+ A
A -
حبشي رشدي
وكأن هناك علاقة وطيدة بين أحوال الطبيعة في العالم وأحوال السياسة والسياسيين، وذلك على الرغم أن العلم لم يحدثنا حتى الآن عن وجود هذه العلاقة بين أحوال الطبيعة وعوالم السياسة، ولكن حينما تتصفح صحفا عربية ستجد أن بين دفتيها ما يحدثك عن الأزمات في العالم، وبعضها وصل إلى حافة هاوية، وفي الوقت ذاته ستجد أخبارا تنقل لك أزمات المناخ التي طالت حتى سيبيريا المتاخمة للقطب الشمالي، وصورا منقولة من مجتمعات أوروبية كانت ترفل في مناخ معتدل، ولكن إنسانها صار يهرب إلى الشواطئ، بل ولا يمانع من التمتع بمياه النوافير في ميادين عامة. فضلا عن ذلك، ستجد أخبارا وموضوعات تنقل عن علماء قولهم إن الإنسان قد لا يصمد أمام موجات الحرّ الشديدة، وأن هناك مساحات واسعة من الأراضي ستصبح غير صالحة للسكن جراء تغيّرات مناخية كارثية قادمة في المناخ العالمي. ولو جاز لنا افتراض أن هناك ترمومترا يقيس التصعيد الحاصل في الأزمات السياسية، لوجدنا أن درجة حرارة الأزمات السياسية في العالم لا تختلف عن ارتفاع درجات حرارة المناخ في العالم، فالسياسة والمناخ في حالتين يرثى لهما.
ومصيبة المصائب أن هذا الاحترار الذي يعانيه العالم لا يؤدي فقط إلى زيادة الكوارث الطبيعية مثل موجات التسونامي والفيضانات وارتفاع مستويات البحار، وذوبان الأنهار الجليدية.. إلخ، ولكنه يتهدد الأمن الغذائي، لأن هذا الاحترار يعني تغييرا في البيئة الطبيعية التي تنمو فيها زراعات ومحاصيل غذائية، وقد شاهدت صورا لأشجار التفاح في دول أوروبية ارتفعت فيها درجة الحرارة عن الحد المعتاد، مما أعطب التفاح الأخضر على شجرته، ولهذا لا أستبعد أن يعيش بعض البشر مستقبلا داخل بيوت محمية تصمم خصيصا للإنسان تشبه البيوت الزجاجية المستخدمة في الزراعة، كما أن هذا الارتباك المناخي في العالم قد يمنع السياح الأوروبيين التواقين للشمس الساطعة، يعزفون عن واجهاتهم السياحية والمصايف التقليدية، فالشمس سوف تذهب إليهم وحتى إلى أعتاب بيوتهم.
ومما عهدناه في أزمنتنا التي عشناها وأصبحنا إثرها في عمر رذيل، أن المشاعر والعواطف صديقة حميمة لفصل الربيع الذي تعتدل فيه الحرارة وتورق وتزهر الأشجار، بينما الصيف هو فصل الأعصاب المتوترة والأدمغة الساخنة والحب المبتور والذي تختتم قصته بطريق مسدود، ولهذا لا تستغرب إن زادت معدلات الطلاق صيفا عن عدد حالاته شتاء أو ربيعا، ففي هذين الفصلين الرائعين تزيد حالات قصص الحب الجميلة التي تتوج بشركة في الحياة إلى نهاية العمر، بينما الحب صيفا هو نوع من الحب الكحولي سريع التطاير والتبخر، بل وسريع التهشم على صخور تحديات الواقع، فلا ريب أن المناخ يؤثر على كل شؤون الحياة والبشر، وأن التغير المناخي الحاصل في العالم يؤثر على كل شيء حولنا، ولهذا لا يجب أن نستبغده عن التأثير في عوالم السياسة والسياسيين.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
13/08/2019
2599