+ A
A -
أسامة أبو أرشيد كاتب وباحث فلسطيني مقيم في واشنطن
أمام كل ما سبق، لا يوجد تفسير منطقي واحد لما تفعله الإمارات والسعودية في اليمن، خصوصاً أن معطيات المعارك على الأرض تثبت أنهما تورّطتا، منذ عام 2015، في مستنقع وحلٍ في اليمن استنزف قواهما وثرواتهما، وخصم كثيراً من رصيدهما الدولي، باعتبارهما دولتين ترتكبان جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب اليمني المنكوب بهما وبالحوثيين وإيران. ولو كنَّا أمام عقل دولة في السعودية والإمارات لما وجدناهما تعملان على إضعاف الشرعية التي يقاتلان باسمها في اليمن، ولا كنَّا رأيناهما يُذكيان نار الخلافات والفرقة والتشرذم والتناحر بين القوى المختلفة المعارضة للحوثيين وإيران.
أبعد من ذلك، يحار أي مراقب لماذا تتردّد المملكة تحديداً، إلى اليوم، في تقديم دعم حقيقي لقوى مؤثرة على الأرض في اليمن، تملك قدرة على تغيير التوازنات على أرض المعركة مع الحوثيين، وتحديدا حزب التجمع اليمني للإصلاح. قد نتفهم معاداة الإمارات النزقة للحزب، على أساس روابط تجمعه بالإخوان المسلمين، فالإمارات في المحصلة دولة صغيرة انتهازية، تغير لون جلدها مرات ومرات في سبيل نجاة نظامها السياسي، وبقاء دور له ضمن المعادلات الإقليمية والدولية الكبرى. ولعل في التقارب الإماراتي أخيرا مع إيران، بعد تردّد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ضرب الأخيرة عسكريا، ما يكفي للتدليل على ما سبق. أما في حالة السعودية فالأمر مختلف، ليس لأنها دولة كبيرة فحسب، بل لأنها أيضا معنيةٌ مباشرة بما يجري في اليمن، وسيطرة وكلاء إيران عليه يجعلها تحت رحمة طهران. دع عنك، طبعاً، أن الحوثيين لقنوا الرياض دروساً مهينة عبر اقتحام أراضيها ومعسكراتها، وقصف مطاراتها ومدنها وأنابيب النفط فيها، وصولا إلى العاصمة الرياض، وهذا يدل على أن المملكة اليوم يحكمها هواة صغار لا يقدّرون حجم التعقيدات والمخاطر التي تُحدق ببلادهم وعروشهم.
وفي مقابل ذلك كله، تجد إيران تناور ببراعة سياسية تحسب لها، سواء مع الولايات المتحدة أم مع الأوروبيين، أو حتى مع الروس والصينيين، كما أنها تحاصر خصومها، وتنقل المعارك إلى أراضيهم، وتتمدّد في فراغ الفوضى العربية وغياب المشروع والزعامة ومنطق الدولة. وعلى عكس حلفاء الرياض وأبوظبي الذين لا يجدون الدعم الكافي منهما.* عن «العربي الجديد»
copy short url   نسخ
18/08/2019
774