+ A
A -
في 18 مارس 2011، سفكت شرطة النظام السوري أول نقطة دم بحق معترضين، ومازال النزيف مستمرا. يومها خرج أهالي مدينة درعا في مظاهرات «الكرامة»، من المسجد العمريّ القديم، فأحاطت بهم الشرطة، وأصابت برصاصها الشاب محمود قطيش الجوابرة، ليصبح أول ضحايا الثورة السورية التي لم تكتمل.
منذ تلك اللحظة بدأ السوريون الخروج الكبير هربا من ساحات الدم والدمار، أملا في إنقاذ ما تبقى من إنسانية وكرامة.
13 مليون سوري نزحوا منذ اشتعال الصراع قبل حوالي سبعة أعوام، وهو ما يمثل حوالي 60 % من عدد السكان قبل الحرب، والرقم مخيف. فهم أكثر من نصف أهل البلاد
وهي نسبة لم تشهدها دولة من قبل خلال العقود الأخيرة، كما أنها أكبر عملية نزوح للسكان في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
أكثر من 6.3 مليون سوري، أي حوالي 49 % من عدد المهجرين نزحوا داخليا، لكن هذه النسبة تغيرت خلال السنوات الأخيرة مع عودة مئات الآلاف إلى ديارهم وظهور نازحين جدد.
منذ 2011، بحسب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «يونيسيف»، ولد نحو مليون طفل سوري من أبوين لاجئين، لكن اللاجئين ما زالوا على درب المجهول، يواجهون مصاعب الغربة والبحث عن المأوى ولقمة العيش وسماسرة تهريب البشر وعداوة بعض المجتمعات غير المرحبة بهم.
الآن هناك 6.9 مليون لاجئ سوري يجوبون سواحل ومدن المعمورة بحثا عن الأمان. في المركز الثاني من حيث العدد بعد الأزمة الفلسطينية المستمرة منذ عقود طويلة.
وقالت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عملياتها الخاصة بسوريا تعتبر «الأضخم حتى الآن في تاريخ المفوضية منذ نشأتها قبل 64 عامًا».
الآن تدور آلة الحرب الرهيبة بلا مؤشرات على نهاية وشيكة، وتستمر الدراما السورية في التلاعب بمشاعر المتفرجين، لأن النهايات السعيدة ما زالت بعيدة.
يقدم هذا التقرير خريطة تقريبية للشتات السوري والأوضاع التي يعانيها لاجئون خرجوا من ديارهم ذات يوم ولم يعودوا حتى الآن.
الموت على الطرق السريعة
كيف فر ملايين السوريين من جحيم الحرب في 3 موجات كبرى صوب تركيا ولبنان والأردن؟
الموجة الأولى: الهجرة من المدن المحروقة
اتخذت الأزمة السورية منحى خطيرا بدخول الطيران والبراميل المتفجرة التي يلقيها النظام إلى ساحة المعركة منذ شتاء 2013، فبدأ قصف المدن والتجمعات البشرية، وخرج الآلاف من مناطق التوتر بحثا عن طرق ومدن بعيدة أكثر أمنا.
وقد ذكر تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن نحو 5 آلاف مدني لقوا مصرعهم أثناء محاولات الهروب اليائس من محيط العاصمة.
بدأت موجة التهجير الأولى مع سقوط الرقة بيد الجيش الحر، ثم تعرضها لقصف النظام لاحقاً، ثم موجة القصف الأكثر عنفا في صيف 2013 على يد جبهة النصرة بالتزامن مع سقوط إدلب، كما حكى أهالي الرقة لتلفزيون بي بي سي.
خرج قسم من الناس جنوباً عبر السخنة وتدمر إلى دمشق، والقسم الأكبر خرج مع دخول داعش إلى المدينة وريفها.
ومع دخول قوات التحالف الدولية 2014 ثم قوات سوريا الديمقراطية لضرب داعش 2015، لم يبقَ مكان صالح للعيش في المدينة، فخرج عشرات آلاف البشر بالتدريج منها.
سجلت الإحصاءات تناقص عدد السكان في الرقة مثلا من 1 مليون عام 2011 إلى 150 ألفاً مع دخول قوات التحالف ميدان المعارك، مدمرةً أكثر من 80 % من بنية المدينة التحتية
الموجة الثانية: تركوا الطعام على الموائد
تسببت العمليات والمعارك العسكرية حتى نهاية العام 2014 بمصرع قرابة نصف مليون إنسان. وانتظر الناجون فرصة للهروب من القتل العشوائي، وجدوها مع افتتاح معابر مؤقتة للمدن المقصوفة والمحاصرة، بفضل ضغوط دولية.
وهؤلاء خرج كثير منهم على عجل بملابسهم فحسب كمتاع وحيد، وأحياناً بلا وثائق شخصية. وتوضح بعض الصور أن بعضهم تركوا موائد الطعام لينجوا بحياتهم.
الموجة الثالثة: السفر سيرا على الأقدام
بعد التدخل الروسي عام 2015، انطلقت الموجة الثالثة للنزوح السوري الكبير. قادت روسيا عمليات التهجير تحت قصف طائراتها، تحت غطاء مصالحات مع المناطق، التي دخلتها قوات النظام.
ووفقاً لبيانات وحدة تنسيق الدعم فإنّ أكثر من 70 ألفاً نُقلوا من الغوطة الشرقيّة والقلمون وحي اليرموك في ريف دمشق بالباصات الخضراء التابعة للنظام السوري بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمجتمع المدني، مرورا بقلعة المضيق ومدينة الباب. وذهب جزء كبير منهم إلى مدينة عفرين، فيما استقر آخرون في مخيم دير البلوط تحت إشراف AFAD، وهي منظمة إنسانية تعنى بإيصال المساعدات الإغاثية إلى كل محتاج في العالم، وتتبع للحكومة التركية.
في مناطق ريف حمص ودرعا، نزح أكثر من 40 ألفا من المسلحين وعائلاتهم إلى مناطق الشمال بموافقة تركية، توزعوا بعد وصولهم على عشرات المخيمات، وأدت صراعات الفصائل نفسها في مناطق سيطرتها إلى انطلاق تهجير جديد بين المدن والقرى في الشمال، فوصل إلى بلدات معرة النعمان والدانا حوالي 50 ألف نازح هاربين من الاقتتال في مدن الشمال وأقاموا في مخيم جسر الشغور.
في يناير 2012، خرج ما يقرب من نصف مليون نسمة من حمص وإدلب وريف دمشق وغيرها. قطع بعضهم عشرات الكيلومترات سيراً على الاقدام هرباً من القصف والموت والطيران. يقول أحد سكان القصير من سكان القصير ويعيش حالياً في لبنان أنه «بعد سقوط القصير وبدء عمليات الاعتقال مشيت إلى النبك، ومنها إلى يبرود، ومن هناك عبر الجبال إلى لبنان في رحلة استمرت أسبوعاً من السير على الأقدام».
وفي مطلع عام 2014، كان نصف أحياء حمص قد تحول إلى دمار، فكان الاندفاع الجماعي عبر وادي خالد القريب إلى مناطق الشمال والبقاع، حيث ظهرت أكبر تجمعات اللاجئين السوريين، فيما اتجه عشرات الآلاف من مناطق القلمون إلى لبنان، واستقروا في مخيمات جبلية مجاورة للحدود، أشهرها في بلدة عرسال.
وحتى 2019 كان هناك قرابة مليون سوري في لبنان أكثر من نصفهم من اللاجئين حديثاً إليه. كان أمام النازحين اختيار من اثنين: الاتجاه نحو مناطق النظام، ما يعني مواجهة الاعتقال أو التجنيد الإجباري، أو الاتجاه نحو مناطق المعارضة شمالاً وجنوباً، ومن ثم التفكير بالخروج من البلاد. وكان الاختيار الثاني هو الأقرب، رغم ما يكتنفه من مخاطر التسلل غير القانوني واللجوء لسماسرة التهريب، والوقوع في مواقف غير قانونية.
تركيا: محطة مؤقتة أم وطن بديل؟
تستضيف تركيا حالياً أكبر عدد من اللاجئين السوريين المسجلين والذين يصل عددهم إلى 3.6 مليون شخص. الغالبية العظمى من هؤلاء يعيشون في المناطق الحضرية، فيما تستضيف المخيمات حوالي 8 % فقط.
ويفضل بعض اللاجئين السوريين تركيا، فهي بالنسبة للبعض دولة غير غربية ثقافيا واجتماعيا، كما أنها للبعض الآخر محطة للراغبين بمواصلة الهجرة إلى أوروبا بعد ذلك.
يدخلون من «الباب المفتوح» بحثا عن الأمان
حافظت تركيا على سياسة الباب المفتوح من خلال قبول اللاجئين السوريين المشمولين بنظام «الحماية المؤقتة» بشكل قانوني منذ 2014،. ويستند هذا النظام إلى ثلاثة مبادئ:
} حدودنا مفتوحة لمن يلتمسون الأمان.
} لن نعيد اللاجئين إلى ديارهم ضد إرادتهم.
} تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للناجين من الحرب.
ومنذ عام 2011، حصل نحو 56 ألف سوري على الجنسية بشكل رسمي، إلّا أن هذا العدد ضئيل بالنظر إلى أن أكثر من 276 ألف طفل قد وُلدوا لأبوين لاجئين في تركيا بين 2011 ونهاية 2017. ولا تمنح تركيا الجنسية تلقائياً للأطفال المولودين على أراضيها.
تشير بعض التقديرات في تركيا إلى أن نسبة من هم في سن العمل من اللاجئين السوريين تتخطى 50 %، مع معدل بطالة يتجاوز 17 %، مع ما تحمله هذه النسب من المشاكل والتحديات للحكومة التركية والمرتبطة بتنظيم هذه العمالة ودمجها في سوق العمل ومعالجة المشكلات التي تواجهها مع أرباب العمل.
في بداية يوليو 2019، خرج مئات الأتراك الغاضبين إلى الشارع في منطقة إكيتيلي غرب إسطنبول، وهاجموا محال تجارية تعود لسوريين وحطموا سياراتهم واعتدوا بالضرب على عدد منهم، بذريعة قيام شاب سوري بالتحرش بطفلة تركية.
لكن هذه الاعتداءات قوبلت بموجة رفض واسعة في المجتمع بعدما ضاق كثير من الأتراك بخطاب العنصرية وممارساتها الآخذة في التصاعد في عموم البلاد ومدينة إسطنبول بصفة خاصة، ورد عليها ناشطون أتراك بحملة «لا تلمس أخي»
واستندت الحملات المناوئة للاجئين السوريين تقليديا إلى قائمة طويلة من الاتهامات المعتادة، أبرزها أن اللاجئين السوريين يحصلون على مساعدات مالية، ويدخلون الجامعات من دون امتحانات قبول، ويحصلون على امتيازات اقتصادية تفوق تلك التي يتمتع بها المواطنون الأتراك.
ورد رئيس الهلال الأحمر التركي كرم قنق Kerem K?n?k على هذه الحملات بأن معظم الدعم الذي يصل للاجئين يأتي من الاتحاد الأوروبي وليس من ميزانية البلاد، وهو بالعملة الأجنبية ويساهم في دعم الاقتصاد، ويقلل من معدل الجريمة، حسب قوله.
وتستضيف مدينة إسطنبول أكثر من نصف مليون لاجئ سوري مسجلين في دائرة الهجرة منذ بدء موجة اللجوء، لكن تقديرات أخرى تذهب بالرقم إلى أبعد من ذلك.
السوريون يتصدّرون قائمة المستثمرين الأجانب الذين يؤسسون شركات جديدة في تركيا سنويا.
تم افتتاح أكثر من 700 شركة سورية جديدة خلال ستة الأشهر الأولى فقط من العام 2018. وتركزت أكثر الشركات السورية في مدينة إسطنبول، ثم غازي عنتاب التي تعتبر من أكثر المدن التركية احتضانا للاستثمارات والصناعات السورية بسبب قربها من الحدود بين البلدين.
وقال تقرير لمركز أبحاث السياسات الاقتصادية التركية في نهاية 2018؛ إن السوريين أنشأوا أكثر من 10 آلاف شركة منذ 2011 أي بمعدل 4 شركات يوميا.
لبنان: مشاعر متضاربة وخطر الترحيل القسري
مطلع أبريل 2017، كان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في طريقه إلى بروكسل لحضور مؤتمر دولي عن النزوح السوري، عندما أطلق صرخته الشهيرة: لبنان على وشك الانهيار بسبب اللاجئين السوريين.
ليس الحريري وحده صاحب هذا الموقف، كثيرون يرون أن لبنان يقترب من نقطة الانهيار بسبب ضغوط استضافة 1.5 مليون لاجئ سوري على الأقل، وفي أكثر من منطقة علت الأصوات من «اجتياح السوريين لكل المرافق»، وازدياد معدل البطالة في لبنان على نحو مريع، مع ارتفاع مستويات الجريمة، ما أحدث مناخاً سيكولوجياً قابلاً للانفجار.
وفي يوليو الماضي أجبرت السلطات بعض اللاجئين على هدم منازلهم في حملة للضغط عليهم للعودة إلى بلادهم، بحسب تقرير نشرته صحيفة The Guardian. وقال التقرير إن تصاعد الخطاب العدائي ضد اللاجئين في لبنان تطور إلى حوادث عنف، مثل الهجوم المتعمد على تجمع لاجئين سوريين بالقرب من بلدة دير القمر الشهر الجاري الذي أدى إلى نزوح 400 شخص. تقدر سلطات لبنان عدد السوريين على أراضيها بنحو 1.5 مليون شخص، أقل من مليون منهم مسجلون لدى مفوضية اللاجئين. ويعيش معظم اللاجئين في ظروف الفقر ويعتمدون على المساعدات الدولية. لا توجد مخيمات رسمية للاجئين في البلاد، ونتيجة لذلك، يعيش أكثر من مليون سوري مسجل في أكثر من 2.100 مجتمع وموقع في كافة أنحاء البلاد، وغالباً ما يتقاسمون أماكن السكن الصغيرة مع عائلات لاجئة أُخرى ويعيشون في أماكن مكتظة. لا توجد مخيمات رسمية للاجئين في البلاد، ونتيجة لذلك، يعيش أكثر من مليون سوري مسجل في أكثر من 2.100 مجتمع وموقع في كافة أنحاء البلاد، وغالباً ما يتقاسمون أماكن السكن الصغيرة مع عائلات لاجئة أُخرى ويعيشون في أماكن مكتظة.
الأردن: سكان المخيمات ورجال الاستثمار
كانت الأردن تحديدا واحدة من أولى الوجهات التي قصدها اللاجئون السوريون بعد تفجر الأوضاع في سوريا باعتبارها البلد الأقرب حدوديا جنوب البلاد.
بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن عدد اللاجئين السوريين المسجلين لديها نحو 660 ألف لاجئ، إلا أن الحكومة الأردنية تقول إن عدد اللاجئين في أراضيها لا يقل عن 1.4 مليون لاجئ، منهم 139 ألفا في مخيمي الزعتري والأزرق.
بحسب تليفزيون سوريا، بلغ عدد الشركات السورية المُسجّلة رسميا في الأردن ما لا يقل عن 4 آلاف شركة حتى بدايات العام 2018، بإجمالي رؤوس أموال تزيد على 220 مليون دينار أردني أي ما يعادل 310 مليون دولار.
وتشير إحصائيات إلى أن 93 % من اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر.
ويعتقد متخصصون أن اللاجئين السوريين تركوا آثاراً اقتصادية واجتماعية سلبية على الاقتصاد الأردني، إلا أن المعطيات الاقتصادية تطرح مجموعة من المؤشرات الإيجابية على حركة الاقتصاد والنمو الاقتصادي.
مصر: الشارع يرفض التحريض على السوريين
تشير التقارير الرسمية للأمم المتحدة إلى أن إجمالى الأموال التي استثمرها السوريون في مصر منذ عام 2011 يقدر بنحو 800 مليون دولار، من خلال 30 ألف مستثمر مسجل بالفعل لدى هيئة الاستثمار. وتشير بيانات وزارتي الاستثمار والتعاون الدولى، والتجارة والصناعة في عام 2018 إلى أن أعداد الشركات التي أسسها المستثمرون السوريون وصل إلى 818 شركة في مختلف المجالات الصغيرة والمتوسطة.
غير أن مصادر سورية قالت لـ BBC إن حجم استثمارات رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال السوريين في مصر منذ 2011 قد يصل إلى نحو 23 مليار دولار، «معظمها مستثمر في عقارات وأراض ومصانع ومطاعم ومحلات تجارية وغيرها، وبات السوريون يملكون أهم مصانع الملابس والنسيج، كما سيطر بعضهم على مناطق تطوير عقاري في أهم وأرقى المناطق المصرية». وربما كان الفارق بين الرقمين نتيجة لجوء الكثيرين من المستثمرين إلى تسجيل شركاتهم بأسماء شركاء مصريين لتجنب التعقيدات الإدارية. وهناك تقديرات بأن 80 % من المعامل السورية المؤسسة خارج البلاد منذ العام 2011 تركزت في مصر.
الدعوات التحريضية ضدّ السوريين وأعمالهم لا تجد أصداء إيجابية في الشارع المصري، بل غالباً ما تواجه بحملات استنكار شعبية مصرية مضادّة، لأنهم ليسوا جميعاً من أصحاب رؤوس الأموال أو أنّهم راكموا ثروات منذ قدومهم إلى البلاد، فالقسم الأكبر منهم يعيش ظروفاً حياتية لا تختلف عن ظروف عموم المصريين.
ويعيش 54 % من السوريين في مصر تحت خط الفقر، كما يبلغ المعدل العام للبطالة في صفوفهم 20 %، وذلك وفقا لدراسة للأمم المتحدة بعنوان توفير فرص العمل يُحدث الأثر المنشود، نُشرت عام 2017.
كندا: خطط لإعادة التوطين
وكانت مبادرة استقبال اللاجئين السوريين مشروعاً وطنياً، جمعت فئات من الحكومة ومتطوعين محليين، ورعاة ورجال أعمال معاً لجلب 58 ألف سوري للبلاد.
واستقبلت كندا أكثر من 50 ألف لاجئ سوري على مر السنوات الثلاث الأخيرة في إطار برامج إعادة التوطين التي ترعاها الحكومة وترعاها جهات خاصة كذلك.
ورحَّب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بالمجموعة الأولى من السوريين الذين وصلوا ضمن حملة الحكومة في أواخر عام 2015، في مبادرة منه عكس التيار العالمي العام المتمثل في كراهية الأجانب، والشعبوية اليمينية. وشرع الكثيرون ممن جاؤوا في إعادة بناء حياتهم في كندا، وذلك بعدما عانوا ويلات الحرب والنزوح والحال البائسة لمخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط.
وأعلن البرلمان الكندي في بداية العام عن خطة لاستضافة أكثر من مليون مقيم دائم خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يعادل نحو 1 % من سكان البلاد كل عام.
وقال وزير الهجرة واللاجئين في كندا أحمد حسين، وهو نفسه مهاجر سابق من الصومال، إنه «بفضل القادمين الجدد الذين رحبنا بهم طوال تاريخنا، فقد تطورت كندا لتصبح البلد القوي والنابض بالحياة الذي نتمتع به جميعا».
ألمانيا: اللاجئون يعالجون «شيخوخة» السكان
كانت نهاية 2018 في ألمانيا درامية بالنسبة للاجئين السوريين.
شهدت مدينة أمبيرغ هجوماً عشوائيا على المارة تورط فيه أربعة من طالبي اللجوء الشباب من أفغانستان وسوريا وإيران، ورد رجل ألماني بدهس مجموعات من الأجانب بسيارته، في عدة محاولات بمدينتي بوتروب وإيسن، ما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص. وقال وزير داخلية ولاية شمال الراين فيستفاليا إن منفذ الحادث «كانت لديه نية واضحة لقتل الأجانب».
ارتفعت بعض الأصوات في ألمانيا مطالبة بفتح النقاش حول إمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فقد دعا رئيس وزراء ولاية ساكسن آنهالت بشرق ألمانيا إلى ترحيل مزيد من طالبي اللجوء بمن فيهم السوريين إذا «توفرت الشروط لذلك». لكن الرد جاء سريعا من برلين إذ نفت الحكومة الاتحادية أن يكون الموضوع مطروحا في الوقت الراهن.
معظم السوريين في ألمانيا يسري عليهم قانون يحمل رقم 23، الذي يعتبرهم لاجئين مؤقتين بسبب الحرب في بلدهم. وهذا القانون ينص على ضرورة عودتهم إلى بلدهم الأصلي بمجرد تحسن الوضع الأمني هناك، ولا تتيح هذه الحالة امكانية تمديد الإقامة. أصحاب الحماية موجودون في ألمانيا فقط بسبب الوضع الأمني في بلدهم، وبمجرد تغير هذا الوضع تُرفع عنهم الحماية، فالقانون ينص على الترحيل حتى لو كان الأشخاص المعنيون مندمجون مهنيا ويتكلمون اللغة الألمانية.
ألمانيا تعتبر اللاجئين مصدرا مهنياً مهماً على ضوء شيخوخة السكان والانخفاض الكبير في عدد الشباب الذين يتوجهون لدراسة مهنة. من المتوقع أن تنخفض قوة العمل من 49 مليون عامل في 2015 إلى 43 مليونا في 2035، ومنذ الآن تحتاج ألمانيا إلى 250 ألف عامل سنوياً من أجل التغلب على النقص في العمال.
في أحدث إحصائياتها حول أوضاع اللاجئين السوريين في العالم، أشارت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن 75.2 % من اللاجئين السوريين يأملون في العودة إلى بلدهم ذات يوم، ولكن 69.3 % من هؤلاء لا يعتزمون العودة خلال مهلة سنة من الآن.
أسبابهم في التردد تتصدرها:
} الخشية من فقدان الأمن والأمان.
} واحتمالات التعرض لأخطار مختلفة مثل الاعتقال.
} أو التنكيل.. أو إجبارهم على أداء الخدمة العسكرية.
} الأسباب الأخرى تدور حول تأمين سكن وعمل ومصدر للعيش.
هذه الضروريات باتت صعبة على المقيمين في سوريا، ومن الطبيعي أن تكون أصعب على العائدين من تغريبة الشتات السوري.
copy short url   نسخ
22/08/2019
1035