الطعام؟! فردت مستغربة، وماذا في الأمر؟ فرد بطريقته العفوية الصريحة الحازمة: من الإتيكيت غلق الفم أثناء المضغ والتحدث مع الآخرين، لأن المضغ ينشأ عنه تشويش وجلبة وطحن! وأصوات مزعجة، لا أسمعك ولا يمكنك أن تسمعيني جيداً! ثم باشرها بالسؤال: ألم تسمعي عن الإتيكيت؟ ولم ينتظر إجابتها، بادرها بقوله: إنه سلوك قيمي اجتماعي متفق عليه من خلال موروثات اجتماعية وثقافية ودينية وأخلاقية متعددة، تختلف من مجتمع إلى آخر ومن زمن إلى زمن، الإتيكيت مرجعه ديننا الحنيف ميراث أمتنا «القرآن + السنة» ثم نسبته تلك الدول لها مثل فرنسا بلاد الشانزليزيه وبرج إيفل وسام مالو وفيشي، ظهرت الكلمة في باريس خلال القرون الوسطى الأوروبية إذ كان المجتمع الفرنسي طبقتين إحداهما الطبقة (الشقية) المسحوقة الفقيرة، أما الثانية فهي الطبقة (المترفة) والمترفعة والفخمة، والطبقة الثانية تتمتع وتستمتع بامتيازات عالية وتضع لنفسها قواعد اجتماعية معينة وتقيم الحفلات التي لا يدخلها إلا أولئك الأشخاص النبلاء الذين يظهرون دائماً بالزي الفخم، وكلما حاول بعض أفراد من الجماهير العادية دخول تلك الحفلات بلباس فخم اكتشفهم النبلاء، فوضعوا شخصاً على كل باب لا يسمح لأحد بالدخول إلا بالإتيكيت التي تطورت إلى معنى الإتيكيت أي التميز والاتصاف بعادات معينة تنم عن طبقية معينة وقواعد اجتماعية محددة ذات فخامة ونبالة، والإتيكيت اليوم موجود في حياتنا الاجتماعية في البيت والعمل والمطعم وكل مكان نرتاده، حتى في الحياة الزوجية، الزوج من مكان والزوجة من مكان آخر، هذا من إتيكيت معين وهذه من إتيكيت مختلف وعليهما أن يتفاهما ليضعا إتيكيتاً يتناسب مع أسرتهما الجديدة لتسير بهما الحياة وفق إتيكيت واضح، والإتيكيت يختلف عن البروتوكول، فالإتيكيت ضرورة اجتماعية يبدأ من البيت الذي يضع العادات لأبنائه وأفراده ويلعب دوراً في بناء شخصية الإنسان، فكيفما تفعل الأسرة في تصرفاتها يتعود الابن على ذلك لتتفاعل هذه العادات مع شخصه وسلوكه وتعتبر له شخصية محددة ومعروفة بتصرفاتها وعاداتها رغم أن الإنسان يستطيع تغيير عاداته بالتدريج.
فالإتيكيت أو «السنع» أو الأدب ليس تصنعاً وتمثيلاً أو كلمات وكلام يقال! بل نظام وطريقة رائعة وراقية ورايقة في كل شيء أثناء الطعام وتقديمه وأكله، في المشي في ارتداء الملابس في الكلام في الحوار في الجلوس حتى في غرفة النوم، في كل مكان يجمعنا، ولكن لا يتقيد به إلا الراقي في كل شيء في أسلوبه ومنطقه وسلوكياته وحواراته.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم: يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
18/07/2019
498